صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

أيها العراقيون كونوا بوطنكم إخوانا!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

العراق بلد جنت عليه الجغرافية وفتك به النفط , وقد أغفل العراقيون هذين العاملين في تقرير مصيرهم وتنمية أوجاعهم وإفتراسهم عن بكرة أبيهم!!

فالبلد محاط بالجيران الطامعين بالإنقضاض عليه وإمتلاك ما فيه , وتحويله إلى موقد تلتهب فيه جمرات الويلات والتداعيات وتنتشر المآسي والأحزان.

فالجار الشرقي لا يرحمه ويسعى لإمتلاكه , وكذلك الجار الشمالي , أما الجيران العرب في الجهة الغربية والجنوبية الغربية والجنوبية , فهم الذين أسهموا أعظم الإسهام في الإستثمار بخرابه وتدميره.

ومنذ 1979 وحتى اليوم والبلاد تغلي على مواقد الحروب والتفاعلات التدميرية المروعة , حرب لثمان سنوات , سانده فيها جميع العرب إلا سوريا وأوهموه بأنه الحارس الأمين للبوابة الشرقية لبلاد العرب أوطاني , وبعد أن أدرك ما حلّ به وكيف إنزلق إلى براكين الوجيع , إنبعج جنوبا , فاستحضر طاقات العرب والدنيا التدميرية للإنقضاض عليه.

وللتأريخ لا بد من الإقرار بأن الجزائر وتونس والمغرب هي الدول الوحيدة التي لم تشارك في صناعة مأساة العراق , بل أن الجزائر فقدت وزير خارجيتها في محاولاتها لإطفاء نيران الحرب بين العراق وإيران , وربما قد فقد رئيسها بسبب ذلك أيضا.

وكانت سوريا على العراق خلال حربه مع إيران , وصار العرب المحيطون بالعراق جميعا وحتى مصر على العراق مع العالم في حرب الخليج الثانية , وأسهم العرب في تدمير العراق بجيوشهم ومطاراتهم وقواعدهم وإعلامهم وتمزيقهم للمجتمع.

وفي حرب الخليج الثالثة كان العرب , والخليجيون خصوصا وبلا إستثناء مع تفاوت في حجم الأدوار , الركن الأساسي الفاعل في إحتلال العراق وتدميره , وإشاعة الفوضى والصراعات التي إنطلقت فوق ترابه.

ومنذ 2003 وحتى اليوم والعرب يشاركون في تحطيم العراق وتدميره بالكامل , فسوريا أسهمت بقوة في تحقيق الإضطرابات وتوالي الإنفجارات حتى 2011 و وقد تم تهديها بالشكى لمجلس الأمن من قبل رئيس الوزراء السابق.

فبعد 2003 أصبح العراق فريسة مضرجة بالدماء , تكالبت عليها جيرانها السوابغ , وكل مَن وجد فرصة للإمساك بلقمة وجيع , فأصبح المجتمع ممزقا ومعسكرا ضد بعضه وبجهود وإمدادات عربية وأجنبية , وتحول المجتمع إلى مجاميع ومقاطعات تمولها هذه الدولة أو تلك.
فلا جار بريئ من تداعيات العراق , الجميع يسعون نحو مصالحهم , إلا العراقيون الذين تحولوا إلى أعداءٍ لبعضهم ولذاتهم وموضوعهم , فوقعوا جميعا في أسر الآخرين , وصار مصيرهم محكوم بتحقيق مصالح غيرهم الذين يساندونهم.


ووفقا لهذا عمّ الإضطراب وتسيّد الخراب والدمار , وإنتشر إعلام الكراهية والبغضاء , وصار التخاطب بفوهات البنادق والمتفجرات , وتناسى العراقيون وطنهم العراق , وصار لكل منهم وطن فئوي متصاغر يتوهم بأنه سيأويه , ويتناسى بأنه صار رهينة لجيرانه الضواري وإخوانه العرب الأعداء, كما تم إستخدام الدين والمتاجرة به للضحك على عقول الأبرياء والبسطاء وإستعبادهم وتسخيرهم لأهداف الشر والسوء.

وفي هذا المأزق المصيري العراقي , على جميع العراقيين أن يستيقظوا من رقدة الهلاك والإهلاك , ويفكروا بصدق وعزيمة وإرادة جامعة بمصالحهم وما ينفعهم , فلا جار ينفعهم ولا دولة عربية سترحمهم , ولن يساعد العراقيين وينقذهم ويصلح أمرهم ويمنع عنهم البلاء , إلا العراقيون أنفسهم .

لا أحد يرحمكم أيها العراقيون إلا أنتم , فاعرفوا مصالحكم وكونوا بوطنكم إخوانا متحابين ومؤزرين بقدرات الألفة والتفاعل الوطني المتين.

لا أحد ينفعكم , لا جار شرقي أو شمالي أو دولة عربية , مهما توهمتم , فالتأريخ البعيد والقريب يؤكد وبتكرار وتوافق أن الجميع يطمعون في العراق , ويريدونه , وذلك هو قدره الجغرافي ومأزقه النفطي , ومعضلته السياسية.

فاعتمدوا على أنفسكم وتعاضدوا واعتصموا بحبل التكاتف والتعاون , والتراحم واعزموا على البناء وصناعة سبيكة الوطن العزيز , التي تقاوم أصعب التحديات وتصنع المستقبل اللائق بكم , فالإرادة الوطنية الصادقة العازمة المؤمنة لا تعرف المستحيل , ولنتأمل المجتمعات الأوروبية كيف كانت ثمّ صارت.

نعم أيها العراقيون لا أحد ينفعكم أو يرحمكم , إلا أنتم فكونوا بوطنكم إخوانا!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/10/13



كتابة تعليق لموضوع : أيها العراقيون كونوا بوطنكم إخوانا!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net