صفحة الكاتب : مهند حبيب السماوي

بريطاينا ...وابو قتادة...صراع التحضر والتطرف !
مهند حبيب السماوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 إطلاق سراح ابو قتادة خلال اولمبياد  لندن قد يكون امرا مسببا للمشاكل على نحو استثنائي ...
بهذا العبارة حسم القاضي في المحكمة العليا في لندن طلب محامي المتطرف ابو قتادة اطلاق سراح الاخير الذي تم احتجازه بطلب من وزير الداخلية البريطاني ثيريزا ماي ...والذي قضت مفوضية الاستنئاف الخاصة للهجرة The Special Immigration Appeals Commission (SIAC)  قبل شهرين حول موضوع الاحتجاز بان " احتجاز هذا الشخص امر قانوني" لاغبار عليه.
هذا القرار التي تم بحق هذا الشخص المزعج الذي اصبح وجوده في بريطانيا ، في راي اغلب البريطانين، عبئا ثقيلاً، قد ادى الى اطلاق سيل من التصريحات القانونية والسياسية بين وزارتي الداخلية والجهات القضائية من جهة وبين محاميه من جهة اخرى .فقد أكد المتحدث باسم الداخلية بان ابو قتادة شخص خطر ونحن نتمنى من المحكمة العليا ان توافق على ابقاءه في السجن من اجل تحقيق الغاية وهي طرده من بريطانيا بالسرعة الممكنة..وأن هنالك تطمينات من الحكومة الاردنية بانها سوف تسمح لنا بالقيام بذلك.
من جهة اخرى لم يقبل محامي ابو قتادة  بهذا الحكم ووجد بأنه محتجز منذ سبع سنين و" انها فترة طويلة من الاحتجاز الاداري ولم نسمعه بها لحد الان كما نعرف في التاريخ الانكليزي الحديث " على حد تعبير ادورا فيتزجيرالد من غير ان يقف عند ماقام به ابو قتادة او ماحرّض عليه او ما قاله في خطبه من عبارات تحث على الكراهية والارهاب والحقد على الاخر بشكل ينافي مبادئ اللجوء والمواطنة التي منحتهما له بريطانيا.
وقد ردت الحكومة البريطانية عبر مستشارها السيد روبن تام بالتأكيد على أن ابو قتادة فرد خطير جدا وهو موجود في مركز فعاليات ونشاط الارهاب في بريطانيا المرتبط بالقاعدة وأن اساس بقاءه في الاحتجاز امر صحيح " بل ان اطلاق سراحه حتى لو كان بكفالة قد يؤدي الى هروبه واختفائه الى جهة غير معلومة".
ابو قتادة الذي لديه انصار من المتطرفين الذين يعيشون خارج التاريخ وبعيدا عن الحضارة كعادة اغلبهم ان لم اقل جميعهم كان قد حكم عليه غيابيا في الاردن بسبب تورطه باعمال ارهابية عام 1998 ويواجه الان اعادة محاكمة في بلده، وهو متهم بالقيام او بالتحريض على القيام هجمات ارهابية ومحتجز تحت حماية مشددة في سجن لونك لارتن في مدينة ويرسيستر شير.
المدهش في الأمر ان التقارير البريطانية الرسمية تشير الى أن هذا الشخص الذي اصبح مصدر ازعاج للمواطنين البريطانيين قد كلف الحكومة الربيطانية اكثر من ثلاثة مليون جنيه سواء اجور محاماة قانونية او احتجازه في السجن بحماية امنية عالية او مراقبته تحت شروط صارمة.
الخبر الذي ورد في صحيفة الديل ميل البريطانية الأسبوع الماضي قد احدث جدلا بين القراء المعلّقين، اذ تفاعل القراء مع الخبر وكان لديهم اراء تصب اغلبها في العتب على الحكومة التي تتساهل مع هكذا شخصيات توصف بانها ارهابية وتثير الحقد والكراهية ضد الانسان فقال أحدهم متهكما بان ابو قتادة سيضل لعشر سنوات اخرى في بريطانيا !
ويقول معلّق اخر  سواء كان لدينا أولمبياد ام لم يكن فأن هذا الشخص يجب ان يبقى في السجن ويؤكد ثالث بانه " متاسف وجدا مصدوم لاني ارى هذا الشخص لم يرحل لحد الان" في حين راي رابع بان التعامل مع هذه الشخص يجعل " العالم يضحك علينا " فهو يستانف كل مرة قرار المحكمة ومنذ سنوات ...فمن  ياترى يدفع للمحامين ؟.
هذه القضية تكشف على نحو جلي وفاقع ديمقراطية بريطانيا وتعاملها الاستثنائي مع هذا الشخص من جهة ولاعقلانية أبو قتادة ونموذجه من جهة أخرى ، فبريطانيا تتعامل بشكل أنساني مع هكذا شخصيات مثيرة للجدل لاتتعامل نفسها مع بريطانيا ومواطنيها بشكل انساني مع العلم ان هذا الشخص قد تم طرده من بلده الاصلي الاردن، وذهب للكويت ومنها  سافر إلى بريطانيا في 1993 بجواز سفر إماراتي مزور، ليطلب اللجوء بحجة اضطهاد الديني الذي منحته لهوعاش فيها بأمان وعاملته كانسان بريطاني له حقوق وعليه واجبات.
وفي الواقع أن بريطانيا تتعامل مع هذا الشخص بكل قانونية وتدخل معه في نزاع قانوني حول بقاءه في الاحتجاز وتوفر له محامين للدفاع عنه مع العلم ان اسمه كان ضمن القرار الدولي رقم 1267 الصادر من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة الذي صدر في عام 1999 والذي يختص بالأشخاص والمؤسسات التي لها علاقة  بالقاعدة أو حركة طالبان الارهابية.
بريطانيا تفعل ذلك مع هذا الشخص وهي قد اكتوت بنار الارهاب الذي ضربها في 7 يوليو 2005  وراح ضحيتها الكثير من الابرياء في حين ان دول اخرى لو تعرضت لنفس ماتعرضت له بريطانيا من هجمات ارهابية لطردت، ربما، جميع الذين لديهم صلات من قريب او بعيد مع الحركات الارهابية.
 
بريطانيا تمنح مثل هذا الشخص لجوئا وهو يعتبر مطلوباً من قبل حكومات الأردن، الجزائر، بلجيكا، فرنسا، الولايات المتحدة، إسبانيا، ألمانيا وإيطاليا !
 
بريطانيا تمارس التحضر والمدنية والقانون ومبادئ حقوق الانسان مع شخص ليس له اي علاقة بالتحضر ولا المدنية ولايعترف بالقانون ويفسر مبادئ حقوق الانسان حسب هواء ...لذا فليس الصراح والخلاف بينهما " مع انهما ليسا طرفين متكافئين..فهذه دولة كبرى وهذا شخص مغمور" سوى صراع التحضّر بكل مضامينه مع التطرف بكل بؤره الفاسده !
 
الاسئلة البريئة التي تداهمنا الان:
 
الا يشعر ابو قتادة وامثاله بالخزي مما يفعلونه ويحملونه من افكار تسيء لدول مثل بريطانيا تعاملت معه بانسانية واحترمته وترفض ان تسلمه لدول يعتبر ابو قتادة مطلوب لها ؟
 
هل من ضمير حيّ يستقيظ عند امثال هؤلاء المتطرفين وهم يحرضون على الكراهية في بلدان تعاملت معهم بكل حب وود وانسانية ؟
 
وكيف تتقبل اخلاقيات هؤلاء المتطرفين ان ينتهكوا قوانين بلدان اوربية مثل بريطانيا لجأوا اليها  واحتضنتهم بفعل قوانينها وتشريعاتها ؟
 
اليس من حق بريطانيا وكل دولة ان تطرد اي مواطن او لاجئ تشعر انه اصبح مصدر تهديد لامنها القومي ولاستقرار بلادها وأمن مواطنيهم من غير ان تدخل في جدال قضائي وسجالات قانونية تمنح المتهم الحق في البقاء في ارضها على الرغم مما يفعله من موبقات ؟
 
انها اسئلة نوجهها لهؤلاء المتطرفين ممن ليس لديهم اذان يسمعون بها او قلوب يفقهون بها الكلام الهادئ والخطاب الموضوعي والجدال البنّاء ...
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مهند حبيب السماوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/08/07



كتابة تعليق لموضوع : بريطاينا ...وابو قتادة...صراع التحضر والتطرف !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net