صفحة الكاتب : سيف ابراهيم

هوبز ينتصر و روسو يحتضر !
سيف ابراهيم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ان النظم الديمقراطية التي يتغنى بها الغرب و يحاول تصدريها لكل ارجاء القرية الصغيرة و جعلها مثالا يحتذى به على انه الانموذج الامثل ، لا تكون صالحة في كل زمان و مكان لذلك نراها في كثير الدول تفشل كون الظروف عادة ما تكون غير مناسبة لنمو هذا الجنين الاشقر ابن العم سام .

و لو فرضنا جدلا انه ينمو من دون تدخل الانسان نباتا طبيعيا بفرض التشبيه كونه يماشي الفطرة و يماهيها ، علينا ان نعي جيدا ان ادوات هذا النوع من النظام في التعبير و التغيير انما تكون مختلفة و متباينة ، فمثلما تعتمد الانتخابات طريق و مسلك نحو التبادل السلمي للسلطة ، فانها بقبالة ذلك لا تحتكر هذه الطريقة فقط بل تعطي فسحة عظيمة لادوات تغيير اخرى كالتظاهرات و الاعتصامات و الاضرابات و كلها مكفولة محليا و دوليا ، دستوريا و حتى من خلال مبادئ حقوق الانسان و مواثيق المنظمات الدولية ، لذلك على الدول التي تتغنى بهذا النظام ان تؤمن بأحقية التعبير عن عدم القبول و السخط فيما اذا كان هناك انحراف على مستوى العقد المبرم بين السلطة و الشعب استنادا الى روسو و ليس الى ذاك المنحرف هوبز .

لذلك و استنادا الى مختلف النظريات و التنظيرات و الوقائع فان من حق كل الشعوب المطالبة بحقوقها بمختلف الطرق المشروعة عند اخلال طرف السلطة بالعقد المبرم بين الطرفين و لا يجب ان يلعن الشعب و يوصف بما لا يليق و لا يُقبل ، ان كانت السلطة مؤمنة بالديمقراطية فعليها الايمان الكامل و المطلق لا ان تؤمن فقط بما يتلائم و مصالحها ف ما لا يدرك كله يترك جله نعم و الا فلا .

ان تظاهرات الشعب العراقي عندما انطلقت انما كانت تمارس ابسط حقوقها في التعبير عن ضياع الحقوق و هدرها و العبث بمصير بلد يكتنز الخير و لا يعلمون اي يولي مهرولا نحو حيتان فساد ابى الا ان يهلكها قريبا باذنه تعالى .

بعد مرور ما يقارب على نصف الفترة التي حكمنا بها ذاك النظام البائد ، لم يرَ الشعب من الطبقة السياسة الحاكمة الحالية غير السوء و عظيم النهب و السلب الا ما رحم ربي ، لذلك فان خروجهم للشارع انما هو تلبية لنداء العقل و حب الوطن و الخوف من قادم يدفع اجياله القادمة عظيم الثمن ، انها صرخة جائع في حضرت سلطان جائر نعم انه الجهاد الاعظم .

ابو ذر الرجل الثائر يستغرب كيف من لا يجد قوت يومه ان لا يخرج شاهرا سيفه ! ، و تنفيذ عقوبة قطع اليد لمن سرق قد اوقفها احد الصحابة في ظل القحط و انعدام الامن الغذائي فالعيب لم يكن بالسارق بل بالسلطة التي لم ترعَ الحقوق و تحفظ للناس حق الحياة الكريمة .

لكن رغم ذلك لم يخرج الشعب اليوم شاهرا سيفه و لا حاملا سلاحه و لا مطالبا بما يعجز الحاكم عن ايجاده و تنفيذه ، لم يسرقوا و لم يعبثوا و ما ارادوا الا الصلاح و الاصلاح في امة قد ساء وضعها و اصبحت بالحضيض يوما بعد اخر .

ان انعدمت الكرامة فلا قيمة لعيش بعد اليوم و هوان يمضي العمر بهوان ، و الكرامة تحفظ بتوفير ابسط الحقوق و المستلزمات ، طالبوا بالخدمات و توفير فرص العمل لا اكثر و هي مقارنة بخيرات بلدهم هي مطالب لا تذكر بل فطرية يجب ان تكون ، من المهد يجب ان يتمتع بها كل فرد حتى يأذن الله بانقضاء اجله .

فبدلا من توجيه اللوم و التهم على المتظاهرين من قبيل المندسين و المخربين ، و هذا امر لا احد يستطيع ان ينفيه ، فكيف لا تتواجد هكذا فئة ضالة في ظل تظاهرات عفوية تشارك فيها مختلف طبقات المجتمع و بمختلف الميول و التوجهات ، تظاهرات بكل تأكيد سيحاول جرها نحوه ذاك المخرب بتوجيه او بعدم توجيه ، كيف لمن يطالب بحقه ان يعرف ذلك لا بل كيف له القضاء على من يريد اخذ التظاهرات لمآلات اخرى !! ، انه واجبكم ايتها السلطة ، مسؤوليتكم في تشخيص هؤلاء ، و واجبكم بتنفيذ المطالب كي يعود اصحاب الحق لبيوتهم آمنين .

لكن من يسمع ! ، و ان سمعوا من يهتم ، سلطة ختم الله على قلوبها ، فما عادت ترى الا الحق معها و الباطل لا يأتيها مطلقا ، المعيب فيهم كثير و رغم ذلك لا يعترفون و ان اعترفوا بفشلهم يزدادون بالمناصب التصاقا .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سيف ابراهيم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/07/23



كتابة تعليق لموضوع : هوبز ينتصر و روسو يحتضر !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net