صفحة الكاتب : فوزية جمعة المرعي

لو تُرك القطا ليلاً لنام
فوزية جمعة المرعي

 

لمناسبة حلول  شهر  محرم الحرام  اهدي  قصيدتي لكافه العراقيين  كما واهديها  لموكب  اشبال الحسين   لخدمة خدام الحسين  لمؤسسه  فاضل علي عبد الغزي  في  محافظة ذي  قار  مدينة الناصريه
 
فوزيه جمعه المرعي

هنــــــــاك ..قرب باب الجنــــة

يتزاحــم الشهــــداء..

يترجل ُ ملاكٌ عن صــهوة النــور

يتناثر من فمه المسك ويقــــــول:

أفسحوا الطريق لسيد الشهـــداء..

ـ مضى الحسين معانقا , بشراً مسربلين بالسندس..

تغيف على أغصان أنفاسهم فراشات النــــور..

ـ اقتحمت الحشد حورية ٌ يلفعها الحيــــاء..

تنهمر الأمومة من عينيهــــا ..

تفيض من ريق مبسمها ..

رشــفات من نهــر الكوثـــر:

قال الحسين :

بيني وبينك يازهــــــــراء ..قاب قوسين أو أصغر ..

ضمتـــه بين جناحيها ..

والحبُ غدا مرجــاً أخـــضر

وجمـان الشوق ينفرط ..

من نطـف الروح يتحـــدر ..

 

أخبرني يافلذة روحـــي

عن مدن ٍ تفنى ولا تذكـــر..

صبراً..صبراً..آل البيت ..فالطهر منكم يتجــذر!

ـ لا الطعنة النجلاء تشفي الغليل..

ولا الصرخات المبحوحة عن نئيم الرماح ..

ولا الأنين المتقاطر عن تويجات الشقائق ..

لكنهم هاموا بوأد التسابيح ..على أوتار فاجعتي

من الصباح ..إلى الصباح...!

استعذبوا الموت والتنكيل وقالوا:

اكتبوا وصاياكم على شفاه سيوفنـــا..

لم يعد درباً يعبده الرجوع بالإياب..

هـذي سهوب الموت لاهثـــــــــة ..

وسيوفنا غرثــــــى ...

لا يشفي صليلها ..إلا سليل الأنبياء ..

أسبلت أهداب روحي للقـــــــدر ..

وسلـّمــت تسليم اليمــــام ...

طفرت عن عيني ّ دمعتــــان ..

دمعــة على الموت الغريــــب ..

ودمعة على أفراخ اليــــــــمام !

 

 

ناجيتهم : ما جئت متسولا ..

أبحث عن كســرة خبزٍ..ولا عن رشفة ماء..

لكن البتول أدبتني فلبيت النداء..

قالت بنــــي:

ذوو القربى ..واليتامى ..وعتق الرقاب ..

إليك قلادتــــي ..

نظمت فيها من هُدب توحيدي

السلافة من شهد الكـــلام..

كــــن سيداً أنـّى حللــــــت ..

وكريمــاً إذا استضفـــت ....

وعادلاً إذا حكمــــت .....

وإماماً لصلاة القانتين ...

ولا تجزع بنـــي ..إن داهمتك آلاء الشهادة ..

لن تكون غريبا إذا ارتحلت إلى مدن الطيف...

ستجد على ضفاف الخلــد ..

أسراباً معششة في خلايا الشهد..

تتهيكل أقواس قزح أباريق...

تسكب في أفواههم دفقات من روح الماء..

يتكوكب جمـّار التقوى ..

فاكهة تسبي الألباب ..

 

 

فكن ..سيد الشهداء ..

هكذا أخبرني جدك قبل أن يمضي إلى حج الوداع..

ــ مضى جسوراً , ليرضع من ضرع النداء..

 على مفازات العهود..

تاهت الخطى عن مساربها تسأل :

أين الرسالة ..والرســــول ؟؟؟

لا سمهري سيفه..

ولا رديني رمحـــه..

يتأبط في يمينه غصن زيتون ..

وفي يسراه سيفاً يزمزمه القنوت...

مضــــى ..والليل راحلــــة

يهودجها حــــداء..

يجفلُ أعـذاق النخيــــــل...

ـ قالت يمامة لأختها :

هيـــا ...نغادر..فالأرض تنبئ عن زلازل..

والريح يزنرها عويـــــــل! 

والأفق مناجل مشدوهـــة

ترنو لسنابل من ياقوت ..

سنعشش على أغصان التيــــه..

 

 

كي لا يأتي ملاكٌ يسأل:

ماذا جرى في "ألطف" ياورقــــاء؟

لم الهروب من وليمة ..

تكالبت على أشلائها حتى النسور؟

ـ الريح تمضغ ذؤابات السكون ..

الأفق مسعور يحصد عناقيد الغروب..

الفرات محموم في سريره ..

يهذي للأمواج ســّراً..

السماء قنديل من غير فتيل

الليل ساج ٍلا يريـــم..

لا زوارق تمخر عباب الصمت

غير نواح الأبرياء...!

وخيمة تصـّاعد الأرواح من شقوقها نجوماً..

تتواثب في اللاسمــاء..

الخيل جامحة يسبقها الصهيل..

تشق تخوم المسافات

تستبيح جفون الليل...

تخمش وجه النهار ...

رؤوس تتهاوى عن أنساغها..

 

كخريف باغت الخمائل قبل الأوان...

جثث تتيممّ بتبر الردى

داشرة يكفنها العراء..

الخبز في زوادة الموت ..

مغموس بطعم الاحتضار ..

تسعة أيام محرمـــــــات ..

وفي عاشرها قتل الإمام !!!

ــ مناجاة : (الحسين يناجي زينب)

الموت ناداني ياأُخيه الوجد..

فلبيـــت النـــداء..

توضأت من غدير نجيعـــي..

لتسجد الروح في إهاب المنية سجدتين..

لا يدرك ميقاتهما ..إلا الشهداء..

أودعتك حزناً تنوء بأرزائه صوامع الناسكين ..

أخشى أن تحصد مناجلهم قمحاً..من سنابل شعرك..

وأن تستل رماحهم خيطاً ..

من رداءٍ يوشح سترك..

وأن تهفو نفوسهم الرعناء

للمسة من جبين طهرك..

ستبقين ياقيثارة الروح..مغزلاً للحزن ..

أشلاؤنا قصائد تتمحور حول خصرك..

ـ ألفيت روحي على براق الردى

تُقشر الغيم ملاءات لتستر عريك..

أيتها المتبتلة في محراب هولك

سيفاً من قنــــــوت ..

كوني رؤوما بمن بقي في حصالة الأنبياء

أوصيك خيراً بسكينة .. وكلثوم..وزين العابدين ..

تركته صادياً ..يثغب لقطرة ماء ..

والفرات يزمجر خلفه ..تزجره الضفاف ..

عليلٌ تسجر الحمى على جسده الرهيف

أرغفة الأنيــــن...

لم يعد في الخيمة أمٌ

تطفئُ بماء عينيها ياقوت جمره..

وتسقي جلنّارا نما على أهداب جرحه..

سأقص على جدي الحكايــة

من البداية إلى النهايــة ..

 سأخبره عن أناس تركتهم في مدن التراب

ستذرف الزهراء ثلاثا وسبعين دمعة

على جسدٍ أضحى رديئة لأنياب الذئاب..

ـ لم يكتفوا بالجسد المسجّى في صهد الموت !

المكفن بسموم هالات المنايا..

 

أجفلوا الخيل..لتجعل من جسدي ..

جســراً للحوافر..

فأرعدت الأرض من تحتي ..وأبرقت السماء..

والمطر الأحمر يغصوصن ياقوتاً على جيد الغروب ..

رأيت في بلد النور :

عيسى بن مريم ..والشهداء جميعهم على الأرائك متكئين..

وأبصرت آيات مطرزة بحبر النجوم

"ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين"

وعند سدرة المنتهى ..

شاهدت ملاكاً..يناغي أطفالاً..يرضعون من حليب أغصانها..

يرفرفون بأجنحة خضراء..

رأيت عبد الله واليتامى أمواجاً في أنهار الخلد يسبحون ..

يتأرجحون بأغصان دانية القطوف..

لم ألمح أثراً لرماح المارقين في أعناقهم الجذلى..

ولا بقعة دم تناثرت على دروب النمل ..

ـ بالله يابلدي الأمين ..قل لي:

كم يلزمك من قرابين ممهورة بالدم الأخضر ؟

أألف سلالة تكفيك أم أكثر؟

كي تتمحور راية نصر في قلب الطغمة ..والطغيان ؟

كي تبعد عن طهر فيافيك

 

 

خيلا إن جاؤوا أو عسكر ..

فيهيم النخل بأعذاقٍ..

أشهى من شهد أو عنبر ..

في الموصل مئذنة تبكي..

لصلاة الفجر أو أكثــر..

والكوفة ترنو في شــدهٍ

بركان نسـكٍ يتفجر..

بغداد تنوح على رُقُمٍ

نقشت بملاحم عن سومر ..

ـــ نـــــــواح:

الرأس ملقى في إناء الصمت

ينضج على هسيس جمر الاغتراب

لا مؤنس يبل ريق غربته بدمعة

ولا غراباً يخفي سوءة فعله ...

لا مراسيم تليق بدفن الأنبياء..!

لم يكن يناجي صمته ..

إلا هديل مطوقات

تناوبت على إيناسه ..شقت إزار الغيم ورنقت ..

تسجع فوق أغصان  النزيف..

حتى الملائكة أجفلها هول المصاب

فحلقت من سماءٍ إلى سماءٍ

تبحث عن ملاذ..

إلا الغروب الذي تماهى بدموعه

مع نزيز أوردة الخزامى ..

والليل يغزل من خيوط الغيم ملاءةً

ليكلل الرأس الشــــريد..

شقائق الروابي يذبحها شذاها..

تبكي تويجاتها عبير الأتقياء..الصبح نايُّ أحرقه الشفق..

ترمدت على نحيب ثقوبه

تراتيل الرحيـــل

ـ أيتها الروح المطمئنة في رحاب الله ..

عزاؤك أنك في حوزة الخلد البهيّ

بين صفوف المنزهين

عن العتاب ..أو العقاب..

ـ وحدها الشمس الجريئة ..

ترتدي ثوب الحداد..

قصت غدائر من ذهب ..واختفت خلف الرحاب..

مضت تسـّرح حزنها

بين أمشاط الصقيع..

لا رئام تؤنس تلك التلال

وحده الجودي يثمل من كأس الندامة ..

جرعة من نهر دجلــة ..وأخرى من فرات ..

ويمام غادر الطوفان أضحى ..

خلف آفاق الرجوع..

راح يسّـاءل عن منفى ..

حول أغصان الهديل

وعلى شرفة المنأى

يتعوسج الحزن محراباً وتراتيل

للقطا المسبي عن سدف البراري ..

ـ الجزء في الكل

الكل موئله الفناء...

الفرد في الحشــد

الحشود يراعات تتكوكب

على سجوفك ياسماء..

تفنى الأناشيد على أوتارها ..

تصلب النايات على أعناق القصب..

تحترق المزامير على زفير أنفاسها

إلا تراتيل تموسقها قيثارة الكون الجليل:

الله أكبر سرمدي..الله أكبر أزلي..الله أكبر أبدي ..

فــردٌ ...حشــودٌ ....في أحــــد.

 
 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فوزية جمعة المرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/11/29



كتابة تعليق لموضوع : لو تُرك القطا ليلاً لنام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net