صفحة الكاتب : معمر حبار

من اللقلق نتعلم
معمر حبار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 في السنوات الأخيرة، أصبحت أتابع طائر اللقلق في ذهابي و عودتي من العمل، بما يسمح به المزاج العام، و الجو السائد مع الأبناء، و ما يفتحه ربك على عبده من ملاحظة و انتباه.
 
يبحث له عن مكان عال آمن بعيدا عن حجارة الأطفال، فقد رأيت اللقلق يفضّل إختيار عشه داخل المدينة هربا من حجارة الأطفال. يختار أنثاه فيتعاونا سويا على بناء العش بما أتيح تمهيدا للمولود الجديد ولو من مسافات بعيدة. فالصغير يحتاج الدفء و العلو، حيث الرعاية و الحماية.
 
يتعاونان على إطعام الصغير و حمايته، فيتعلم الطيران و هو في العش مدة من  الزمن. يعلو و ينخفض، يخفق مرات إلى أن ينجح و هو في عشه. فالعش واسع بما يكفي لإجراء التمارين الرياضية، والسقوط في مثل هذا العمر ومن ذلك العلو يعني الهلاك المحتم والدمار المؤكد، لذلك تجد الوالدين يتدرجان في التربية والتعليم.
 
الثمرة تحتاج لبعض الوقت، وإذا قطفت قبل أوانها كان مصيرها الرمي والدوس، واللقلق يعرف هذا جيدا، فتراه يسهر على تعليم أبناءه في الوقت المناسب، ولمدة زمنية تكفي ليقطف ثمرة تعليمه وسهره.  
 
يتحصل بعدها الصغيرعلى شهادة حسن الطيران من الوالدين. فالتعلم يتم في البيت أولا، ومن لم يتعلم في بيته، لن يتعلم من غيره و لا في غيره.
 
اللقلق لا يغامر بالسماح لصغيره أن يغادر العش إلا بعد أن يتأكد أنه أهل لمواجهة الصعاب، فيحن عليه و يحتضنه و يحميه و يرعاه، فيصبر على تعليمه، و يتغاضى عن أخطائه، و يصحح له عن طريق النظر و المشاهدة.
 
إن التربية تحتاج للسهر الدائم، و الحماية و الرعاية اللازمتين، و الصدر الدافئ، و الصبر على أخطاء الصغار، و التصحيح عبر القدوة الحسنة و الفاعلة.
 
صغار اللقلق حين يكبرون، يختارون لأنفسهم عشا آخر، فينطلقون من جديد في الإعتماد على النفس و البناء بمفردهم، ولا يطردون الوالدين من العش الأصلي الأول، الذي تلقوا فيه الحنو والدنو، وأصبحوا بفضل الطيران الذي تعلموه، سادة الجو يعلون السحب العالية.
 
 وتستمر الحياة، لقاء فولادة فطيران.. وما أعظمها حين يكون الطيران، درسا لكل من يريد أن يطير بأخلاقه.. ويطير نحو القمم حيث القيم السامية العالية.
 
 
 
 
الإثنين 18 شعبان 1436هـ الموافق لـ : 08 جوان 2015م

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


معمر حبار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/06/08



كتابة تعليق لموضوع : من اللقلق نتعلم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net