صفحة الكاتب : مرتضى علي الحلي

الامام المهدي /ع /في الميدان :قراءةٌ عقلانية بعينٍ تعبدية
مرتضى علي الحلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
نبدأ البحث بقوله تعالى (( ياأيها الذين آمنوا لاتسألوا عن أشياءٍ إن تُبدَ لكم تسُؤكم )) /101/المائدة.
هذه الأية نفسها تعطي مُبرراً مشروعا للكف عن السؤال عن علّة غيبة الإمام المهدي/ع/ وهو/ع/ أيضاً ذكرها في توقيعه الشريف الذي صدرإلى إسحاق بن يعقوب ناهياً إيّاه عن السؤال عن ذلك.
فقال/ع/
(( إغلقوا باب السؤال عمّا لايعنيكم ولاتتكلفوا ما قد كُفيتُم وأكثروا من الدعاء بتعجيل الفرج فإنّ في ذلك فرجكم )) / 1/ قطب الدين الراوندي/ الخرائج والجرائح /ج3/ص115.

و ذكرأيضأ الشيخ الطبرسي (احمد بن ابي طالب) في كتاب الاحتجاج /
(أنه خرج من الناحية المقدسة (عنوان على الإمام المهدي/ع/ ) الى محمد الحميري بعد الجواب عن المسائل التي سألها  
بسم الله الرحمن الرحيم
(لا لأمره تعقلون ولا من اوليائه تقبلون حكمة بالغة فما تغني النذر عن قوم لايؤمنون .السلا م علينا وعلى عباد الله الصالحين).

فمن هنا نقرأ صفحات القضية المهدوية قراءة عقلانية بعين تعبدية فالعقل لوحده لايستطيع تفكيك ألغاز القضية المهدوية مالم ينظم اليه المجهر التعبدي فتلك القراءة هي الوحيدة التي تستطيع أن تعطي الحل الموضوعي والمقبول عقديا لجميع التساؤلات لذا وردت بعض الفقرات التعبدية في الدعاء في زمن الغيبة الذي ذكره السيد ابن طاووس في كتابه جمال الاسبوع والتي تنص على الصبر في التعاطي مع فاصلة الغيبة الظاهرية  ومنها حث المؤمن على عدم التدخل في قضاء الله وتدبيره

ولاطلب الوقوف على معرفة الغيبيات الالهية

 ولا القول (لِمَ وكيف وما بال ولي الامر لايظهر وقد امتلأت الارض من الجور )

وطالبت هذه الفقرات العقدية الانسان المنتظر بتفويض الامر الى الله تعالى


وبعد هذه الملاحظات نقول أنّ الامام المهدي /ع /قطعا موجود في الميدان الوجودي في الارض وفي ميدان التشريع بعنوان حفظ الشريعة المحمدية الخاتمة للشرايع الالهية للبشرية كافة.
اما صورة وجود الامام المهدي /ع /وجوديا في عالمنا الامكاني(عالم الحياة الدنيا)

 فهذا مالاينكره العقل الفلسفي حيث ثبت في ابحاث الفلسفة الحكمية ضرورة وجود رابط وقناة بين الواجب تعالى والمخلوقين وهوما يسمى بوسائط الفيض الالهي انبياء كانوا أم ائمة معصومين

 وهذا الثابت الفلسفي مدعوم تعبديا بفقرة وردت في دعاء الندبة الشريف والتي نصها (أين السببُ المتصل بين الارض والسماء )

والسبب لغة هو  (الحبل )
وفلسفةً هو علة التأثير في الشيء

وقد اشار القران الكريم الى هذه الحقيقة التعبدية والفلسفية حينما قال((واعتصموا بحبل الله جميعا )) وهو كناية عن التمسك بالمبعوث الالهي من نبي او من نصبه النبي ص من امام معصوم . ....
فليس بالضرورة في زمن الغيبة الكبرى أن يُدرَك الامام المهدي/ ع /بالعين مباشرة بعد ماثبت وجوده الشريف فالحقيقة حقيقة في نفس واقعها وإن لم نقف عليها حسيا بل يكفي الاذعان بها تعبديا وعقليا

وهذا كثيرا ما نؤمن به في غير قضية المهدي /ع /فمثلا كل علماء البايلوجيات (علم الاحياء) يؤمنون عقليا بحقيقة اثبتتها اكتشافاتهم العلمية في علم النباتات نصت على أنّ النباتات تعتاش على ضوء الشمس المدمج بمادة الكلوروفيل /مادة كيميائية / (عملية التمثيل الضوئي) وهذه العملية حقيقة علمية خارجية غير مرئية للحس البشري ولذا جاء في الروايات بتكذيب كل من ادعى المشاهدة أو المعاينة في زمن الغيبة الكبرى وهناك ايضا فقرةفي الزيارة الجامعة لأئمة المؤمنين/ ع /توصف الائمة ع ب(حَرَسة الخلائق) وهذا يعني أن الامام المهدي/ ع/ حارس وجودي للبشرية مأذون من قبل الله تعالى في حراسة الرسالة الالهية ومعتنقيها بالدعاء لهم تارة واخرى بنقله فيض الله لهم

 وما يدعم هذه الفكرة تكثر المفاهيم العقدية التي تجعل من الامام المعصوم كشاهد على الخلق وبه يُنَزل الغيث وبه تقر الارض كما في الحديث

 (أنّ الارض لاتخلو من الحجة فلو خلت لساخت باهلها ) اي تزلزلت

وهنا تتبين اكثر حكمة وجود الامام المهدي في الميدان التكوين والتشريعي ,وإن لم نتطلع بحسب الظاهر على وظيفته التكوينية والتشريعية لكن ينبغي التسليم بتلك الحقيقة التعبدية والعقلية هذا وهناك اشارات موضوعية يمكن الاستضاءه بها بحسب مباني علم التفسير الموضوعي والذاتي تشعر بان الامام المهدي/ ع /هو المُنتظِر الاول لأمر الله تعالى في الفرج للبشرية فمثلا قال الله تعالى ((ومن المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا وهنا يقصد بالرجال (جمع قلة ) لأنه جاء مُنكّرا فجمع الاسم المنكر يفيد القلة

والامام ع في الروايات وصِفَ بالصادق كما عن دعاء الندبة (صادق بعد صادق ) وعلى هذا الاساس ممكن انطباق الاية على المهدي/ ع/ بضميمة قوله تعالى ((يا ايها الذين آمنوا إتقوا الله وكونوا مع الصادقين)) وكونوا / امر الهي ارشادي الى الاصطفاف سلوكيا وتعبديا مع الصادقين وهم الائمة/ ع /ومنهم المهدي /ع /الذي صدق ماعاهدالله عليه وكان من المُنتظِرين  و اذكر الفائدة القيمة في الاية الشريفة وهي استعمال صيغة الجمع المُنكّر نحويا (رجالٌ ) والتي تفيد القلة ففي ذلك اشارة الى قلة عدد الرجال الصادقين على مستوى البشرية .
وهناك ايَضا في القران الكريم اطروحة تنص على ضرورة الاستخلاف الالهي في الارض على العالمين قال تعالى ((إني جاعل في الارض خليفة)) أية 30 /سورة البقرة / والجعل هنا بمعنى ايجاد خليفة عن الله في الارض آدم كان أو الانبياء من بعده او من نصبهم الانبياء من الائمة بنصب الله تعالى لهم ويساعد على ذلك الفهم الموضوعي دلالة 0(صيغة اسم الفاعل /جاعل/ والتي هي صيغة صرفية تجري مجرى الفعل /جعل ويجعل / بمعنى لها صلاحية الاستعمال نحويا للتعبير عن الماضي والحال والاستقبال والروايات كثيرة في توصيف الائمة بالخلفاء حتى قالت أنهم إثناعشر  وهذا الخليفة المجعول إلهيا هو من يمثل الله تعالى في الارض ويكون المثل الاعلى لله تعالى ومنه تستمد البشرية ديمومتها وجوديا وتشريعيا الى نهاية الطريق الى الله تعالى وهناك طرح يقول أنّ الامام المهدي ع آلان ومن قبل هو في طور تحمل عبْ القول الثقيل إلهيا والذي سيلقيه حجة دامغة للبشرية وهذا ايضا يفتح جزء من حل إشكالية طول الغيبة زمنيا

 وهناك من يقول أنّ طول الغيبة زمنيا جاء لألقاء الحجة على من مضى ومن بقى حتى لايكون للناس على الله من حجة أو أنّ طول الغيبةجاء بحسب الترتب والتسلسل المنطقي خاضعا للظروف التاريخية والموضوعية التي حكمت المعادلة ماديا .
وأخيراً إنّ فائدة وجود الإمام المهدي :ع: هي متحققة قطعا وبالفعل ولكن ليس لنا بالضرورة الحسية أن نطّلِع عليها كما هو حال أكثر الأئمة المعصومين/ع/ في وقتهم
حيثُ كانوا يُمارسون دورهم الوجودي والتشريعي في محال تواجدهم ميدانيا وإن كان بعض الناس في البلاد البعيدة عنهم آنذاك غير مُطّلِع على دورهم هذا فهذا لايعني أنهم لادور لهم ولافائدة لمن لم يتحسس بدورهم فكذا الحال مع دور الإمام المهدي/ع/فقد يكون دوراً حسياً في محال  لم نعرفها أولم نعلم بها في هذه الأرض وماذلك على ألله بعزيز   .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مرتضى علي الحلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/29



كتابة تعليق لموضوع : الامام المهدي /ع /في الميدان :قراءةٌ عقلانية بعينٍ تعبدية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net