صفحة الكاتب : مجتبى الساده

الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)  كما يصوره الأعداء
مجتبى الساده

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


يمارس الأعداء (الغرب / الروم) سياسة التشويه وطمس الحقائق، ونشر الإشاعات والأراجيف الكاذبة، وبث الخزعبلات والأساطير، وفي الفضاءات السرية يروجون معلومات زائفة عن المهدوية ويكررونها بكثرة للتأثير على الرأي العام (1) الغربي والعالمي، حتى تصبح وكأنها حقائق ثابتة وجزء من النسيج الثقافي الغربي، ويتمحور ذلك في مسار التثقيف السلبي والتضليل الإعلامي والحرب الناعمة لتشويه الصورة الحقيقية والناصعة للإمام (عجَّل الله فرجه).
لقد وجدت (الصهيونية) في الدراسات الاستشراقية والعقلية الاستخباراتية أداة لتكريس نظرتها نحو المهدي المنتظر وتعزيز الصورة التي يراد رسمها له، وفي إطار ذلك لجأت إلى مقارنة المهدوية مع صورة مقززة ومستفزة في الثقافة الغربية ومستندة على التراث الديني (الدجال أو معادي المسيح)، مما يشكل أساساً لرسم معطيات الشخصية المستهدفة والتي يراد منها إسقاط رمزية القائد الإسلامي المنتظر، بحيث تكون آراء أفراد المجتمع بشكل عام حاملة طابع العداء والسلبية لها، بالإضافة إلى أن هناك دوافع نفسية وبواعث أيديولوجية وراء ترويج الأكاذيب وتزييف صورة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) الواقعية.

- تشويه الصورة:
قبل الحديث عن الصورة التي يحاول الأعداء رسمها للمهدي (عجَّل الله فرجه) حالياً، نحاول الوقوف على الصورة الأشمل للنبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الدعاية الصهيونية وفي عيون الغرب، فمنذ البداية يتم تشويه الإسلام والنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكل ما له علاقة بالعقيدة الإسلامية، ومن خلال وسائل عديدة: كالدراسات الاستشراقية والقصص الأدبية والبرامج التلفزيونية وغيره، وخير مثال على ذلك نشر كتاب باللغة الانجليزية: عبارة عن رواية أدبية بعنوان (إمام الزمان: قصة من الماضي إلى الحاضر) (2)، صدر في يناير ٢٠١٨م في الولايات المتحدة، لكاتب يدعى إف. دبليو. بورلي (اسم مستعار)، قصة خيالية مؤسفة تستغل الأحداث السياسية الأخيرة في إيران، وتهدف لتشويه الإسلام وصورة النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وصورة إمام الزمان (عجَّل الله فرجه).

- صورة: المهدي الدجال:
لقد كثر الحديث ودارت نقاشات حادة في السنوات الأخيرة في الأوساط الثقافية في العالم الغربي، حول (نبوءات نهاية الزمان في الكتاب المقدس)، وقد كررت الكتابات الغربية كثيراً قاعدة (المهدي - الدجال الإسلامي) مقابل (المخلّص - المسيح وعودته الثانية) أو (المنقذ اليهودي - المسيح المنتظر)، وأن الدجال المنبوذ في كل الأديان السماوية أو الوحش أو التنين في التراث الديني لليهود والنصارى (الكتاب المقدس) يتشابه تماماً مع المهدي (الإسلامي)، وفي هذا الإطار صدرت العديد من الكتب مثل: كتاب جويل ريتشاردسون (المسيح الدجال الإسلامي - حقائق صادمة) (3) الذي تصدّر الكتب الأكثر مبيعاً بقائمة نيويورك تايمز الأمريكية عام ٢٠١٥م، هذا الكتاب يتكلم عن تنبؤات آخر الزمان من وجهة نظر دينية (الكتاب المقدس وعقائد المسلمين)، ويتحدث عن رؤية غربية حديثة للمهدي الإسلامي، يزعم فيه الكاتب (أن المهدى المنتظر الذى تنتظر الأمة الإسلامية ظهوره لإنقاذ العالم يتشابه تماماً مع المسيح الدجال الذى ينتظر المسيحيون ظهوره في آخر الزمان، كما وصف في سفر الرؤيا، وفي النبوءات اليهودية لحزيقال ودانيال)، ومما قاله الكاتب أيضاً: (أن المهدي الإسلامي يلائم الصورة التوراتية للوحش ويلائم المسيح الدجال في الكتاب المقدس)، ولترسيخ الصورة في الغرب أيضاً صدر كتاب مايكل يوسف (4) بعنوان (نهاية الزمان وسر المهدي: مفاتيح غموض الوحي والدجال) (5)، نشر في ٢٠١٦م في الولايات المتحدة، وفيه يدرس المؤلف الأحداث الأخيرة وصعود حركة داعش في ضوء نبوءات نهايات التاريخ البشري، وفيه يحاول الكاتب إيجاد التشابه بين الدجال ومهدي الإسلام.

- صورة: المهدي الإرهابي:
في هذا السياق فقد صُورت شخصية الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) كزعيم إسلامي مستقبلي وربطها بالأفعال الوحشية لزعماء الحركات الإرهابية (كالقاعدة وداعش) فتأثرت الصورة استناداً إلى: (مبدأ السياق) في علم النفس و(نظرية النسق) في علم الاجتماع، حيث استطاعت الإمبراطورية الإعلامية الصهيونية على تسويق صورة المهدي الإرهابي، بهدف إعادة شبح الإرهاب والقتل والوحشية إلى أذهان الشعوب الغربية وأحداث تأثير واسع على الرأي العام، وفي هذا الإطار صدرت العديد من الكتب والقصص الخيالية، مثل: كتاب (في أرض المهدي) (6) للكاتب الألماني (كارل ماى)، وهو عبارة عن رواية من ثلاثة مجلدات، صدرت لأول مرة عام ١٨٩٦م باللغة الألمانية، وأعيد طبعها في السنوات الأخيرة ٣٥ مرة - منها طبعة بتاريخ ٣ فبراير ٢٠٢٠م - وهي تحكي عن مغامرة لرجل يسمى (المهدي) في أفريقيا، وتصوره القصة بأنه شرير وشرس أكثر من وحوش الغابة، وأنه حليف لتجار الرقيق، وهو يحمل غطرسة الشر على الشعوب الأخرى، وإمعاناً في الصاق صورة إرهابية المهدي، وربطها بالصور الحقيقة لزعماء الحركات الإرهابية، فقد صمم الغلاف في الطبعات الأخيرة على شكل رجل عربي قبيح، ويلبس غترة وعقالاً وذي لحية كثيفة ووجه عابس، وتظهر خلفه منارة مسجد، وهكذا تروج إرهابية ووحشية المهدي في الشارع الأدبي وفضاء الثقافة الغربية، حتى تصبح هذه الصفة سائدة في ذهنية الفرد الغربي، لدرجة تصويرها وكأنها جين وراثي للمهدي.

- صورة: المهدي صنيعة الاستخبارات:
في الأدب الثقافي الغربي وبتأثير صهيوني، اتسمت صورة المهدي بأنه صنيعة الاستخبارات الدولية، وأن فكرة مهدي المسلمين غير حقيقية بل هي مختلقة من الخيال، وإذا خرج المهدي في المستقبل فهو أداة من أدوات المخابرات الأجنبية، ينطلق في مهمته بتدبير ودعم ومساندة منهم، مثل الحركة البابية والبهائية أو القاديانية والأحمدية، وفي هذا المجال نشرت رواية: (المهدي) (7) للكاتب (ايه. جي. كونيل)، وهذا اسم مستعار لضابط مخابرات، قصة أدبية خيالية من عالم الجاسوسية، صدرت في ١٩٨٢م وتكرر إعادة طبعها عدة مرات، حيث تدور أحداث الرواية: في معمعة صراع ومؤامرات بين الاستخبارات الدولية للسيطرة على العالم العربي بأكمله، ثم صدر الأمر من جهة استخباراتية مركزية بابتكار واختراع شخصية (المهدي) في منزل قائد أحدى البعثات الاستخبارية، قبل خروجه إلى المجتمع والشارع العربي، أسلوب خبيث وراءه ما خفي من أغراض ودوافع لتشويه صورة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) عند الشعوب الغربية.

تلك هي الصورة التي رسمتها وصنعتها الأقلام والأساطير الغربية بتحريك من الصهيونية، ويمكن اعتبار صناعة صورة المهدي الكاذبة جزءاً من علم النفس السياسي نظراً للدور الذي تلعبه أجهزة الإعلام والاستخبارات بتزييف حقيقة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) وفق خطة مدروسة، حيث تظافرت عوامل كثيرة ساهمت في صياغة هذه الصورة البشعة والمستهجنة، منها الظروف التاريخية والحروب والإرهاب والتعصب الديني، ومنها النفوذ والسيطرة الصهيونية، حيث وظفت كثير من العناصر لتبرير عدائهم للدجال الإسلامي والزعيم الإرهابي كما يروجون له، ومن أكبر المهمات لديهم هو التأثير على الشعوب الغربية (المسيحية والعلمانية) بصورة المهدوية التي رسموها، وهنا كانت فرصة لخبراء الحرب النفسية والاستراتيجية لكي يقنعوا الرأي العام الغربي بأن المهدوية هي الإرهاب بعينه، وأن داعش والقاعدة صورة مصغرة من ذلك، والبدء في خلق حالة من (المهدي فوبيا) (8) في الغرب، وهكذا نجد أن ممارسة كل هذا الخداع بنقل صورة المهدي المزيفة إلى العالم وبشكل مغاير للحقيقة والواقع، يصب في عملية تضليلٍ ضخمة للرأي العام الغربي والعالمي وبتأثير ناعم، ومن المؤكد أن هذا الخداع والتدليس ضرب من لغة الصراع الخفي، لتحقيق غرض رسم صورة مزورة وكاذبة وغرسها في عقلية وثقافة الرأي العام المستهدف بديلاً عن الصورة الحقيقية، وبذلك يتم تحقيق بعض أهداف الحرب السرية.
وفي ضوء ما سبق، فإن مسؤولية ذلك التشوية والتقبيح لصورة المهدوية ليست مختصة بالصهيونية والأعداء فقط، وإنما جزء منها يقع على أكتاف المؤمنين والموالين: ويدل على قصور المنهج الفكري للثقافة المهدوية الحالية عن معالجة تلك الدلالات والتصورات الخاطئة في فضاء الثقافات الأخرى، وعن ضيق أفقنا وضعف رؤيتنا عن تعريف مهدوية أهل البيت (عليهم السلام) للحضارات غير المسلمة.
####################

الهوامش:
(1) الرأي العام: هو الرأي السائد بين أغلبية الشعب أو وجهة نظر الأكثرية تجاه قضية معينة (عامة) في زمن معين، والرأي العام الغربي: هو الرأي السائد بين مجموعة من الشعوب الأوربية والأمريكية (مسيحية - علمانية).
(2) The Imam of Time: A Novel of Then and Now, by: F.W. Burleigh, Publisher: Zenga Books - January ٢٩, ٢٠١٨.
(3) The Islamic Antichrist: The Shocking Truth about the Real Nature of the Beast - Joel Richardson.
(4) مايكل يوسف (معاصر): ولد في مصر وعاش في لبنان وأستراليا قبل مجيئه إلى الولايات المتحدة، في عام ١٩٨٤ حقق حلم الطفولة في أن يصبح مواطناً أمريكياً، وهو الراعي المؤسس لكنيسة الرسل في اتلانتا - جورجيا، أمريكا.
(5) End Times and the Secret of the Mahdi: Unlocking the Mystery of Revelation and the Antichrist, by: Michael Youssef, Publisher: Worthy Publishing - February ٢٣, ٢٠١٦.
(6) In het land van de Mahdi , by: Karl May - ١٨٤٢ - ١٩١٢.
(7) The Mahdi, by: A.J. Quinnell, Publisher: William Morrow & Co; ١st U.S. edition - January ١, ١٩٨٢.
(8) مصطلح (المهدي فوبيا): ينطوي على التحامل والكراهية والخوف من الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) أو كل شيء يرتبط به، وبالأخص عندما ينظر للمهدوية كقوة جيوسياسية أو كعدو ومصدر للإرهاب، مما يؤدي إلى النظر لقيمها ومبادئها بدونية ومنزلة أقل من الثقافة الغربية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مجتبى الساده
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/04



كتابة تعليق لموضوع : الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)  كما يصوره الأعداء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net