صفحة الكاتب : جمعة عبد الله

قراءة في رواية ( النوارس المهاجرة / رحلة الموت ) للاديبة مريم لطفي
جمعة عبد الله

السرد الروائي يتناول حوداث كثيرة في محنة الوطن والمواطن . عندما سقط صرح الوطنية , واعتلت الطائفية بسرطانها الخبيث والخطير على زمام الامور . وبهذا التبديل الخطير في الانتماء فقد الوطن والمواطن نعمة الامان والسلام . ووقع في حوافر المعاناة والجحيم , واصبح مصيره لعبة حظ لعصابات الموت والاختطاف . وبالتالي يندفع الى احضان تجار البشر من المهربين , الذين يبعيون اوهام الاحلام في الوصول الى الجنة الاوربية الموعودة والمزيفة . هؤلاء المهربين يتنعمون بالثراء المالي على معاناة المواطنين واحباطهم بالخيبة بالوطن الملاذ المفقود . ان تكون حياتهم رخيصة بين تجار الموت والاختطاف , وبالتالي تكون الارواح البريئة طعماً لحيتان بحر ( أيجة ) ضحايا القوارب المطاطية , في زهق للارواح البريئة . هذه ثمار سرطان الطائفية التي غزت العراق بعد عام 2003 . ان يكون المواطن غريباً وهجيناً في وطنه . هذه حكايات السرد الروائي يتناول حكايات مأساوية , في المدن التي طالها الخراب او التهجير الطائفي , في التهجير والتشريد من ديارهم . وهذه عينة في حكايات المتن الروائي من آلآف الحكايات المأساوية التي حدثت فعلاً , في الكثير من المدن ومنها: ديالى . بغداد . الموصل . سنجار في مذابح الطائفة الايزيدية . ومدن السورية التي غزاها الارهاب الاسود . بعدما ما كانت ملاذ العراقيين بعد الغزو عام 2003 . وكذلك في مدينة كوباني ( عين العرب ) . ان العراق فتحت عليه صندوق ( باندوا ) وانطلقت الاوبئة والفيروسات الخبيثة والخطيرة من رحم الطائفية . تحول الوطن الى دويلات طائفية مغلقة . في الخراب والدمار والعنف الدموي , وانتشار عصابات الخطف . مثلاً بغداد ضربتها عواصف التفجيرات الدموية الارهابية , التي تطال الاماكن المزدحمة . الاسواق , المستشفيات . الجوامع . الكنائس , والاماكن المزدحمة الاخرى شأنها شأن مصير المدن العراقية الآخرى . ان تكون ضحية التفجيرات الدموية . أن تتطاير أشلاء الارواح البريئة في الهواء لتنزل اشلاء متفحمة , بالارهاب الدموي الطائفي . حتى لم تسلم المعالم التراثية والثقافية حتى دور العبادة كالجوامع والكنائس . كثيرة هي الحوادث الدموية المفجعة , لنقتطف بعض من العينات , حكايات السرد الروائي :

× حكاية عائلة ( عادل كريم / ابو نورس ) سائق تكسي يقضي يومه في العمل المتواصل , وفي آخر النهار يرجع الى عائلته المكونة من ( زوجة وثلاثة ابناء , دعاء . نورس . دنيا ) كلهم تلاميذ المدرسة الابتدائية . وفي احد الايام تأخر عن المجيء , فأثار هذا التأخير القلق والخوف في روح زوجته . وبدأت تمر الساعات الثقيلة التي تنهش روحها , واخير في الساعات الاخيرة من الليل , وجد سابحاً في بركة من الدماء يلتقط انفاسه بصعوبة , وهو في حالة يرثى لها . لانه صادف وجوده قرب التفجير الدموي العنيف في احدى المحلات الكبيرة ( سوبر ماركت ) وهو يروم الدخول الى احدى المحلات لشراء حلويات الى اطفاله , وهز المنطقة انفجار دموي هائل ( أودى بحية العشرات . دمار .. خراب . أشلاء متفحمة , رائحة البارود واللحم البشري المشوي تزكم الانوف منه , خرير السخام ينزل من السماء .................. رائحة الموت تملاء المكان , وتحرق الرئتين وتثير الرغبة بالقيء , واستفراغ كل شيء ختى الاحشاء . فزع , ورعب , وامهات وأباء يبحثون عن آثار أبنائهم , الذين امتزجت أشلائهم مع الركام ) ص12 . هذه الحادثة من مئات الحوادث المأساوية في التفجيرات الدموية . اضافة الى اعمال عصابات الاختطاف يختطفون الضحية مهما كان : طفل أو أمرأة أو رجل , من اجل الفدية المالية وحينما تدفع عائلة الضحية المال , تستلم ابنها مقتولاً مرمياً في حاويات الازبال . اضافة الى العصابات الطائفية التي تمارس الارهاب والتهديد , في تهجير وتشريد المواطنين من ديارهم , في عمليات التصفية الطائفية والعرقية , التي ضربت العراق في سرطانها الخبيث . مما يضطر المواطن ان يهرب من داره ليفتش عن مكان أخر آمن لعائلته . وحتى الاعياد المقدسة لم تنجو من حقدهم الطائفي . فهذه كنيسة النجاة كانت مسرحاً لتفجير دموي بمثابة مذبحة بشرية هائلة لاخوتنا المسيحيين . كان في يوم الاحد عيد الميلاد وتجمع عدد كبير من الناس حاملين الورود والزهور, ولكن داهمتهم شاحنتين محملة بالمفجرات وليس شاحنة واحدة , هذا يدل على حجم الحقد الطائفي العنيف والمرعب . ان يتحول العيد الى مأتم كبير . وهذا التفجير الدموي هو جزء من الحوادث الكثيرة في التفجيرات الدموية التي طالت بحقدها الاقليات الدينية . وكذلك ماحدث في سنجار في مذبحة بشرية دموية للطائفة الايزيدية , وتحولت نسائها وفتياتها الى السبي وبيع في سوق النخاسة .

× حكاية عائلة ( ابو سرمد ) في مدينة ديالى التي كانت رمز التعايش السلمي . حيث يعيش فيها بسلام . العربي والكردي والتركماني والسني والشيعي . لكنها تحولت الى بؤرة للارهاب الدموي والتهجير الطائفي , والقتل على الهوية . فكان ( ابو سرمد ) تاجراً ميسور الحال يملك شاحنة وسائق خاص . لكن تعرض لتهديد بالموت اذا لم يترك داره , واضطر الى الهروب الى بغداد . ولكنه وقع في قبضة عصابات الاختطاف . فخطفوا ابنه الصغير عندما خرج من مدرسته الابتدائية , وطالبوا بفدية مالية كبيرة , اضطر ( ابو سرمد ) ان يبيع ما يملك حتى الشاحنة من اجل انقاذ طفله من الموت . ودفع الفدية واستلم طفله بين الحياة والموت .

× الموصل الحدباء : المدينة الحضارية والاشورية العريقة , في معالمها واثارها الحضارية والاسلامية . في معالمها الشاخصة في الاثر الاسلامي في الجامع النوري الكبير , وهو اقدم اثر اسلامي عند الموصليين. وخاصة منارته الحدباء . ضربتها الارهاب الدموي المدمر . وتهدمت مع الجامع وتحولت الى الانقاض , وكانت الموصل مسرحاً للمذابح البشرية , هكذا فعلت غربان السود في حقدهم الانتقامي .

× مدينة كوباني ( عين العرب ) المدينة الكردية كانت مسرحاً للخراب والدمار والمذابح العرقية طالت الجميع من الارهاب الاسود . مما اضطر السكان الى الهرب من ديارهم , وبعضهم خاض غمار مغامرة الهجرة الى تركيا , بهدف الوصول الى البلدان الاوربية , عبر الجزر اليونانية القريبة من السواحل التركية , عبر الابحار في القوارب المطاطية بواسطة تجار البشر من المهربين .

× أسطنبول : تجمعت الآف العوائل العراقية والسورية المشردة من جحيم الموت والطائفية والارهاب . ومنهم عائلة ( عادل كريم / ابو نورس ) ليتخلصوا من العصابات الطائفية , ليقعوا في قبضة تجار البشر من المهربين . في ارسال الضحايا في قوارب الموت المطاطية . وكثير من الحوادث المأساوية بتعرض هذه القوارب الى الغرق في بحر( أيجة ) بحجة العبور ثم طلب اللجوء الى البلدان الاوربية ( كل اللاجئين مساكين , وكل المهربين يتشابهون بالوعود , بعضهم يفي , وبعضهم ينكث , وهكذا فالامر مرهون بالصدفة , وراجع الى كم تدفع ) ص70 . حاول ( أبو نورس ) ان يجرب حظه في قوارب الموت المطاطية . رغم خشية زوجته , لانها تخشى المخاطرة , هكذا يلوح لها الغراب الاسود المشؤوم . الذي يظهر لها مع كل حادثة مأساوية ودموية . ولكن اصرار زوجها على مغامرة الإبحار الى الجزر اليونانية القريبة واتفق مع أحد المهربين . في ليلة الموعودة في الابحار كانت المفاجأة والصدمة في العدد الكبير , الذين يحملهم القارب المطاطي ( - يا ألهي كل هذا العدد ؟ , لكن القارب لا يتسع لكل هذا العدد , اربعة عشر شخصاً والقارب يتسع لثمانية كيف هذا ؟! هذا لا يجوز , انها مجازفة كبيرة ) ص78 . . ولكن اجبروا على الابحار وكان الحدث المتوقع حين انكشفت انوار الصباح , على الفاجعة المأساوية بغرق من كان بالقارب المطاطي ( وفي الصباح وجدت الجثث , وكأنها زهور تزين الشاطئ , وطافت عليها النوارس تصلي وتبتهل , فقد تركت كل شيء هناك , وجاءت لرؤية النوارس البيضاء ) ص82 , وفقدت عائلة ( ابو نورس ) كلها في انقلاب قارب الموت المطاطي عليهم , وصعدت ارواحهم الى الفردوس الاعلى .

× الرواية : النوارس المهاجرة / رحلة الموت

× المؤلف : الكاتبة مريم لطفي الالوسي

× تاريخ الاصدار : نهاية عام 2017

× الناشر : دار عدنان للطباعة والنشر والتوزيع / بغداد

× عدد الصفحات : 160 صفحة


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جمعة عبد الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/08/26



كتابة تعليق لموضوع : قراءة في رواية ( النوارس المهاجرة / رحلة الموت ) للاديبة مريم لطفي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net