صفحة الكاتب : صباح محسن كاظم

المثقف الإسلامي ودوره في البناء الثقافي ح2
صباح محسن كاظم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  هذا التعشق بالواقع بمنظومة قيمية يسهم بشكل فاعل ويترك أثرا تحت الشمس... فعملية الهدم سريعة التأثير وعملية البناء طويلة شاقة معقدة تحتاج الى الصبر والاخلاص والنزاهة وتضافر جميع الجهود المخلصة لتأسيس ثقافة التعايش والمشاركة الجماعية ووصول صوت الناخب لمن يستحق تمثيله السياسي من خلال احترام الرأي الآخر وعدم الغاء دوره وتهميشه اللامعقول، بالطبع الحراك الثقافي يأتي من خلال ستراتيجية لإنتاج ثقافة ترتقي بالمجتمع سلوكيا وتربويا توفر مناخا ملائما للإبداع من خلال فسحة الحرية في الاعلام المرئي والمسموع والمقروء مؤطرا بانساق مفاهيمية جديدة نقيض الخراب الفكري والايديولوجي للفاشية المهووسة بكاريزما القائد الملهم الاوحد، الذي وجه الاعلام والنشاط الثقافي شعرا وادبا وفنا وسلوكا باتجاه الشخصنة، وثقافة حمل السلاح وثقافة كتابة التقارير وقطع الرقاب وتحطيم قيم الأخلاق والانتماء للوطن... 
  اما المثقف السلبي الصامت الجالس في المقاهي للتنظير دون العمل فهذا النفاق الثقافي بعينه فهو لايمتلك مشروعا حضاريا وفكريا وانسانيا فعقدة العجز من تقديم شيء لخدمة وطنه من خلال التصدي للارهاب وفضحه وكشف حاضناته ومموليه فهو يؤثر السلامة والمشي الى جوار الحائط، فهو يعد الجلوس على التل أسلم.
   وطننا بحاجة لمن يعمل للبناء ويحدد محدداته ويؤشر مواطن العلل للإرتقاء بالواقع، ويشيع ثقافة السلام وثقافة الحب وثقافة الحوار وثقافة المواطنة بدلا من ثقافة القطيع وثقافة المليشيات وثقافة المسالخ البشرية، الجرأة وقولة الحق تتطلب مجابهة الفساد الارهابي المالي والسياسي وكشف سوءاته. فالعراق وهو خارج من مخاضات الحروب وانكساراتها تاركا ملايين الثكالى والأرامل والأيتام، والبعض من المثقفين يغرّدون خارج السرب أو يلوذون بالصمت، ومنهم من يخوض في تهويمات من خيال لا صلة له بهواجس الإنسان العراقي وويلاته ومحنه!! 
  هذا هو المثقف السلبي الذاتي الذي طالما وقف الى جانب الطاغوت ضد ضحاياه، وساهم بصنع الاستبداد وصناعة العنف.. وطننا المدمى بحاجة الى المثقف الناطق الراصد للواقع وسلبياته لتجاوز المنعطف بسلام، وتأسيس وعي قيمي ومفاهيمي للمواطنة الصالحة للنهوض الحضاري، وتجاوز كبوات الماضي وركام السلبيات التي ورثت من الفاشية وثقافة الهدم وثقافة العنف.
  ان الانطلاق النهضوي لعراق الحرية يلعب فيه المثقف الناطق دورا حيويا وستراتيجيا في تشكيل الوعي الثقافي الجديد، فالأمم الحية تتطور بما ينجزه المبدع في كل جوانب الحياة الفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية، والمثقفون في بلادنا على اختلاف مستوياتهم وتنوع مجالات اختصاصاتهم يستطيعون ـ اذا تجرّدوا من ذواتهم- أن يعيدوا تشكيل وعي الناس، ويصححوا ما رسخ في أذهان بعض الناس من وعي زائف، وهم مؤهلون أكثر من غيرهم للأخذ بأيدي المواطنين للسير في الطريق الصحيح؛ لأنهم أكثر الناس وعياً بخطورة التعصب للرأي، والتشدد في الموقف، والتزمت في الفكر. لذلك هم مطالبون في المرحلة الـــراهنة بالإصغاء إلى الرأي السديد، بصرف النظر عن مصدر ذلك الرأي أو منبعه، وهم ملزمون كذلك أكثـــر من غيرهم باحترام من يختلفون معهم في الرأي أو المبدأ أو العقيدة.
 فالثقافة العراقية الجديدة تتطلع نحو المثقف الناطق والراصد لسلبيات الواقع لإزاحة الأفكار البالية للفاشستية والنظم السياسية الإستبدادية، واستبدالها بمنظومة قيم أخلاقية مستوحاة من مبادئ ديننا الحنيف وموروثنا الأخلاقي المستمد من المعصومين وأئمة الهدى وأعلام الورى.
   الحرية نعمة وهبة ربانية، فالثقافة التي ينشدها الجميع تسهم بتحرر ارادة الانسان العراقي التي كبلت بالأصفاد طيلة العقود البائدة، وزحزحت الثقافة الاصيلة، الان ينبغي ان يتصدى المثقف الاسلامي لينهض بالوطن المستباح طيلة نصف قرن، فالمثقف بيده القلم وبالاخرى غصن الزيتون.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صباح محسن كاظم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/05/22



كتابة تعليق لموضوع : المثقف الإسلامي ودوره في البناء الثقافي ح2
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net