صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

صداع شيعي هل يوقفه الحكيم
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تيقنت أنني مصاب بنوع من الحمى يمكن معالجتها بحقنة في العضلة، وفعلت ذلك، ثم توجهت للقاء السيد عمار الحكيم رئيس التحالف الوطني الشيعي الكتلة الأكبر، وهو زعيم الغالبية الشيعية التي تعاني من تصدعات في المنهج والرؤية بسبب عمق الخلافات بين المكونات الأساسية التي تبلور وجودها وتأكد بعد العام 2003 لكنها تقاطعت في النظرة لطبيعة الأحداث، ونوع المواقف والرؤية التي تصنع المستقبل.

لايمكن الجزم بأن إرث الحكيم سيشفع له في مواجهة التحديات الصعبة في البيت الشيعي الصاخب والمضطرب، وصحيح أنه إبن آخر زعيم للتحالف الوطني الراحل السيد عبد العزيز الحكيم، وإبن شقيق الزعيم الراحل السيد محمد باقر الحكيم، ووريث المرجعية العليا التي تعود لزعيم الطائفة الأكبر السيد محسن الحكيم، لكنه بحاجة الى مهدئات أخرى وأساليب عمل غير تقليدية للتعامل مع القوى الشيعية الفاعلة والتي وضعت خطوطا حمراء في علاقاتها مع بعض نتيجة التزاحم والمنافسة التي عاشتها منذ 2003 وحتى اليوم، حيث يبدو السيد مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري ووريث عائلة الصدر التي لم تكن على وفاق مع عائلة الحكيم  في غاية التشدد في تعاطيه مع نوري المالكي زعيم دولة القانون، وجمعهما صدام مسلح عنيف ومواجهة سياسية وتشابك في الحكومة والبرلمان وتقاطع لامثيل له لم يكن السيد عمار الحكيم ببعيد عنه وهو يفهمه تماما خاصة وإنه كان على تواصل مع الزعيمين الصدر والمالكي، وتحدث إليهما مطولا في مناسبات سابقة لكنه لم يصل معهما الى نتيجة، وظل يأمل في تقدم ما يحصل، وكان يتخذ مواقف متباينة تجاه كل طرف مع تصاعد حدة التوتر السياسي ومع خفوت يصيبه لكنه حافظ بذكاء على المسافة التي لم تنتج القطيعة بينه وبقية المكونات الشيعية، وعكف على إستقبال القادة الشيعة والمسؤولين الكبار والشخصيات النافذة وفتح آفاقا من الحوار معهم.

بعد كل ذلك الكم من التحديات والخلافات والصدام الشيعي الشيعي، وماإعترى المشهد السياسي من تجاذبات فإن إختيار السيد عمار الحكيم كرئيس للتحالف الوطني يعد تحولا مهما في العلاقة بين الأطراف الشيعية الفاعلة، ويشي بنوع من التغيير في سياسة المالكي خاصة وإن السيد الصدر لم يكن معترضا تماما على أن يكون السيد الحكيم رئيسا للتحالف، بينما كانت دولة القانون تراجع الأمر، ولاتبت فيه حتى حانت لحظة فارقة مع إحتدام الجدل السياسي والإشتباك مع التنظيم الإرهابي داعش، والحديث عن تقسيم الدولة، ومستقبل العلاقة بين المكونات، وإمكانيات عقد مصالحة وطنية تؤدي الى تغيير في بنية الدولة، وتعيد التوازن في العلاقة بين الشيعة والسنة من جهة، وتهيئ لرؤية مغايرة في العلاقة بين المركز وإقليم كردستان.

الحكيم سيواجه معضلة العلاقة بين الصدر والمالكي، وهي علاقة لم تتوتر للتو، بل مضى عليها مايقرب من ثمان سنوات كان الحكيم شاهدا فيها ومقربا ومصلحا ومحاولا الجمع بين الطرفين على طاولة التفاهم، ومما لاشك فيه أن للسياسة والمتغيرات قوة مذهلة في تغيير مواقف وتبدلها، وتحويل الأفكار الى وجهات أخرى قد تحقق تقدما في النقاش حول القضايا المهمة والصعبة، وسيحتاج السيد عمار الحكيم الى تكثيف الحوار الثنائي مع السيد الصدر والمالكي، دون تجاهل أن التغيرات المحلية والمواقف الإقليمية ستكون عامل ضغط مضاعف لتقارب في الرؤى، وليس للتباعد بسبب كم المشاكل والمعضلات على المستويين السياسي، والإقتصادي ودون تجاهل التحدي الأمني، ولعل الحكيم يتمكن في مرحلة ما من لم شتات الشيعة، في ذات الوقت الذي سيتحرك فيه نحو الكرد والسنة الذين عبروا عن تفاؤلهم بإنتخابه رئيسا للتحالف الوطني وإمكانية التعاون معه في ملف المصالحة بإعتبار أنه حافظ على علاقات طيبة مع جميع الفرقاء منذ أن تولى رئاسة المجلس الأعلى الإسلامي خلفا لوالده الراحل السيد عبد العزيز الحكيم.

عندما زرقني الطبيب بحقنة في العضلة تعرقت قليلا وتأكد لي أنني سأكون بصحة جيدة قبل الوصول الى مكتب السيد عمار الحكيم، وفي ذلك اللقاء قلت للسيد، إن سماحته يمكن أن يلعب دورا مهما في تحسين العلاقة بين المالكي والصدر فمشكلة الشيعة الحالية هي بسبب الخلاف العميق بينهما، وهناك فرصة تاريخية للحكيم ليوقف الصداع الشيعي، ويقرب بين المتخاصمين، ويعمل على وضع تفاهمات جيدة لعقد مصالحة وطنية لمرحلة مابعد داعش.

أعرف أن بعض القادة لايملكون مستشارين جيدين، وإن آخرين لايستشيرون كثيرا، ويعتمدون على أنفسهم في إتخاذ القرارات الصعبة، بينما الحكيم فهو يرغب على الدوام في لقاءات دائبة مع مستويات مختلفة من المثقفين والأكاديميين والسياسيين، وفئات مجتمعية مختلفة، وهذا سيوفر له معلومات مهمة وفهما أكبر لحركة المجتمع.

Pdciraq19@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/09/07



كتابة تعليق لموضوع : صداع شيعي هل يوقفه الحكيم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net