صفحة الكاتب : د . عبد الباقي خلف علي

 و التصعيد المرحلي في خطاب المرجعية، هل هو ركوب للموجة، ام تماشي مع الضغط الشعبي المتزايد. ام هو  استجابة لمتطلبات المرحلة الموضوعية ؟

المتتبع لمواقف المرجعية يلحظ تصاعدا في الخطاب، من 1- مرحلة عدم ممانعة الاحتجاجات باعتبارها حق مشروع ، ، ثم الى 2- توجيهها من خلال التأكيد على توحيد المطالب الأساسية (للاحبة المتظاهرين) . ثم الى 3- تعرية السياسيين  والتشكيك بجدية تلبية المطالب وأخيرا الى 4- تأييد استمرارها  حتى تحقيق المطالب. مع الاستمرار في جميع المراحل على التأكيد على سلمية التظاهر وحرمة دماء ضحايا الاحتجاجات الذين سمتهم بالشهداء.  وهذا الانتقال بالموقف هو تلبية للمتطلبات الموضوعية لكل مرحلة والأسباب نوجزها كالتالي: 

1-تحرص المرجعية كل الحرص من خلال متبنياتها الفقهية على عدم اقحام الفقيه في تفاصيل العمل الحكومي والسياسي الا بمقدار دفع المفسدة ورفع المظالم وبمقدار الإرشاد ضمن خطوط عريضة تحفظ للعمل المؤسساتي تخصصه وتحفظ للفقيه دوره بالدفاع عن حقوق ومصالح الناس ما وسعه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يفقده ثقة الجماهير المطاوبة في منعطفات مصيرية مثل تلبية الفتوى بالجهاد ، ومقدار هذا التدخل دقيق جدا ومحسوب فكلنا يعلم حجم الضرر الذي لحق بالدين والدولة معا جراء تدخل بعض المتلبسين بالدين بتفاصيل العمل المؤسساتي والحكومي حتى أفسدوا على الناس دينهم ودنياهم. ولا يزال مقام الدين والمرجعية يدفعان لليوم ثمن حث الناس على  كتابة الدستور وثمن تأييد الخروج للمشاركة في الاستفتاء عليه. بالرغم ان تلك الخطوات كانت أفضل المتاحات في حينها و بالرغم ان المرجعية اكدت بعدها مرارا انها لا تدعم قائمة او مرشح.    

 2-تدخل المرجعية غالبا من باب ابوتها لجميع العراقيين ولذا فهي تتدخل غالبا في القضايا التي يجمع عليها العراقيون ،  أي  (الاجماع الوطني) وليس الاجماع (الشيعي) ولا (اجماع السيستانيين) . ولذلك فهي تراقب الحراك الشعبي بدقة وهي حريصة على ان يكون الحراك (عراقيا) ولا يجير لجهة داخلية (تستغل الحراك لمكاسب خاصة) ولا جهات  إقليمية او خارجية معروفة. وحريصة على استمرار سلمية الحراك من منطلق ديني بالحفاظ على الدماء ومن منطلق وطني لتجنب احتراب أبناء البلد الواحد ومن رؤية استشرافية بأهمية التظاهر السلمي وطريق (اللا عنف) في انتزاع الحقوق في بلد لا تكاد تجف ارضه من نزيف الدماء. ولذلك ترى كلما اتسعت رقعة الحراك مساحة ومقبولية  ستتسع أيضا رقعة التأييد المرجعي وهذا ما لوحظ جليا من الخطب الأخيرة. ولذا فانا أقول كلما كان حراك المحتجين وطنيا وسلميا وضاغطا كلما زاد حجم التأييد المرجعي.

3-  ورد في خطبة الجمعة في (1-11-2019) عبارة ان المرجعية (التزمت) الانتخابات (الدورية) و(الاستفتاء) كمنهج يختار به العراقيون طريقة اصلاح نظامهم السياسي والإداري ، وهذا يعني ان الطريق  الأساسي هو (الانتخابات) ، طبعا بعد اصلاح العملية الانتخابية  كتشريعات وهيئة وإجراءات. ومن هذا النص يفهم ان الطريق الاخر هو اللجوء الى الحل الجراحي وهو اقالة الحكومة  واللجوء الى (انتخابات مبكرة). 

4- لماذا لا تكون (الانتخابات المبكرة) هي الطريق الأول وليست الطريق الاخر ؟ وخصوصا ان المرجعية أعلنت صراحة انها تشك بجدية السياسيين في تلبية المطالب ؟ الجواب ان الانتخابات المبكرة هي عملية جراحية في جسد العملية السياسية وهي حتى وان  كانت مفيدة في هذه المرحلة بإزاحة  الحكومة الحالية لكنها ستفتح الباب مستقبلا لبعض الجهات السياسية للجوء لمثلها  بإنزال انصارهم ومؤيديهم ، للضغط على الحكومة وانتزاع امتيازات او لحلها فعلا . خطوة مثل هذه ينبغي ان تكون اخر الحلول لان فتح الباب على مصراعيه سيؤسس لحكومات ضعيفة مهددة باستمرار وغير قادرة على تنفيذ برامج طويلة. 

5- ومع خطورة اللجوء لخيار  (الانتخابات  المبكرة) بما تشكله من خطر على العملية السياسية كما اشرنا أعلاه وبما  يمكن ان تتركه من فراغ امني في السلطة لفترة غير قليلة في بلد غير مستقر امنيا ويغص بالسلاح والتدخلات ، لكن ترى ان المرجعية تلوح للسياسيين باستخدامه (السبيل الاخر) وهي  تتمنى في نفس الوقت ان لا يضطر المحتجون لهذا الخيار  وتعول على ما تبقى من غيرة وحرص على البلاد والعباد في ذمم البعض من (الممسكين بزمام الأمور)  . وستكتفي بتصيعد التلويح والتهديد باستخدام عصا الانتخابات المبكرة قبل ان تضطر فعلا الى التسليم باستخدامها عندما تكون اخر خيارات الجماهير الغاضبة.   

6- من يعرف صلابة مواقفه وحبه للعراقيين ووضوح بصيرته سيرى انه اكبر من ان يسعى لينهز فرصة او يوسع نفوذ بتضحيات ومعاناة الشباب المحتجين الذين يسميهم ب (الاحبة) . ومن يعرف انه اغلق الباب بوجه السياسة منذ تسع سنوات سيعرف انه معرض عن كل مكتسباتها .  ومن يعرف المرجع جيدا يعرف انه بحر الفضائل والمكرمات ولا يمكن للبحر ان يركب موجة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat

  

د . عبد الباقي خلف علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/11/17



كتابة تعليق لموضوع : الطريق الاخر ?
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :



أحدث التعليقات كتابة :



  علّق شیخ الحق ، على دور ساطع الحصري في ترسيخ الطائفية (الفصل السادس) - للكاتب د . عبد الخالق حسين : فعلا عربان العراق ليسوا عربا هم بقايا الكورد الساسانين و العيلامين. فيجب ان يرجعوا إلى أصولهم و ينسلخوا من الهوية المزورة العروبية.

 
علّق الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال. ، على ضعف المظلومين... يصنع الطغاة - للكاتب فلاح السعدي : جاء في عنوان المقال: ضعف المظلومين... يصنع الطغاة، بينما الحقيقة الشبه المطلقة، هو ان حب و تشبث النخب العربية بأموال الصناديق السوداء و بالمنافع الريعية و بخلود الزعامة السياسية و النقابية ،و حبهم لاستدامة المناصب الادارية العليا و حبهم في الولوح الى عالم النخبة ,,هو من يصنع الطغاة بامتياز؟؟؟ بالاضافة بالطبع الى رغبة الغرب المنافق في صناعة الطغاة من اجل ردع و قمع الشعوب المسلمة ،المتهمة بالارهاب و العنف الديني,, و حتى و ان قرر الغرب بعد فضيحة فساد البرلمان الاوروبي ،التخلي عن الطغاة و التمسك بالقانون ، فانه و للاسف الشديد ،،النخب لم تتخلى عن هذه الطغاة,

 
علّق بهاء حسن ، على هل هذا جزاء الحسين عليه السلام ؟ - للكاتب سامي جواد كاظم : ماهو مصدر القصة نحن نعلم ان بجدل هو قطع الخنصر المقدس، لكن القصة وضيافة الامام له ماهو مصدرها

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق ا. د. صالح كاظم عجيل علي ، على أساتذة النحوية في مدرسة النجف الاشرف* - للكاتب واثق زبيبة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم استاذ واثق زبيبة المحترم هذا المقال هو جزء من أطروحة دكتوراه الموسومة بالدرس النحوي في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف عام ٢٠٠٧ وكل الترجمات الموجود في المقال مأخوذة نصا بل حرفيا من صاحب الأطروحة فلا اعرف لماذا لم تذكر ذلك وتحيل الى كتب تراجم عامة مع ان البحث خاص باطروحة جامعية ارجو مراجعة الأطروحة مرة أخرى الباب الأول الفصل الأول من ص ١٥ الي ص ٢٥ فضلا عن المغالطات العلمية الواردة في المقال على سبيل المثال (مدرسة النجف النحوية!!!) تحياتي

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق سليمان علي صميدة ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق سليمان علي صميدة ، على الكخباد قادم يا أبناء الأفاعي - للكاتب سليمان علي صميدة : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق حسين ، على (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، هل صدق القرآن في ذلك؟ (1) مع الأب الأقدس القس مار يعقوب منسي. - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : السلام عليكم  حسب ما ورد من كلام الأخت إيزابيل بخصوص ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين)كلامها صحيح وسائرة على نهج الصراط المستقيم . اريد ان اجعل مدلولها على الاية الكريمةالمذكورة أعلاه بأسلوب القواعد وحسب قاعدتي ؛ [ ان الناس الذين مارسوا أفعال وأقوال شريرة ضد دين زمانهم واشركوا بالله الواحد الاحد فهم في خانة المغضوب عليهم ان ماتوا ، وان كانوا بعدهم أحياء ولم تأتي قيامتهم أثناء الموت فهم في خانة الضالين عسى ان يهتدوا إلى ربهم الرحمن قبل موتهم فإن ماتوا ولم يهتدوا فتنطبق عليهم صفة المغضوب عليهم وهذه القاعدة تنطبق على كل البشر والجن ( والملائكة أيضا اذا انحرفوا كما أنحرف أبليس فصار شيطانا . ) اقول ان سورة الحمد وهي ام الكتاب حقا قد لخصت للجميع مايريده الله العلي العظيم .

 
علّق س علي ، على انتخابات الرجال زمن الرعب في النجف الاشرف - للكاتب الشيخ عبد الحافظ البغدادي : سلام عليكم شيخنا الجليل ممكن ان احصل على طريقة للتواصل مع الشيخ المطور جزاكم الله الف خير كوني احد بناء الذين ذكرتهم جزاكم الله الف خير

 
علّق مروان السعداوي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الاسديه متواجدة في ديالى وكركوك وكربلاء وبعض من اولاد عملنا في بغداد والموصل لاكن لايوجد اي تواصل واغلبنا مع عشائر ثانيه

 
علّق د. سندس اسماعيل محسن الخالصي ، على نطاق أرضية الحماية الاجتماعية في الإسلام - للكاتب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات : مقالة مهمة ومفيدة بوركت اناملكم وشكراً لمدونة كتابات في الميزان

 
علّق حعفر البصري ، على كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم الثالث - للكاتب حميد الشاكر : سلام عليكم لفض هذا الاشتباك بين كاتب المقال والمعلقين أنصح بمراجعة أحد البحوث العلمية في نقد منهج الدكتور على الوردي والباحث أحد المنتمين إلى عائلة الورد الكاظمية، اسم الكتاب علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية للدكتور سليم علي الوردي. وشكرا.

 
علّق محمد زنكي الاسدي الهويدر ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الأسديه أبطال

 
علّق سنان السعداوي الاسدي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : الله حيوا رجال بني أسد في السعديه.

الكتّاب :

صفحة الكاتب : حسين علي الشامي
صفحة الكاتب :
  حسين علي الشامي


للإطلاع على كافة الكتّاب إضغط هنا

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net