صفحة الكاتب : جواد العطار

بين الديمقراطية والفوضى
جواد العطار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 حينما اجتمعت قيادة التحالف الوطني للبحث في التظاهرات الشعبية الواسعة التي انطلقت في آب من العام الماضي بحضور كافة القوى السياسية المنضوية فيه ورئيس مجلس الوزراء ، كان التحالف في وقتها يمارس دوره الدستوري باعتباره الكتلة البرلمانية الاكبر والاكثر تأثيرا ومن شكلت الحكومة ورشحت رئيسها وفق استحقاقات انتخابية وضعتها في المقدمة ، فقد كانت تبدو آنذاك منسجمة وموحدة سياسيا في المواقف والرؤى والتصريحات وقادرة على مواجهة الأزمات والتحديات... لكن شتان ما بين الأمس واليوم؛ فالتحالف الوطني لم يستطع ايجاد حل للازمة البرلمانية وازمة الإصلاحات التي سبقتها وذلك يرجع الى انه:
1. ابتدأ على شكل تحالف انتخابي اجتمع ليحصد اصوات الاغلبية المظلومة بوعود الرفاهية والبناء والعيش الكريم. 
2. تحول الى تجمع سياسي داخل البرلمان ليتمكن من تشكيل الحكومة ، لكنه افتقد الى البرنامج اللازم لادارة الدولة ، وعجز عن تقديم الخدمات لناخبيه او تحقيق آمالهم وتطلعاتهم او جزء يسير مما وعدهم به.
3. شكل الكتلة البرلمانية الاكبر التي كانت قائمة اصلا على المحاصصة وتقاسم الغنائم (المناصب) ، فقد دخلت الارقام الانتخابية في طريقة توزيع الوزارات والمناصب العامة فأصبحت الحكومة الجديدة برئاسة العبادي؛ حكومة محاصصة واحزاب وليست حكومة شعب وتكنوقراط.    
هذه التحولات المرحلية التي جاءت رد فعل لمواقف سياسية ومصالح ضيقة افقدت التحالف الوطني قدرته على المناورة بل وصل الامر به الى انه لم يتمكن من صياغة نظام داخلي ، ولم يتمكن اصلا من انتخاب رئيس له.. فكيف به الحال ان يجد حلا لازمات البلد التي اصبح هو سببا فيها ، خصوصا حينما تشظت مكوناته بين نواب معتصمون ضد الرئاسات ونواب موالون للسلطة والرئاسات.. ليتحول باختصار الى سبب رئيسي للازمة السياسية في البلاد في حين يفترض ان تكون الغاية من تشكيله قيادة البلد الى بر الامان وحل الازمات التي تواجهه لا ايجادها وتعميقها.
واذا كانت مكونات التحالف الوطني هي اطراف الازمة الحالية ، فان ذلك لا يخلي مسؤولية القوى السياسية الاخرى من خارجه وبالذات تحالف القوى والكردستاني لانهما بدلا من ان يكونا شريكين سياسيين دخلا في ائتلاف حكومة العبادي المحاصصاتية ، الا انهما كانا غير محايدين بتاتا تجاه سقف المطالب العالي للمشاركة في تشكيل الحكومة اولا؛ والوقوف الى جانب العبادي في الازمات التي واجهته ثانيا؛ وثالثا تغليب المصالح الفرعية طائفية وقومية على المصالح الوطنية وفي اكثر من ازمة.. مما جعلهما سببا آخر يعمق من مستوى الازمات ويعقدها.. ووفق هذا المنظور ليس هناك بريء من المسؤولية؛ فالكتل السياسية جميعها تتحمل ما آلت اليه الاوضاع اليوم ، مثلما يتحملها رئيس مجلس الوزراء. 
لكن المشهد السياسي ما زال بسيطا غير معقد مثلما يتصور الكثيرون ، انه بسيط وواضح الى درجة نشبهه بتعبير مجازي للرئيس المصري الاسبق مبارك في اول خطاب له بعد التظاهرات الكبيرة في المدن المصرية التي صدمته وسبقت اسقاطه بأسبوعين حينما وصفها بالقول:
ان هناك خيط رفيع بين الديمقراطية والفوضى ، وصف نفسه ونظامه بالديمقراطية؛ والشعب ومطالبه بالفوضى.. ونحن على ثقة بان هذا الخيط الرفيع موجود في العراق وواضح لدى المرجعية والشعب ، لكنه غامق عند السياسيين الذين يشبهون مبارك حينما يجدون في التئام البرلمان او انعقاد مجلس الوزراء بنصابه القانوني هو نهاية المطاف وحل الازمة.. ويجافون الحقيقة بالانقسام الى فريقين " اصلاح وشرعية " ، بينما المطالب بالاصلاحات والقضاء على المحاصصة التي اوصلت البلد الى حافة الهاوية وتوفير الخدمات للمواطن والقضاء على الفساد واضحة وبارزة ولا يختلف عليها احد ، وجميعها مطالب منطقية لا تحتاج الى انقسام على شخص رئيس البرلمان او فريقين سياسيين؛ فلماذا !! وعلى ماذا الاختلاف إذن؟.  

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جواد العطار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/21



كتابة تعليق لموضوع : بين الديمقراطية والفوضى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net