صفحة الكاتب : معمر حبار

من آداب المصائب
معمر حبار

  رافقه بعض الجيران، ليقدموا واجب العزاء، لأحد الجيران. وبعد أن أدوا ماعليهم، جلسوا لمائدة التفّ حولها جمع من المُعزّين، يتوسطهم زوج المتوفية، وهو شيخ طاعن في السن، وآخر نحيف الجسم، طويل الجسد، يبدو أنه يبلغ من العمر 65 سنة، تصدّر الكلمة، دون أن يقاطعه أحد، فأنصت الجميع، وكأن على رؤوسهم الطير. ورغم أن الكلمة لم تتجاوز 10 دقائق، إلا أن مضمونها الجديد، ومحتواها الطيب المفيد، تجاوز الزمان والمكان، فأحب المعزي، أن يشاركه القارىء في المضمون، والفائدة ..

 
 
قال صاحب الكلمة، وهو يواسي الشيخ الطاعن ، الذي توفيت عنه زوجه .. إننا نغبطك على المصيبة التي ألمت بك، لأن الله إذا أحب عبدا ابتلاه، وأنت يحبك الله، وإلا لما أخذ منك زوجك، وهي أعزّ الناس إليك، وأقربهم لديك، فهنيئا لك هذه المنزلة. وتقبلها الشيخ بقبول حسن، وهو الحافظ لكتاب الله تعالى.
 
 وقال فيما بعد .. إن هذه الليلة التي نعزي فيها صاحبنا، لاتدخل ضمن الحساب، لأنها كلها خير وبركة. ثم راح يوصي الحضور، بالاكثار من مثل هذه الليالي، التي تشهد فعل الخيرات. وأردف قائلا .. إن الله تعالى استجاب لنبيه، سيدنا زكريا عليه السلام، بأن وهب له سيدنا يحي، عليه السلام، ورزقه الذرية الصالحة، لأنهم كانوا يسارعون في الخيرات، ثم قرأ قوله تعالى، وهو الحافظ المتقن لكتاب الله تعالى: "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ"، الأنبياء - الآية 90.
 
ثم قال ..  إن النظر لمن أصابته مصيبة، عبادة يتقرب بها المرء إلى ربه، مابالك بمن يساعده، ويرفع عنه الغم، ويزيل عنه الهم، ويواسيه في ما أصابه وحلّ به. ثم دعا الجميع، ليسارعوا في فعل الخيرات، ومواساة المصاب، كل حسب طاقته، وقدرته، وظروفه.
 
وبعد الانتهاء من جلسة العزاء، راح المرء يتدبر في الكلمات التي قيلت في 10 دقائق، فأدرك أن من أحسن الاستماع للكبار وأهل العلم في الصغر، نشأ لديه رصيد لغوي، يمكنه من التحدث للكبار، بطلاقة لسان، وحسن بيان، تصل ببساطة وبسرعة للأفئدة. ولعلّ هذه الكلمة، البسيطة الجديدة، تعتبر من اللحظات التي لاتخضع للحساب، وأن النظر إلى صاحب الكلمة، عبادة لمن أحسن السمع والعمل، ويكتب قائلها ضمن المسارعين في الخيرات. 
  
 
 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


معمر حبار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/24



كتابة تعليق لموضوع : من آداب المصائب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net