صفحة الكاتب : الشيخ محمد قانصو

في بيتنا إنترنت ..
الشيخ محمد قانصو

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
.. لا يستطيع الواحد منّا تجاهل ما يضجّ به العالم اليوم من ثورة علميّة ومعلوماتيّة هائلة, ولا يقدر أن ينأى بنفسه عن مجاراة لغة العصر, ليعيش في غير زمانه ومكانه, في زمن تبدّلت فيه الكثير من القواعد, وتغيّرت فيه العديد من الصور..
ولا شكّ أنّ التطوّر التكنولوجيّ ترك بصماته الإيجابيّة على واقع الحياة, وساهم مساهمة بالغة في تسهيل أمور النّاس, وتأمين الرفاهيّة لهم, وكسر الحواجز والمسافات في ما بينهم, كذلك فإنّه فتح أمامهم آفاق العلم والمعرفة, وبنى لهم جسور التواصل, حتّى غدا الكون كلّه قرية كونيّة واحدة تذوب فيها الفوارق العرقيّة والجغرافيّة والثقافيّة والسياسيّة.
وأمام حسنات النهضة المعلوماتيّة التي تتمثل اليوم بالشبكة العنكبوتيّة " الإنترنت " - والتي باتت ضرورة ملحّة في مرحلتنا- واعترافاً بكل ما قدّمته وتقدّمه من منافع لا يسع المجال لذكرها, فإنّه لا يُنكر أيضاً ما تسبّبت وتتسبّب به من مشاكل اجتماعية وانحرافات سلوكيّة تصل إلى حدِّ الجريمة, وليس هذا افتراضاً أو توهماً وإنما حقيقة جليّة تبيّنها الدراسات والإحصاءات وتثبتها الصور والمشاهدات.
ما يهمني التعرّض إليه في هذه المقالة هو الأثر السلبيّ الخطير للإنترنت على الحياة الاجتماعية سيما الزوجيّة منها, والتي باتت تشكّل خطراً حقيقيّاً على سلامة واستمرارية هذه المكوّن الأساسيّ للمجتمع. ففي الوقت الذي فتحت فيه هذه الشبكة الباب واسعاً أمام التعارف البشريّ دونما حدود, فإنّها ضيّقت الخناق على المساحة الرحبة المفترضة بين الزوج والزوجة في البيت الزوجيّ, وشكّلت حاجزاً تواصليّاً بين الزوجين أدّى بدوره إلى استفحال ما يعرف اليوم بمرض "الخرس الزوجي" او انعدام لغة الحوار والتواصل بين الزوجين.
لقد أصبحت الإنترنت مهرباً ومفرّاً من مواجهة المشاكل أو الاختلافات الزوجية, ما أدّى إلى تراكمها وبالتالي إلى صعوبة حلّها, كما أنها ولبالغ الأسف تحوّلت لدى البعض من ضعاف الوعي والثقافة والإيمان ممرّاً نحو علاقة إضافية ممجوجة عرفا, ومحرّمة دينا, تفوح منها رائحة الخيانة والرذيلة, ولا تجد لها مبرّراً على الإطلاق, ولا يمكن تطبيعها بأيّ حجة من الحجج التي يلجأ إليها البعض, كفشل الحياة الزوجيّة, أو افتقادها إلى الحبّ والاهتمام, أو القسوة والظلم الذي يمكن أن يُمارس من أحد الشريكين باتجاه الآخر. ذلك أنّ هذه الأسباب إن وجدت فإنّ لها العديد من العلاجات وربما تصل أحياناً  إلى حدّ الطلاق الذي هو نهاية  مأساويّة للرابطة الزوجية, ولكنّه حلّ منطقيّ ومشرّف إذا دعت الحاجة الملحّة إليه. 
.. في الوقت الذي نحذّر فيه من شرك الإنترنت وخطر الوقوع في منزلقاتها, فإنّنا لا نتبنّى ما ذهب  إليه البعض من إصدار فتوى تلزم المرأة بوجود محرم إلى جانبها عند استخدامها للإنترنت, ولكنّنا نحذّر المرأة والرجل على حدٍّ سواء من الصيّادين الذين يتربّصون بضعاف النفوس والقلوب, ويلقون إليهم بشركهم لينالوا منهم وطرا, كما نؤكّد على ضرورة ترشيد استخدام الإنترنت وقوننتها ومراقبتها لجهة ما تحتويه من إمكانيات هائلة على توفير مواد الرذيلة والانحراف كالإباحية والمقامرة والمخدرات وغيرها .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمد قانصو
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/10/24



كتابة تعليق لموضوع : في بيتنا إنترنت ..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net