صفحة الكاتب : معمر حبار

متى يعود الشام؟
معمر حبار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.



 صليت البارحة لأول مرة، صلاة الجمعة بمسجد الرملية. وحين انتهى الإمام من الصلاة، قام شاب بصوت رقيق حزين، يطلب من المصلين مساعدته، ومساعدة أبناءه المرضى وزوجه المريضة. وقدّم نفسه على أنه سوري، يقطن بفندق المدينة، ولم يستطع دفع مستحقاته، ولا القيام بشؤون أهله وأبناءه. فقام الناس على الفور، وكل أعطاه حسب طاقته.
هذه الصورة، أمست تتكرر باستمرار، عبر مساجد الوطن، ترتفع في المناسبات الدينية، كشهر رمضان والأعياد، وتنخفض حدّتها في غير هذه المناسبات.
عرب الجاهلية، كانوا يتّجهون في إحدى رحلتي الشتاء والصيف إلى الشام، لما تحتويه من أمن وسلام، ووفرة في الأكل والشرب، وتجارة رابحة، وطبيعة خلاّبة تسرُّ الناظر وتُريح البدن، ورقّة في التعامل، وحسن ضيافة.
واستمرت الشام على هذا العلو والنقاء، فانتقل إليها حماة الحضارة، فبنوا فيها وبها الحضارة الأموية، التي سادت العالم ردحا من الزمن، بعلمائها وفقهاءها وكتبها وانجازاتها.
واليوم، يموت أهل الشام في سورية جوعا، وتُلتقط لهم الصور وهم يبحثون عن مايقتاتونه من حشائش وحشرات، بصدور مكشوفة العظام، ذاب شحمها، وغاب لحمها. وأطفال يصيحون بما تبقى لهم من صوت، نحن جوعى. وموت يحيط بهم من الأرض والسماء..

 براميل تفجّر الحجر والشجر، وقنابل تفتّت الإنسان والبنيان، وصور مرعبة مفزعة عن أعناق تتطاير، وأكباد تُأكل، وأعراض تُباع وتشترى، وقتل على المباشر وبالمجان، وسرقة لقوت أطفال، وخبز أرامل، ومصانع تُفكّك، ومآذن تنسف.
بلغ الجوع مبلغه بأهل الشام، حتّى أن مفاوضات جنيف، نصّت في بعض بنودها على إدخال المساعدات الإنسانية، من أكل وشرب ودواء وأغطية، للجوعى المحاصرين داخل المخيمات، وبين الأزقة من طرف هذا وذاك.

 تعلّم المرء منذ الصغر، أن ارحموا عزيزا ذلّ. واليوم بعد الكبر، حق للمرء أن ينادي بأعلى صوته، أوقفوا من كان سببا في جوع أهل الشام دون استثناء، وجعل أغنى حضارة تتسوّل على أبواب فقراء الأمس، وترجوا عطفهم، وتنتظر صدقاتهم.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


معمر حبار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/02/11



كتابة تعليق لموضوع : متى يعود الشام؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net