صفحة الكاتب : علي الجفال

الكوميديا البرلمانية
علي الجفال

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 مثل كل العراقيين، لاتربطني بالسياسيين، كتلا وأحزابا وشخصيات، سوى خيوط متينة من الشك والريبة. شك بنواياهم التي غالبا ما ترتهن الى مصالحهم الشخصية الضيقة، وريبة من تحركاتهم التي تؤجج الصراعات والنزاعات الطائفية من أجل إمتطائها، والغوص أعمق فأعمق في بحر الدم الذي تخلفه المفخخات والاحزمة الناسفة التي بات في علم اليقين إنها من صنع هذا الطرف أو ذاك من أطراف العملية السياسية ذاتها.
إعتصامات البرلمانيين لا تبتعد كثيرا عن هذه الخيوط. بعضهم شعر ان ثقب سفينة العملية السياسية بدأ يتسع، وإن غرقها بات وشيكا، فآثر النأي بنفسه عنها واختار البقاء في رصيف البرلمان "معتصما"، مدججا بما متاح لديه من شعارات الوحدة الوطنية وبغض الطائفية ومحاربة الفساد، فيما إستعان بعضهم الآخر بورش السفارات، الامريكية والإيرانية والسعودية وغيرها، لإصلاح العطب الذي لا يمكن إصلاحه.
بين البعضين، تتناثر الاتهامات والشعارات التي أصبحت قيحا مقززا أوصل الغضب الشعبي المتصاعد الى حد نصب المشانق في ساحة التحرير، وهي رسالة خطيرة قد تقود البلاد الى حرائق لايمكن إطفائها، خصوصا بعد أن انكشفت بشكل واضح خيوط اللعبة التي مارستها واشنطن والعواصم الإقليمية باستمراء حالة الفرقة والتشرذم والتخندق الطائفي والاثني، بإعتباره الطريق السالكة نحو شفط ثروات العراق.
وسط هذا التجاذب، صار من الصعب أن يحظى أي من البرلمانين، برلمان المعتصمين وبرلمان الجبوري بالنصاب الذي تستمر على سكته الكوميديا البرلمانية، وما يقال عن مبادرات "العقلاء" لردم الهوة بين البرلمانين أو تجسير مسافة الخلاف بينهما، هو ليس سوى محاولة للعودة الى المربع الأول حيث سترفع الستارة مجددا عن إستمرار عرض الكوميديا البرلمانية.
الحكومة مستمرة بقيادة مسيرة الفشل وسط بحبوحة من الاسترخاء نتيجة تعطيل الضغط على العبادي لتقديم وزارة التكنوقراط التي تعسرت ولادتها. اللصوص والقراصنة مستمرون بالسلب والنهب مع سبق الإصرار والترصد. السلطة القضائية متنعمة بسباتها الذي أصبح أحد أبرز سماتها. والمواطن غارق في لجج الضياع والفوضى بانتظار مآلات الوضع الغامض، والذي زاده انسحاب كتلة الاحرار من إعتصام البرلمانيين غموضا.
ودون محاكمة النوايا، تطفو على السطح إدعاءات الخلاف بين رؤساء الكتل والبرلمانيين المعتصمين الساعين الى الخروج من عباءة أولئك الرؤساء. وقد يبدو أهم فصول الكوميديا البرلمانية إضحاكا خروج النائبة حنان الفتلاوي عن محور نوري المالكي رغم انها بذاتها رئيسة كتلة إرادة. ولا يختلف الامر كثيرا بالنسبة للأسماء الأخرى، ولا سيما أولئك الذين صعدوا الى البرلمان بالاصوات الفائضة لرئيس الكتلة أو وفق قاعدة المقاعد التعويضية، مع انهم خارج هذه السياقات الانتخابية المشوهة لم يحلموا بزيارة البرلمان لكون عدد الأصوات التي حصلوا عليها لم تتعدى عدد أصوات عوائلهم وبعض المتفضلين من الجيران والاقارب. ولازالة الشك والريبة والغموض أمام الشعب الذي يدعي الجميع الدفاع عنه وعن حقوقه، على هؤلاء تشكيل جبهة إنقاذ وطني عابرة للاثنية والطائفية، وفي الحد الأدنى ستمثل هذه الجبهة الثلث المعطل داخل قبة البرلمان، شريطة ان تعلن برنامجها السياسي ونظامها الداخلي ورؤيتها السياسية أمام الرأي العام.
في أحد مشاهد تلك الكوميديا البرلمانية يتفجر سؤال وسط حشد المتفرجين، لماذا يصر فرسان المدنية، مثال الآلوسي وفائق الشيخ علي وشروق العبايجي، على الانزواء خلف الكواليس ولا يشاركون في فصول عرض الكوميديا. سؤال ليس بريئا. 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي الجفال
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/24



كتابة تعليق لموضوع : الكوميديا البرلمانية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net