صفحة الكاتب : ربيع نادر

"ديمقراطية" العوائل..!
ربيع نادر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 فيما يجهد الآلاف من أقرانه للحصول ولو على وظيفة بسيطة لا يجد كرار العبادي ما يدفعه؛ ليشرح كيف تمكّنَ من التجوال بمواقع مهمّة في الدولة العراقية وهو في سنٍّ صغيرة، حتى أن الانشغال بحيثيات انتخابه محافظا لبابل والتركيز على حقيقة بيع المنصب وعدمها، أهمل من دون قصد عامل "صلة القرابة"  والذي كان – كما يبدو-  السبب الوحيد في توليه منصباً في جهاز حسّاس مثل جهاز المخابرات ومن ثم أهّله لتولي المنصب الجديد. 

إن حالة العبادي، تشير بلا شكّ الى أنّ "العائليّة" هي وحدها القادرة على هزم الحساب الحزبي ذلك الذي نعدّه الأقوى في احتكار السلطة. وهنا لا يمكن إغفال الدور الذي لعبته أحزاب رئيسة تشكّلت على أساس "النسب" في تجذير فكرة "القريب أولا" في وقت تشتكي كلّ مفاصل الدولة من اللاعدالة في التنافس سواء على المواقع الإدارية أو حتى السياسية مع اعتماد معايير غير الكفاءة والاختصاص في إسناد المهام. 
إن هذه النزعة (العائلية) تظهر بالنسخة العراقية في صورتين، الأولى -وهي الاهم- تلك التي تحسم الزعامة سلفا داخل أغلب الاحزاب والتيارات احتكاما لـ"النسب" والثانية مثل حالة محافظ بابل حيث يتواجد العشرات في مناصب رفيعة فقط لكونهم أبناء أخ أو أخت أو أصهاراً لـ"الأسر الكبيرة" والحقيقة أنه لولا وجود الأولى لما كانت الثانية؛ لتنشأ وتكبر وتصل الى هذا المستوى. 
قطعا لا يمكن إنكار أن أحزاباً بارزة نجحت في فرض السطوة داخل الحزب، ومنه الى كلّ مفاصل السلطة، خلافا لمفهوم الديمقراطية الذي يفترض أن يرسخ وحده لا غير، والامثلة على ذلك متوزّعة في مختلف الاتجاهات.
فالنسب ولا شيء آخر من حول مثلا الحزب "الديمقراطي" الى حزب أسرة بامتياز، وهو ذاته وراء نشوء الانتخاب ب"الاجماع"  في "المجلس الاعلى الاسلامي" و "الحكمة"، وبسببه وجد "الدعاة" أن دائرة "أقرباء الزعيم" أخذت تكبر من حولهم، وصار اللقب العشائري لـ"الامين العام" سببا كافيا لتأهيل الأعضاء الجدد، وهو ذاته أيضا الذي ساهم في ترك حزب "الاتحاد" في السليمانية بلا خليفة لمؤسسه بالرغم من أنه الحزب الذي تشكل على أساس رفض الوراثة في أربيل! كما هو (النسب) من تمكّن، من ترك كلّ زعامات "الاصلاح" في الخلف وهم يراقبون شابا يلقي بيانا سياسيا في فرصة لا تسنح لأي أحد مهما بلغ من الفطنة والثقافة والمعرفة.
إنّ شيوع "الاسر الحاكمة" في العراق يقود الى السؤال: كيف لأحزاب تخضع في سلوكها للوراثة أن تؤسس للديمقراطية؟ 
وهو سؤال يذكر بطريقة أو بأخرى برفض السوريين وحتى العراقيين لمطالبات سعودية بديمقراطية "عادلة" في بلديهما. 
وهذا السؤال يؤدي بدوره الى حقيقة واحدة ومفادها: أنّ لا خطر يواجه التنشئة الديمقراطية التي يفترض بالعراق أنْ يسلكها، أكبر من خطر نزعة الوراثة أو العوائل، فهي قاتل متفرد لكلّ محاولة لتثبيت الأساس الديمقراطي. 
هذا الخطر يفترض أن يثير الإنتباه أكثر من أيّ نقاط الخلل الأخرى في التجربة السياسية العراقية، فالظاهرة التي أخذت تغزو المشهد، تستحق حتما شيئاً من الحديث عن الإصلاح السياسي، فإن كلّ من يؤمن في الديمقراطية حلّا وحيدا ودائما للعراق مطالباً بمواجهة هذه الثقافة، خاصة أولئك الذين يشاطرون "التجديد" وبخلاف ذلك فالإصلاح الذي يجري الحديث عنه لا يعدو كونه إصلاحا شكليا، وأنّ التجربة ستبقى معتلة، طالما تُحرق المراحل أمام الأبناء، وأبناء الأبناء لكسب المنافسة -غير المتكافئة- على الزعامة سواء في التيارات التقليدية أو تلك الإصلاحية .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ربيع نادر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/11/18



كتابة تعليق لموضوع : "ديمقراطية" العوائل..!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net