صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

الحسين ( عليه السلام ) قضيّتنا
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كربلاء قضيتنا ، وبالمفهوم العرفي العشائري بمعنى ( طلابتنه ) ، هكذا هي في الحقيقة الدينية وعلى مستوى الوعي والتفكير ، وهكذا ينبغي أن تكون على مستوى التطبيق وفي إطار الأداء الحسيني الخارجي المتنوع .. ولزيادة التوضيح نقول : أن المؤمن المفجوع بكربلاء يقع عليه ثلاثة أمور أساسية :

الأمر الأول / الإحياء والإقتداء : فينبغي ان تبقى كربلاء حيّة في عقولنا ونفوسنا ومشاعرنا ، نحييها كفكرة وعقيدة ، ونحييها كدمعة وحزن ومظلومية ، وأن أعلى أشكال ومستويات الإحياء هو الإقتداء والالتزام بمبادىء كربلاء ، فكربلاء تشمل كل ماهو مبدأ والتزام إنساني أولاً ، وكل ما هو الهي ورسالي وديني ثانيا .. ينبغي ان نفهم ونُفهم العالم بأن عاشوراء عنوان لا ينحصر بجغرافيا وتاريخ كربلاء يوم العاشر من محرم لسنة ٦١ للهجرة ، وانما يتسع لكل جغرافيا الإنسانية ويستوعب زمانها الأبدي .. فالحسين هو وارث الأنبياء وقضيته وارثة رسالات السماء ..

الأمر الثاني / الدفاع عن كربلاء : فإذا كان الواجب الأول يُعنى بتفعيل ما به احياء كربلاء وجعلها تعيش في تفاصيل حياة الفرد والمجتمع ، فإن الواجب الثاني يُعنى بقلع واستبعاد ما به الاساءة الى كربلاء او تضعيفها في ضمير وحياة الأمة او إماتتها نهائياً لا سامح الله . كربلاء من وجهها الآخر صَنعها آل ابي سفيان باعتبارهم ورثة كل جبهات وحركات الباطل على هذه الأرض ، والتي طالما واجهت جبهة الحق وقاتلت قادته ، كربلاء من هذه الجهة هي محاولة إماتة وحي السماء وإضعاف إرادتها ، ولهذا نجد أن السيدة زينب عليها السلام كانت دقيقة في كلامها وفي وصف هذا المعنى وهي تخاطب يزيد عليه لعائن الله : ( فكِدْ كيدَك ، واسْعَ سعيَك ، وناصِبْ جهدك ، فوَاللهِ لا تمحو ذِكْرَنا ، ولا تُميت وحيَنا ، ولا تُدرِكُ أمَدَنا ، ولا تَرحضُ عنك عارها ، وهل رأيُك إلاّ فَنَد ، وأيّامك إلاّ عَدَد ، وجمعك إلاّ بَدَد !! يوم ينادي المنادي : ألاَ لَعنةُ اللهِ علَى الظالمين ! فالحمد لله الذي ختم لأوّلنا بالسعادة ولآخرنا بالشهادة والرحمة ، ونسأل الله أن يُكملَ لهم الثواب ، ويُوجِبَ لهم المزيد ، ويحسن علينا الخلافة ، إنّه رحيمٌ ودود ، وحسبُنا اللهُ ونِعمَ الوكيل ) .

الأمر الثالث / ثارات كربلاء : فالحسين عليه السلام ثأر الله ، ودمه لا زال يفور ، والجاني لم يُقتص منه بعد .. فلا بد من أخذ الاجراءات اللازمة للتسجيل بقائمة المطالبين بدم المقتول بكربلاء ، هذه القائمة التي سيكون على رأسها الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف .. ولا نتوقع ان الجاني ينحصر بفرد او بأسرة او بجهة ، وانما الجاني هو عبارة عن ظاهرة ، والجاني يمثل طبيعة تفكير وشكل من أشكال التلبّس بالإسلام وبالدين عموماً ، ونوع من أنواع المسخ البشري للإنسانية ، فالجناية لها دوافع ، ولها غطاء فكري وغطاء ديني مزيّف واغطية متعددة تتلبس بها ، ولها أدوات وأساليب ووسائل تعمل من خلالها ، الاقتصاص من المجرم لا يعني أننا اقتصصنا من الجريمة ..!!

وطلب الثأر هو عقيدة وهو ثقافة إيمانية ايضاً عملَ على ترسيخها ونشرها والعمل بها أهل البيت عليهم السلام ، فيروي علقمة أنه قال للامام الباقر عليه السلام عندما أمرهم بندبة الامام الحسين ع : قُلْتُ : وَ كَيْفَ يُعَزِّي بَعْضُنَا بَعْضاً ؟ قال : " تَقُولُ : عَظَّمَ اللَّهُ أُجُورَنَا بِمُصَابِنَا بِالْحُسَيْنِ عليه السلام ، وَ جَعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنَ الطَّالِبِينَ بِثَأْرِهِ مَعَ وَلِيِّهِ وَالْإِمَامِ الْمَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ .." . وسائل الشيعة: 14 / 509

وجاء في تفسير قوله تعالى : ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ﴾ الأسراء ٣٣ ، عن الإمام الصادق (ع) : أنها نزلت في الحسين (ع) ، فلو قتل به أهل الأرض لما كان مسرفا . الكافي ج 8 ص255 ، بحار الأنوار ج44 ص219

الغاية من هذا الموضوع هو الإشارة الى ضرورة توسيع أفق الإحياء الحسيني وزيادة أبعاد الخدمة الحسينية ، وكذلك تصنيف مستوى الاداء والواجبات الملقاة على عواتقنا اتجاه كربلاء وعاشوراء ، لأن حصر الاهتمام ببعض الأمور دون الأخرى قد ينسي بعض الواجبات ويضيّق من مساحة العمل ويقلل من حجم تغطيتها نوعاً وكمّا ..

الاستحقاقات الحسينية كثيرة ، وهي في تزايد مستمر وخاصة مع تزايد مساحة الباطل وتبنّي الشر من قبل دول كبرى واتفاق عالمي شبه مبطن على كل ذلك التراجع الروحي والأخلاقي الذي تعيشه البشرية .. فالظلامات كثيرة ومصائب الشعوب كبيرة في قبال عمل قليل ومتواضع في جبهة الدفاع عن الحق وأهل الحق للأسف الشديد ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/08/24



كتابة تعليق لموضوع : الحسين ( عليه السلام ) قضيّتنا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net