صفحة الكاتب : مير ئاكره يي

تفسير الآية السابعة عشر من سورة الحج
مير ئاكره يي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نص الآية الكريمة : 
 { إنَّ الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا * إن الله يفصل بينهم يوم القيامة * إن الله على كل شيء شهيد }
 
التفسير : 
في هذه الآية الحكيمة ذكر الله تعالى خمس ديانات مختلفة ، هي الاسلام ، اليهودية ، الصابئة ، النصرانية والمجوسية التي تعرف اليوم بالزرادشتية ، والزرادشتية نسبة الى زرادشت النبي - عليه الصلاة والسلام - . هذه الديانات كلها ديانات سماوية وربانية وتوحيدية بالأصل ، وقد جعلها سبحانه الواحدة تلو الأخرى من حيث الترتيب ، فبدأ بالاسلام ، حيث الذين آمنوا به ، ثم اليهودية والصابئة والمجوس ، وفي الأخير جاء ذِكْر المشركين بعيداً عن الديانات السماوية المذكورة ، وبعيداً عن أتباعها ومؤمنيها ، حيث الله تعالى يحكم ويفصل بينهم جميعاً يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ، وهو سبحانه شاهد وشهيد - بلا شك - على كل شيء ، وهو تعالى عليم بكل شيء بالقطع واليقين . 
في هذه الآية الكريمة تتجلّى العديد من القضايا الهامة ، وهي :  
1-/ كما قلت قبل قليل إن الله تعالى قد فرَّق ومَيَّزَ الديانات السماوية المذكورة ومؤمنيها من العقيدة الشركية ، ومن المشركين أيضاً ، إذ جعل سبحانه الديانات السماوية المذكورة في الآية كلها في صفٍّ واحد ، بعدها جعل المشركين وعقيدتهم في صف آخر مغاير ، والسبب هو إن الديانات اليهودية والصابئة والنصرانية والمجوسية - الزرادشتية هي بالأصل ديانات سماوية - ربانية وتوحيدية ، ثم هم أهل كتب سماوية بالأصل ، ومن بعد هم أصحاب نبوة    
 2-/ لم يذكر الله تعالى الديانات بإسماء أنبيائها - عليهم – السلام -  بل ذكرهم بأصل التسمية ، مثل النصرانية والمجوسية ، لأن نسبة الديانات الى الأنبياء هو خطأ في الاسلام ، لأن أنبيائها لم يكونوا إلاّ مرسلين بما كُلِّفوا به من قِبَل الله عزوجل في تبليغ الرسالة وأداء المهمة والأمانة للناس ، أي لأقوامهم الذين بُعثوا اليهم . لهذا ذكر الله تعالى النصرانية بدلاً من المسيحية ، حيث هي تسمية مستحدثة ليست لها خلفية تاريخية ، وهكذا ذكر سبحانه المجوسية بدلاً من الزرادشتية ، حيث هي أيضاً تسمية مستحدثة ليس لها جذور تاريخية .
3-/  للناس الحرية وحق التدين في هذه الدينانات ، حيث الحَكَم والحُكْم والحاكم والقاضي والفيصل والمرجع النهائي والأخير بين هذه الديانات ومؤمنيها ، وبين خِلافاتهم وآختلافاتهم هو الله تعالى تعالى فقط ، لاغيره على الإطلاق ، حيث هو سبحانه يقضي ويحكم ويفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ، حتى المشركون هم داخلون في هذا الحكم الكلي والنهائي لله تعالى في يوم الفصل الأخير ، أي يوم القيامة ، وذلك بنص هذه الآية الحكيمة ! .
في القرآن الكريم ، في الكثير من الآيات نلاحظ بوضوح هذه الحرية في المعتقد ، وهذا الإختيار في الإيمان ، أو اللاإيمان ، حيث في ذلك تتجلَّى عظمة الاسلام وحكمته وإنسانيته ... على هذا الأساس لم تتعرَّض الديانات ولا أتباعها الى القمع والإستئصال في طول تاريخ المسلمين ، بل كانوا وما زالوا ، مثل الديناتا اليهودية والمسيحية والصابئية والزرادشتية والإيزيدية !! . 
يقول الله تعالى في آية حكيمة أخرى مخاطباً رسوله الصادق الأمين محمد - عليه أفضل الصلاة والسلام - : { ولو شاء ربُّك لآمن مَنْ في الأرض كُلُّهم جميعاً ، أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ الناس َ حتى يكونوا مؤمنين } ؟ يونس / 99
التفسير : يقول الله تعالى مخاطباً رسوله المريم محمداً بأنه لو شاء ربه المتعال لآمن جميع الناس ولجعلهم مؤمنين ، فهل أنت تكره وتجبر الناس حتى يكونوا مؤمنين ..!!؟ . بالحقيقة هذا خطاب عالي جداً ، وهو متعالي جداً ، وهو خطاب مشحون بالحِكَم والدلالات والأبعاد الهامة على مستوى الدين والانسان والحقوق والحرية في المعتقد ، وفي حرية التديُّن ! . 
إذن ، اذا خاطب الله تعالى رسوله وحبيبه محمداً بهكذا خطاب واضح وبيِّن ، واذا لم يكن لرسول الله محمد - ص - الحق في إكراه أحد على الإيمان ، فكيف يتصرَّف البعض خلافاً لتعاليم القرآن الكريم ونقضاً لها ، بخاصة خوارج العصر الجدد !!! .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مير ئاكره يي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/02



كتابة تعليق لموضوع : تفسير الآية السابعة عشر من سورة الحج
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net