خذوا كل شيء واتركوا التعليم...
سجاد الحسيني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سجاد الحسيني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يمكن أن يتلخص أثر التعليم على المجتمع بوصفه على أنّه قوة قادرة على تغيير المجتمعات كلياً، كون التعليم ضرورة للمجتمع وتقدمه، كما أن التعليم يمنح المجتمع قيم أفضل، ومستوى ثقافي مميز، يؤهله لتحسين قناعاته ووعيه وولاءاته الفكرية واهتماماته العلمية، فاستكمال التعليم والرقي فيه بدرجاته العليا يؤمّن مستقبل المجتمع الثقافي والمهني، مما يؤدي للحد من مستويات الفقر والعنف والبطالة والأمية، ويجعل المجتمع منتِج، يسعى لتنمية موارده واقتصاده وقيمه،
في الدول العالم الثالث يعاني التعليم من مشاكل جوهرية وتحديات حقيقية الامر الذي زاد فجوة التخلف الثقافي والاقتصادي والاجتماعي،
لايختلف الامر كثيرا في عراق الحضارات والذي يعود التعليم فيه الى قبل ٧ الآلاف سنة حيث ظهور الكتابة سنة 5000 ق.م ابتدع الإنسان الكتابة في بلاد الرافدين مع التوسع في الزراعة وبداية ظهور المدن والمجتمعات الحضرية، فكان ذلك بمثابة اول بوادر التعلم والوعي الإنساني عرفه البشر ،
اطلق الديكتاتور صدام أول رصاصة على التعليم حين جعل مهنة التعليم مثار للعطف والترحم اذ لايتجاوز راتب المعلم ٣٠٠٠ دينار في ايام الحصار الجائر في تسعينيات القرن الماضي، ليستبشر العراقيون خيرا بعد الاحتلال الأمريكي لبغداد عام ٢٠٠٣ بعد تحسن راتب المعلم وتغير وضعه المادي والاجتماعي،
الا ان خفافيش الظلام وبراثن الخبث والدمار تدرك معنى استقامة التعليم ورقيه وانعكاسه على المجتمع في كل المجالات فكان الهدف هو تحطيم معنوية المدرسة والتعليم بشتى الطرق، مستعينين بالمتصدين في البلد من السراق والجهلة الذين لايفقهون سوى لغة السلب والنهب وهدر المال العام فلايكترثون إلى اي مخطط من شانه ان يفتك بالمجتمع ككل مادام الامر لم يمس مصالحهم ومناصبهم المغتصبة!!
ولذا لاعجب ان نرى في بلد الثروات المنهوبة والخيرات المسلوبة والموازنات الانفجارية المهدورة أكثر من ٢٠٠٠ مدرسة متلكئة واغلبها متروك العمل فيها بسبب الفساد وعجز التمويل!!
ناهيك عن صفقات الفساد التي تقدر بمليارات الدولارات جراء عقود طباعة المناهج الدراسية واحالتها إلى مطابع خاصة تعود إلى شخصيات سياسية بارزة واخرها محاولة رئيس مجلس النواب احالة المشروع الى شخصية حليفة لكتلته النيابية لكن محاولته بائت بالفشل بفضل تصدي بعض المخلصين،
وبعد فشل خصخصة التعليم بشكل رسمي والتي تبناها كتل واحزاب متسلطة في حكومة "حيدر العبادي" ظهر وبشكل ملفت إنتشار المدارس الأهلية ورغم عدم وجود رقم دقيق لعدد المدارس الاهلية الا ان بعض الإحصائيات تشير الى تجاوزها حاجز ٢٠٠٠ مدرسة بين ابتدائية وثانوية فضلا عن رياض الأطفال والجامعات!!
وكلما ازداد حجم المدارس الأهلية تراجع اداء المدارس الحكومية حتى اصبح توجه العوائل وأولياء الأمور الى تلك المدارس لضمان مستقبل ابنائهم رغم المبالغ الطائلة التي تأخذ من الطالب في كل مرحلة دراسية،
بسبب هذه الممارسات الممنهجة بات التعليم والمؤسسة التربوية جسدا خاويا ينتظر رصاصة الرحمة لتنهيه عن بكرة ابيه وليس مستبعد ان تكون حجة جائحة كورونا هي تلك الرصاصة ففي الوقت الذي تزدحم فيه الاسواق والمولات والملاعب والحفلات والملاهي الليلة وغيرها تبقى المدارس الحكومية تحت دائرة التشدد الحكومي والصحي وكأنها هي السبب الرئيسي والمباشر لنقل العدوى والفايروس للمجتمع في الوقت نفسه تتمتع المدارس الاهلية بحصانة صحية وسياسية تعلوا على كل القوانين والقرارات الارتجالية البائسة
وهنا يرد سؤال يصعب على وزارة التربية مواجهته والاجابة عليه بمنتهى الصراحة وهو هل بامكان هذه الوزارة الوقوف بوجه المدارس الاهلية ومعاقبة من يخالف القوانين!؟ ونحن نعلم عائدية اغلب هذه المدارس الى شخصيات واحزاب سياسية متنفذة وحصنتها ضرب من حاصانت هؤلاء!
ايها المتسلطون على رقاب العباد والبلاد يامن تسلطتم على ارزاق ورقاب الناس، ان بقي شيء صالح للنهب خذوه واتركوا التعليم عسى ان تنهض الأجيال القادمة لتنقذ البلد من مستنقع الفساد والخراب والخزي والعار الذي خلفتموه ورائكم!! والله المستعان.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat