صفحة الكاتب : علي علي

الحمى والمتسببون بها
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  في مثل عراقي قديم، أدلى قائله بمعلومة تكاد تكون حاضرة في كل الأزمان والأماكن، تلك المعلومة هي أن أس المشكلة وأساس البلوى يكمن غالبا في أشد الناس حميمية بنا وأكثرهم قربا الينا، ذاك المثل هو؛ (الحمى تجي من الكراعين)..! ولم ينفرد صاحب المثل هذا بمعلومته، فقد قالها شاعرنا الرصافي أيضا في بيته:

كلاب للأجانب هم ولكن

على أبناء جلدتهم أسود
وأقرب قريب ينطبق عليه مثل صاحبنا وبيت رصافينا هم ساسة العراق الحاليين، والحاليون تحديدا لايعني براءة السابقين من مقصد المثل، فقد سلمنا ان صدام وضع العراق والعراقيين على شفا حفرة من نار، ولطالما أدخل أبناء البلد في مآزق حروب وحصار آلت بهم الى الفقر والقهر والتخلف والمرض، علاوة على الموت والهجرة والتغرب، وأدت كل هذه المعطيات مجتمعة الى تقهقر العراق وركونه في زاوية البلدان الفقيرة، بعد أن كان من البلدان النامية ومرشحا للوثوب الى مكانة البلدان المتقدمة، تبعا لما يمتلكه من ثروات طبيعية وطاقات بشرية هائلة، وبذا يكون الفارق بين سلبيات السابق واللاحق ضئيلا جدا، مادامت عطاءات الإثنين متشابهة ومتجانسة في نهاية المقارنة.

 إن الناظر لواقع حال العراقيين اليوم قد يذهل بادئ الأمر، إذ أن من غير المعقول ولا المقبول تدني أوضاع بلد ينعم بثروات عديدة، قلما تجتمع في بلد واحد ورقعة جغرافية واحدة الى ماهو عليه اليوم، ووجوه التدني تشمل مفاصل البلد برمتها من دون استثناء، فالجانب الأمني يتدنى بين فينة وأخرى بما يمكّننا من إطلاق صفة عالم الغاب عليه. والجانب الاقتصادي هو الآخر، فقد تدنى الى أسوأ مراحل الركود والكساد، ماألقى ظلاله المرعبة على المستوى المعيشي على أغلب شرائح المجتمع. وكذا الحال في الجانب التعليمي والصحي، فهما الآخران طالتهما يد التخريب والتعطيل والتهديم، بشكل يصعب معه الإسعاف والتقويم، وصارت عملية إعادة بنائهما معقدة للغاية، ومن مسك معول البناء من المسؤولين يوما، يجد أمامه من المعاول الهدامة مالاحصر لها، تثني إرادته وتثبط عزيمته وتقبر مشروعه في مهده، وقد قال شاعر:

ولو ألف بانٍ خلفه هادم كفى

فكيف ببانٍ خلفه ألف هادم
وقطعا الهادمون هم (من حبال المضيف)..!

 وبالرجوع الى صاحبنا (ابو المثل) ومقارنة مشاعر الغرباء والبعيدين عن العراقيين مع مشاعر أبناء جلدته المقربين، نرى أنهم -الغرباء- تعاطفوا مع العراقيين وشاركوهم مآسيهم وأحداثهم المفجعة أكثر من أهليهم وذويهم، ولاسيما حاكميه وساسته، وهذا الأمر يتضح جليا في حال حدوث الكوارث البيئية، كما هو حاصل اليوم في محافظات عديدة من البلاد، كذلك يتضح تعاطف العراقيين مع بعضهم بعد كل حادث تفجير او اغتيال او هجوم إرهابي تتعرض له إحدى مدن العراق، وشاهدي على هذا لايحتاج الدبلجة والترجمة أكثر من استذكاره والتنبيه عليه، إذ بات العالم يعي مايحدث للعراقيين وما يمرون به من ظروف قسرية، وضعهم فيها ساستهم الحاليون فضلا عن السابقين. والحديث يطول ويعرض عن الذين يشاركوننا عزاءاتنا من الغرباء، ويطول ويعرض أيضا عن الاقربين المتسببين بها.

aliali6212g@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/12/05



كتابة تعليق لموضوع : الحمى والمتسببون بها
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net