المشهد السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد: سيناريوهات قاتمة ومخاوف واقعية
عباس كلش
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عباس كلش

إن سقوط نظام بشار الأسد سيشكّل نقطة تحوّل كبرى في تاريخ سوريا، لكنه لن يكون بالضرورة بداية الاستقرار والسلام. بل على العكس، قد ينطلق مشهد جديد أكثر تعقيدًا وخطورة، يتمحور حول صراع داخلي بين الأطراف المتنازعة التي تباينت مرجعياتها السياسية، الدينية، والعرقية خلال سنوات الحرب الأهلية.
سيناريو الفوضى والصراع على الحكم
مع غياب نظام مركزي قوي، ستبرز الأطراف المختلفة كلاعبين رئيسيين في المشهد السياسي، لكن هذه الأطراف ليست متجانسة. فكل منها يحمل خلفية فكرية أو عقائدية مختلفة، وأجندات تخدم مصالحها الضيقة، سواء كانت داخلية أو مرتبطة بدعم خارجي.
1. الصراع السياسي والعسكري:
القوى السياسية والعسكرية التي تشكلت خلال الصراع قد تجد نفسها في مواجهة مباشرة على السلطة. الكيانات المتعددة، من جماعات المعارضة المسلحة إلى الفصائل المدعومة إقليميًا ودوليًا، ستسعى لفرض سيطرتها على المدن والموارد الاستراتيجية.
2. التحالفات المؤقتة:
قد تتشكل تحالفات بين بعض الفصائل بناءً على مصالح مشتركة، لكنها غالبًا ستكون مؤقتة ومبنية على عدم الثقة. هذه التحالفات قد تنهار سريعًا، مما يؤدي إلى جولات جديدة من الاقتتال الداخلي.
3. تعدد المرجعيات:
سوريا ما بعد الأسد ستشهد تعددية في المرجعيات السياسية والدينية، حيث ستتنافس الفصائل المدعومة من قوى خارجية، كإيران وتركيا وروسيا والولايات المتحدة، على النفوذ. هذا التنافس الخارجي سيزيد من حدة الانقسام الداخلي، ويحول سوريا إلى ساحة صراع بالوكالة.
الانهيار الاقتصادي والاجتماعي
مع غياب سلطة مركزية، ستتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. الدمار الذي خلفته الحرب سيستمر في التأثير على حياة المدنيين، مع نقص في الموارد الأساسية كالطعام والماء والكهرباء. ستبرز ظواهر كالنزوح الداخلي، وانتشار العصابات المسلحة، وتفشي الجريمة، مما سيزيد من معاناة الشعب السوري.
الأمل الضئيل في الاستقرار
رغم هذه الصورة القاتمة، يمكن أن تكون هناك فرصة ضئيلة لبناء استقرار طويل الأمد إذا:
1. تدخل دولي متوازن:
إذا نجحت القوى الدولية في فرض اتفاق شامل بين الأطراف السورية، قد يتم التوصل إلى صيغة للحكم الانتقالي تكون مقبولة للجميع.
2. تحقيق عدالة انتقالية:
المصالحة الوطنية، التي تشمل محاسبة المسؤولين عن الجرائم، قد تكون مفتاحًا لتخفيف التوترات وبدء عملية إعادة البناء.
3. دور المجتمع المدني:
المنظمات المدنية والشخصيات المستقلة يمكن أن تلعب دورًا هامًا في بناء جسور التواصل بين الأطراف المتصارعة، والعمل على تخفيف معاناة المدنيين.
الخاتمة
سوريا ما بعد سقوط بشار الأسد لن تكون نهاية للأزمة، بل بداية لمرحلة جديدة من التحديات والصراعات. المشهد القادم يعتمد بشكل كبير على قدرة الأطراف المختلفة على تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة، وعلى تدخل دولي متوازن يهدف إلى دعم الشعب السوري في بناء دولته من جديد.
نسأل الله أن يحفظ سوريا وأهلها، وأن يبدل حالها من الفوضى والاقتتال إلى السلام والاستقرار.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat