عاد الكاهن شاتي برفقة خريبط و مهاوش وعيدان الى العراق , بعد كل تلك السنين , القى نظرة من نافذة الطائرة , فرأى صحراء قاحلة , على مدّ البصر , فسأل خريبط مندهشا :
- اين الخضرة ؟ لقد تركت العراق زاهيا بالمروج الخضراء ! .
- لقد داهم التصحر اراضينا ... عندما داهمنا اعداء ماضينا .
ارتسمت عليه علامات الحزن والاكتئاب , ولم يقوى على النطق باي كلمة اخرى , حتى هبطت الطائرة في المطار , ونزل المسافرون , انسل بينهم مندفعا , متشوقا ليشم نسيم عبق اريج هواء الوطن , فلاحت له شمس الغروب بجمالها , واطل على ذلك المنظر الخلاب , فنزل السلالم مسرعا , وهوى على الارض ساجدا , بل معانقا , وتمدد كأنه يريد احتضانها , فامتزجت دموعه بسبخ تربتها , وصدرت منه اهات محب عاشق , مصحوبة بنشيج بكاء واله غارق في الوجد .
حاول عيدان ومهاوش رفعه من على الارض , فسار متكئا عليهما , بمجرد ان وصلا ردهة المطار , حتى انطفأت الانوار , فنظر الكاهن شاتي الى عيدان وساله :
- ماذا حدث ؟ .
- لا شيء ... جدول انقطاع الكهرباء .
- ولماذا تنقطع الكهرباء ؟ .
- امانينا خابت امانينا ... نور الكهرباء كاد يبعد لا يدانينا ! .
اقترح الرفاق ان يقصدوا فندقا يمضوا ليلتهم فيه , لكن الكاهن شاتي أصر على ان يتجول قليلا في الشوارع , فأستقلوا سيارة اجرة كي تقلهم الى المدينة , في اثناء سيرها كانت تترنح , فيما يبدو ان هناك حفرا في الشارع , فنظر الكاهن شاتي الى مهاوش , وسأله مستغربا :
- ما هذا ؟ ! .
- ليت شعري ! تعبد شوارعنا ... فتزول حفر وتهفو رجا وينا
وصلت سيارة الاجرة الى المدينة , حيث كان يخيم عليها الظلام , الا من مصابيح السيارات , وبعضا من مصابيح البيوت المتفرقة , فنظر الكاهن شاتي هنا وهناك مستغربا , وتوجه الى مكان قد ظن انه يعرفه , فتوجه الى رفاقه سائلا :
- لقد كان هنا ......
قاطعوه جميعهم , فقد سئموا كثرة أسئلته , واقترحوا ان يقصدوا مطعما , بعد ان نال منهم الجوع , فأختاروا مطعما كبيرا , جلسوا حول المائدة , بدا العرق ينساب من اعلى وجوههم , فقد كان الجو حارا , ونسبة الرطوبة مرتفعة , فتقدم النادل نحوهم , سائلا إياهم ( ماذا تاكلون ؟ ) , فطلب كل منهم ما يرغب , عدا الكاهن شاتي , فأقترب النادل منه واعاد عليه السؤال , فنهض من كرسيه واقفا , وصرخ بوجه النادل قائلا (( اريد ماعون فلفل حـــــــــــــــار ! )) .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat