صفحة الكاتب : علي علي

من منكم على شاكلة.. ساسون حسقيل؟!
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  مادمنا نعيش أيام تشكيل فرسان الوزارات وممتطي صهوات قياداتها، لانملك نحن العراقيين، غير التمني بأن يكون فرسان أحلامنا في وزاراتنا على شاكلة بعض الأولين، الذين كانوا قد اعتلوا مثل هذا المنصب في المجلس التنفيذي إبان العهود السابقة، وليس علينا غير الحلم ثم الحلم ثم الحلم بالجيدين منهم، وكذلك الدعاء ثم الدعاء ثم الدعاء أن يكون نصيبنا في التشكيلة الجديدة أشخاصا مثلهم، ولانطمع بأحسن منهم. فبالعودة الى فهرس الإخلاص والنزاهة في سجل ساسة العراق وقادته والمتبوئين مراكز القيادة في مؤسساته التنفيذية، يتضح لمقلب صفحاته ندرة الأسماء وتباعد الفترات الزمنية التي تتخلل ظهورهم، إذ يبرز بين عشرات الأسماء من المسؤولين اسم واحد او اسمان او على أكثر تقدير ثلاثة، كل عقدين من الزمن، يؤدون واجباتهم كما ينبغي أن يؤدوها، والقليل القليل ممن أداها بكثير من الإخلاص والقليل من الأنانية. فحين أسست اول وزارة في تاريخ العراق المرؤوس من قبل عبد الرحمن النقيب عام 1921 أسندت وزارة المالية الى (ساسون حسقيل) وكانت مهمة غاية في الصعوبة آنذاك، ذلك ان العراق كان مثقلا بتركة ديون الدولة العثمانية من جهة، ومن جهة أخرى حداثة الحكومة العراقية حينها.
    ولو أخذنا هذا الشخص ووضعنا تصرفاته تحت مجهر الإنصاف للحكم على وطنيته وإخلاصه لبلده، لهالنا ما بدا منه من تحديات لظروف كانت آنذاك قاهرة لدولة فتية مثل العراق، ولو اقتدى مسؤولونا ولو بعُشر ماكان عليه من صدق وشفافية في التعامل المهني (چان هسه احنا بخير). وأقل ما سأذكره هو كيفية اتخاذه قرار بيع النفط ليس بالعملة الصعبة فحسب، بل بالذهب. الأمر الذي دعا السفير البريطاني أن يشكوه لدى الملك فيصل الأول، والأخير بدوره استدعى ساسون وطلب منه ان يعدل عن قراره ذاك، فما كان منه إلا إصراره على موقفه وقال للملك فيصل مانصه: (ياجلالة الملك انا لااستبدل النفط بـ "الكواغد" -يقصد الاوراق النقدية- انا قررت ان ابيع الذهب الأسود بالذهب الأصفر)، وحين استفسر رئيس الحكومة ياسين الهاشمي من ساسون عن ذلك قائلاً: "كيف تصر على المساهمة في راس مال الشركة النفطية، والخزينة خاوية وليس لدينا المال اللازم لذلك؟ رد عليه ساسون: ان الامر بسيط.. فاذا أجيب طلبنا وخُصصت لنا حصة في رأس المال يمكنني رهن تلك الحصة والحصول على قرض يربو على قيمتها، اما بخصوص الدفع على اساس الذهب، فقد ناقشه ممثلو الشركة والموظفون البريطانيون في وزارة المالية، وقالوا ان قاعدة الذهب نظرية قديمة بالية، أجابهم ساسون بإصرار وبشيء من المزاح: أنا اتمسك بها لانني ايضا رجل متحجر الفكر من بقايا العهد العثماني الزائل، ولم يتزحزح عن موقفه قيد شعرة. ويبدو ان موقفه المتصلب هذا جلب عليه غضب بريطانيا، فلم يُستوزر بعد ذلك.
   إلا أن الأيام أثبتت صحة اصرار ساسون على الدفع على اساس الذهب، فالعملة البريطانية -الباون الاسترليني- هبطت قيمتها، اذ ان النص الذي طلبه ساسون في الاتفاقية بعد خروج بريطانيا على قاعدة الذهب، افاد العراق فائدة كبيرة وضاعف كثيرا من ارباحه. وقد علق الملك فيصل عن عناد ساسون قائلا: "انني مبتهج لموقف وزير ماليتي وصلابته، فاذا كان قد وقف مني هذا الموقف فاني مطمئن الى انه يقف موقفا اشد صلابة تجاه سائر الوزراء والموظفين، لاجل الحرص على خزينة الدولة".
   فهل سيكون من بينكم يا فرسان أحلامنا من الوزراء في التشكيلة القادمة بهذه الشفافية والمصداقية والنزاهة والإخلاص والحرص..؟ (هاي ينرادلها بخت)
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/27



كتابة تعليق لموضوع : من منكم على شاكلة.. ساسون حسقيل؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net