صفحة الكاتب : جلال علي محمد

عراق المعاناة
جلال علي محمد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يمر العراق بمرحلة لعلها الأصعب منذ عقود خلت، ولعلنا لا نبالغ إن قلنا أنها الأصعب والأقسى في تاريخنا الحديث، فعندما كنا نطالع المناهج الدراسية كنا نقرأ عن الاحتلالين العثماني والبريطاني وكيف أنهما عاشا كطفيليين على جسم العراق كلّ يستنزف خيراته لسحق الآخر، حتى انتهى عصر الحكم العثماني وبدأت مرحلة جديدة من المعاناة للعيش تحت مطارق الفقر والبؤس والجهل كابد فيها العراقيون أقسى المحن.
لقد عرف العراقيون آنذاك عدوهم إذ لا تحتاج تلك المعرفة إلى أدنى تفكير أو تمحيص، وبالرغم من قلة التطور التكنولوجي ووسائل الاتصال الحديثة وافتقارهم لشبكات التواصل الاجتماعي وانعدام الفضائيات الصديقة والعدوّة أجمعوا أمرهم لمحاربته حتى انطلقت الحركات الجهادية واشتعل فتيل ثورة العشرين ضد الإنكليز ليرسموا لوحة ناصعة البياض تحكي قصة شعب ثأر لكرامته ودينه ومقدساته.
أما اليوم فإن الغرب ومن لف لفهم قد استخدموا وسيلة ذكية لم يكتب لها النجاح رغم وجود الجهل والفقر آنذاك عندما أطلق المستعمر عبارته الشهيرة (فرّق تسد)، والغريب أننا ندعي أن هناك مجتمعا يتسم بشتى أنواع الثقافات بسبب تسارع التطور العلمي، فلا أمّية بعد اليوم، ولا جهل نعيشه لوجود الشبكة العنكبوتية التي أتاحت للجميع إمكانية التطور الفكري فضلا عن توافر المكتبات الالكترونية الضخمة التي اختزلت كل الجهود للحصول على مختلف العلوم والمعرفة ومع ذلك نعيش التشرذم والتفرق والاحتراب الداخلي، ومن حقنا أن نسأل هل العيب في زمن العلم والتطور أم في الذين يعيشون ذلك التقدم العلمي والثقافي والمعرفي؟!!.. ولله در القائل:
نعيب زماننــا والعيب فينــا   وما لزمانــنا عيبٌ سوانــا
ونهجو ذا الزمانَ بغير ذنبٍ     ولو نطق الزمان لنا هجانا
              وليسَ الذئبُ يأكلُ لـحمَ ذئبٍ      ويأكلُ بعضنا بعضاً عيانا
فاليوم نعيش تعدد الأعداء وتعدد وسائله.. هذا ما أراده المحتل، فقد انتهت مرحلة الاحتلال الجغرافي واستبدلوها بالاحتلال الفكري، فإن أردت أن تسيطر على الشعب.. ما عليك إلا أن تغسل الأدمغة، فبدلا من التخندق في جبهة واحدة للمواجهة كما كان سابقا منذ عقود،  زرعوا الأعداء في كل مكان، في المؤسسات الحكومية والتربوية والقضائية، في الأزقة والشوارع والأسواق، في المدينة والقرية والناحية، في مناطق العاصمة والمحافظات، كلّ له سلاحه الخاص، فمنهم من يحاربك بالدين وآخر يحاربك بالقانون وثلة تحاربك بالجشع واحتكار السلع، تجدهم منتشرين في الأماكن الدينية وتحت قبة البرلمان والجامعات والدوائر الرسمية والمجمعات التجارية، فما أن تنتهي جبهة حتى تُفتح أخرى، وباكورة كل هذه المواجهات هي حرب (داعش)، لذلك قلنا في بداية المقال: يمر العراق بمرحلة لعلها الأصعب منذ عقود خلت، ولعلنا لا نبالغ إن قلنا أنها الأصعب والأقسى في تاريخنا الحديث.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جلال علي محمد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/25



كتابة تعليق لموضوع : عراق المعاناة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net