صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

غابت الثقافة وانتحر المثقف!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 المتتبع للكتابات المقروءة أكثر في الصحف والمواقع العربية , يتبين له وبوضوح صارخ , أن الكتابات الأكثر قراءة هي المكتوبة بأساليب ركيكة وأخطاء نحوية فظيعة , والتي تتناول موضوعات باهتة خلاصتها قال فلان وصرح علان , وتتميز بالشخصانية والفئوية والطائفية واللاوطنية , وتعزيز تمييع الهوية وقتل العروبة والدين.
 
وهذا يشير إلى فاجعة حضارية عربية مروّعة تسعى للمحق المطلق لكل ما هو عربي وإسلامي قويم , وتدفع لتحويل العرب إلى موجودات مذعنة تابعة , وذات قدرات لإفناء ذاتها وموضوعها وبإندفاعية هائلة , ومعتقة في أوعية الحرمان والظلم والإقصاء والتطرف المهلك المهين.
 
ولا يمكن للكتابات الوطنية والإنسانية أن تجد لها قراءً مهما حاول كتابها الجد والإجتهاد , والتفاعل العلمي والموضوعي مع المفردات التي تتحرك في الواقع , الذي يُراد له أن يكون مستنقعا متعفنا وتنطبق عليه قوانين المستنقع بحذافيرها.
 
وهذه من أهم الأسباب التي حدت بالعديد من المثقفين الوطنيين الإنسانيين العرب الشرفاء النزهاء إلى التخلي عن التواصل مع النشر , مما أسهم في زيادة العفونة والنتانة السائدة في العديد من  المواقع والصحف الممولة , التي تريد أن يشعر العربي بالذل والهوان ,  ويستلطف دور الضحية ومناهج التوسلات والخنوع , والضلوع في الفساد والآثام والخطايا المذلة المتوافقة وإرادة الآخرين.
 
والمقالات الرائجة تخدم الهدف الأساسي وهو تجريد العربي من إنسانيته وهويته وعلاماته الفارقة , وتحويله إلى رقم وموجود يستهلك ولا يفكر بالإنتاج , ومنزوع القوة والقدرة على تحقيق أي شيئ جديد , وذلك بتنمية مشاعر الدونية , وحشوه بالأفكار السلبية والتصورات الإهلاكية الهادفة إلى إقناعه بأن سبب ما يعانيه هو لغته ودينه وكونه عربي , وعليه أن يتخلى عن ذلك ويكون كما يُراد له أن يكون , جاهلا بلغته وممعنا في الضياع والتشرد والغياب.
 
ولهذا أصبح الوعي العربي السائد في هذا الزمن التضليلي الإذلالي البهتاني ,هو المتاجرة بجوهر الوجود العربي وما يمت بصلة لقوته وعزته وكرامته , حتى صرنا نقرأ لمن يكتبون بالعربية ما لا يجرؤ على كتابته حتى أعداء الأمة والدين , فتحوّل السلوك المنكر الآثم إلى حالة مقبولة ومسوّغة ومعززة بإرادات فئوية وحزبية وإقليمة وعالمية , والناس تمضي إلى مجزرة التأريخ المعاصر بمشيئتها وتبعيتها وإذعانها , وتنفيذها لدعوات الشياطين المعممة وتجار البشر بالدين.
 
وصار المثقف الأصيل يأبى أن يلوث كتاباته في هذا المستنقع الآثم الرجيم , وهذا هو المطلوب , أن يبتعد المثقفون عن ساحة بناء الرأي والعقل , وترك الأجَراء والممولين ومرتزقة الأقلام بالقيام بواجباتهم المطلوبة , وفقا للمشاريع المسمومة المرسومة المبرقعة بالدين , وغيره من الماركات والأغلفة البراقة وآليات التسويق المغرية الخدّاعة.
 
وما دامت هذه المقالات السمجة هي الأكثر قراءة ورغبة , فأن القول بأي صيرورة ذات قيمة عربية حضارية معاصرة أشبه بمطاردة سراب , فالمجتمع هو الذي يساهم , بوعي منه أو لا وعي , في تحقيق ما يصيبه من النكبات , وتلك معادلة متوازنة لا تتبدل أبدا!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/14



كتابة تعليق لموضوع : غابت الثقافة وانتحر المثقف!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net