صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

من أوراق كربلاء ( ٧ ) الورقة السابعة : بُكاء السماء
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بُكاء السماء : حزنها ، وهي حقيقة كونية ثبّتها القرآن الكريم بقوله : { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ } الدخان ٢٩ . ولو كانت السماء ليس لديها قابلية البكاء لما جاز نسبته اليها ، نعم ، بكاءها وحزنها يختلف عن بكاءنا وحزننا من حيث الطريقة والكيفية ..
ولتفاعل السماء مع بعض الأحداث البشرية على الارض مساحة واسعة في القرآن الكريم ، حيث تبيّن لنا عدد من الآيات علاقة وطيدة بين ظواهر سماوية - فلكية - وظواهر أرضية بشرية ، قال تعالى : { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَٰذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، وقال تعالى { فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عاليها سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ } .. وغيرها كثير .

فمن حيث المبدأ فإن انعكاس الظواهر البشرية على ظواهر فلكية ثابت وموجود ، وليس هذا منحصراً بالتفاعل السلبي وإنما يشمل الإيجابي ايضا ، قال تعالى { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } ..
ومن خلال الايات والروايات نعرف أنّ لتفاعل السماء كيفيات وأسباب ، ومن كيفياتها : ( المطرُ دماً ، احمرارها ، كسوف الشمس ، اشتباك النجوم ، رياح ، حجارة ، بركات .. ) ، وأما من أهم أسبابها : ظلم ، عصيان ، كفر عام ، ذنب كبير كقتل انبياء الله واولياءه .. أو في الجانب الايجابي كالتقوى ..

ولقد ذكرت لنا الأخبار من كلا الفريقين أن السماء تأثرت بقتل الحسين ع تأثراً كبيراً وظهرت عليها آثار مختلفة بعضها اختفى وبعضها لا زال موجودا :

+ في الميزان ، تفسير الاية ٢٩ من سورة الدخان : عن زرارة بن اعين عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال : " بكت السماء على يحيى بن زكريا والحسين بن علي عليهما السلام أربعين صباحا " ، قلت فما كان بكاؤها ؟ قال : " كانت تطلع حمراء وتغيب حمراء " .

+ عن علماء العامة : احمرّت السماء ستة اشهر بعد قتله عليه السلام - اي قتل الخسين ع - ثم لا زالت الحمرة تُرى بعد ذلك . انظر الصواعق المحرقة ص ١٩٠ - ١٩٤

+ عن أم سليم قالت : لمّا قُتل الحسين عليه السلام مطرت السماء مطراً كالدم ، احمرّت منه البيوت والحيطان . كامل الزيارات ص٧٩

+ومنها ما جاء في كتب العامة: «... أنبأنا خلف بن خليفة عن أبيه، قال: لما قتل الحسين اسودّت السماء، وظهرت الكواكب نهاراً حتى رأيت الجوزاء عند العصر، وسقط التراب الأحمر» [تاريخ دمشق لابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين : 354].

+ فقد جاء في كتاب (وقائع عصر الأنغلو ساكسون) الذي ترجمه ونقّحه ميشيل اسوانتون (MICHAEL SWANTON) وصدر في بريطانيا عام 1996 للميلاد وأعيد طبعه ثانية من قبل جامعة اكستر (Exeter) في ولاية نيويورك الأميركية عام 1998 للميلاد، جاء في الصفحة 38 من هذا الكتاب ما نصّه:

(685. Here in Britain there was Bloody rain, and milk and butter were turned to blood)
ومعناه: (في عام 685 ـ للميلاد ـ هنا في بريطانيا، مطرت السماء دماً وتحوّل الحليب والزبدة إلى دم أو صار لونهما أحمر).
وعند مقارنة هذه السنة الميلادية (685) مع السنين الهجرية، نجد أنها تطابق سنة 61 للهجرة

ولهذا نجد أن السيدة زينب عليها صلوات الله في خطبتها في الكوفة ثبتت هذه الحادثة الكونية وحذرت مما هو أشد منها ، قولها صلوات الله وسلامه عليها: (ويلكم أتدرون أي كبد لمحمد فريتم، وأي دم له سفكتم، وأي كريمة له أصبتم «لقد جئتم شيئا إدا، تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً» ولقد أتيتم بها خرقاء شوهاء...أفعجبتم أن قطرت السماء دما ولعذاب الآخرة أخزى

مع ورقة أخرى ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/08/23



كتابة تعليق لموضوع : من أوراق كربلاء ( ٧ ) الورقة السابعة : بُكاء السماء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net