صفحة الكاتب : د . سمير ايوب

نعم، أستحق أن أكون رئيساً للوزراء
د . سمير ايوب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إضاءات على مشهدٍ في الاردن

حفيدان لي، أحدهما مُشاغبٌ بإمتياز، والثاني دَهقونٌ بإمتيازٍ هوالآخر، كانا يجلسان قُبالَتي عصرَ الأمس، الأوّل عابِسَ الوجه مزمومَ الشفتين، والثاني عابِسَ الوجهِ عاقِدَ الحاجبين.

كُنّا ثلاثتنا نُنناقِشُ معا بأريحيةٍ مُحْتارَةٍ، شيئا من القضايا الاجتماعية، وما يُرافِقها مِنْ عُنفٍ مُجتَمعيَّ مُتنقلٍ ومُتحوِّلٍ، وتدويرٍ للنفايات الاجتماعية، حين قاطعني الدهقونُ منهم، في تعقيبٍ عاصفٍ مُشبعٍ بالعتاب: أفهمُ منْ كلِّ ما قُلنا: أنَّ الوظائف المدنية العامة، هي تكليفٌ للقائمين بها، لخدمة الناس بإخلاص مُتقن. فأستنتج على أنها حقٌ لكل مُواطنٍ مُؤهلٍ لها. أتلفتُ حوليَ، فأجدُ بعضَهم مُغتَصِباً لِمَنصبه. ومِنْ خلال ما أعرفه عنكَ، أودُّ أنْ أسألك: لِمَ أنتَ لستَ رئيساً للوزراء يا جدّي؟!!!

قلتُ: سؤالك يا ولدي، يوحي بأنك لا تُدرِك حتى الان، معنى أن يكون والدك نجاراً بسيطا، وأمك أَّميةٌ، وجدك لأبيك حرّاثا ، وجدك لأمك راعيا، لتَجِدَ الجواب.

إنتفضَ المُشاغبُ وقال: ولكنَّك مُواطنٌ صالحٌ مؤهل وقادرٌ عليها. ولستَ فاسداً أو مُفسِداً. ولستَ ماسونياً أو صهيونياً أو مُتَصهينا متخفيا في أخد نوادي الاسود والنمور والفهود والضباع والذئاب، وما شابهها. ولستَ صاحبَ أجنداتٍ خارجية مُعاديةٍ لشيء في بلدك. يليق بك الموقع يا جدي.

قلتُ بشيء من المرارة : البراري السياسية المُتجاهَلَةُ ، هي مستودع القلوب الذهبية، والعقول الوطنية المستنيرة، والإيمان اللامذهبي يا شباب.

إقترَبا مني، المُشاغب والدهقون معا، وأمسَكا بيديَّ ، وأدْنَيا وجهيهما من وجهي، وقاطعاني وفي عيونهما رجاءٌ مُتسائِلٌ: أتقبلُ تكليفَنا لكَ بتشكيلِ الوزارة ؟ طبعا بعد إستئذان صاحبِ الولايةِ المُحترَم.

إبتسمتُ موجوعاً وقلت لهما: من خلال ما أعرف عن نفسيَ ، فأنا بالفعل أستحق أن أكون رئيساً للوزراء. مِشْ مِنَ الضروري هنا، بل في أيِّ مَوطِنٍ عربي آخر. فكلُّ بلادِ العُرْبِ أوطاني. ولكنَّ يا شباب، فإن الأماني والرَّغباتُ والقدرات الفرديَّةُ في جُلِّ بلاد العرب، لا ترفعُ الكثيرين إلى الصفوف الأمامية في المسؤولية العامة. إنها الروافع أوالأسانسيرات ما تفعل ذلك، وفي بعض الأحايين طائرة أو دبابه. ولكنّ ، ثِقوا بأنَّ كلَّ هؤلاء وهؤلاء وهناك، يرحلون في النهاية، إلى جحيم المتاحف على شيءٍ يُشبه جناح ذبابة.

آهٍ يا أحفادي لو تعلَمون، ما أعدَّه الله للظالم، وما أعدَّه للمظلوم، لأعْفيَتُم جَدَّكُم من هذا التكليفِ النقيِّ التَّقيِّ الطَّاهرِ الورِع. سامِحوني يا شباب، إنَ خِدمَةَ الناس أمانةٌ ثقيلة وقويَةٌ ، يأبى عقليَ حملَها.

إشفاقاً على نفسيَ لا انتقاصا من قدراتها، أو تهرّبا، أردُّها لكم بإحترامٍ ، مُشبَعٍ بالشكر والامتنان.

عاش الوطن .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . سمير ايوب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/03/15



كتابة تعليق لموضوع : نعم، أستحق أن أكون رئيساً للوزراء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net