حلم الدولة الكردية المنشود وحق تقرير المصير
اياد السماوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اياد السماوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لا شكّ إن مواثيق الأمم المتحدة قد أكدّت على حق الشعوب في تقرير مصيرها , لكنّ هذا الحق جاء في سياق عمل الأمم المتحدة لتحرير الشعوب من الاستعمار وليس لتفتيت وحدة الشعوب مواطنة وسيادة وترابا وطنيا .
والأمم المتحدة تقر في حق الدول في الحفاظ على وحدة ترابها الوطني وسيادتها وحدودها التاريخية , فهذا يعني إن حق تقرير المصير لا يدخل فيه الانفصال والتمرد على سلطة الوطن الواحد , وهذا ما أكده القرار ألأممي 1514 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 14/كانون الأول/1960 , حيث جاء في مادته السادسة ( إن كل محاولة تستهدف التقويض الجزئي أو الكلي للوحدة القومية والسلامة الإقليمية لبلد ما , تكون متناقضة ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه ) . فالتصريح ألأممي واضح للدول الأعضاء في الأمم المتحدة بوجوب الاحترام المطلق لوحدة وسيادة جميع البلدان .
كما إن إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61/295 المؤرخ في 13/سبتمبر لسنة 2007 قد جاء في مادته الأخيرة رقم 46 ( ليس في هذا الإعلان ما يمكن تفسيره بأنه يقتضي ضمنا أن لأي دولة أو شعب أو جماعة أو شخص حق في المشاركة في آي نشاط أو أداء أي عمل يناقض ميثاق الأمم المتحدة أو يفهم منه إنه يخول أو يشجع أي عمل من شأنه أن يؤدي كليا أو جزئيا إلى تقويض أو إضعاف السلامة الإقليمية أو الوحدة السياسية للدول المستقلة ذات السيادة ) .
فمن خلال هذا الاستعراض للقانون الدولي يتضح إن مطالب مسعود البارزاني بحق الأكراد في تقرير مصيرهم , يتناقض ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة , ويقوض السيادة الوطنية للدولة العراقية ويؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة ويهدد سلامتها الإقليمية .
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه حمى التصريحات الكردية حول تشكيل دولة كردية بإقليم كردستان العراق , يعتبر أحد القياديين الأكراد إن هذه المسألة لا تعدو سوى محاولة من القيادة الكردية لتسويق أزماتها الداخلية وإشغال الرأي العام بهذه الأمر , في وقت تعرف هذه القيادة جيدا استحالة تحقيق هذا الحلم الكردي في ظل الظروف الراهنة .
في حين اعتبر السيد فريد أسسرد مدير مركز الدراسات الستراتيجية في كردستان ( إن الدول تتشكل على أساس الظروف الموضوعية وليست لأسباب عاطفية ) , ويرى إن العامل الإقليمي من أهم مقومات تشكيل الدولة الكردية , مؤكدا إن الظروف الدولية والإقليمية لا تساعد حاليا على تحقيق مثل هذا الحلم الكردي .
كما إن القيادات الكردية تدرك جيدا إن أكراد العراق قد اختاروا الانضمام للدولة العراقية بملء إرادتهم عندما قامت عصبة الأمم المتحدة في كانون الأول من عام 1924 باستفتاء سكان ولاية الموصل المتنازع عليها بين الدولة العراقية الحديثة والدولة التركية حول تقرير مصير وعائدية هذه الولاية .
وبعد هذا الاستفتاء أصبح أكراد العراق جزءا لا يتجزأ من النسيج الوطني العراقي , وشاركوا أخوانهم العرب حكم العراق في كل مراحله , كما إن مطالبات الأكراد بحقوقهم الثقافية والقومية كانت ولا زالت موضع تعاطف وتأييد كل أبناء الشعب العراقي وبمختلف أطيافهم القومية والدينية .
ولم تطمح القيادات الكردية في يوم من الأيام بأن تحصل على حقوق ومكتسبات بأكثر مما حصلت عليه الآن من حقوق سياسية واقتصادية وثقافية , لكن وللأسف الشديد إن الامتيازات التي حصلت عليها هذه القيادات هم وعوائلهم جعلتهم يفقدون رشدهم ويتخبطون في تصرفاتهم التي تجاوزت حدود الممكن والمعقول , وما التصريحات الأخيرة الاستفزازية لهذه القيادات إلا دليلا على هذا التخبط والتهوّر .
والذي ساعد هذه القيادات على التمادي والتجاوز على السيادة الوطنية هو ضعف الحكومة والبرلمان والصراع على الحكم بين الكتل السياسية العراقية , حيث وفرت هذه الأجواء الفرصة لهذه القيادات في المضي قدما في طموحاتها الانفصالية اللا مشروعة , فإذا كانت القيادات الكردية عازمة فعلا على إعلان الدولة الكردية كما تدّعي , فلأمر لا يحتاج منها إلا إذاعة البيان رقم ( يك ) للشعب الكردي من أجل تحقيق طموحه .
أياد السماوي / الدنمارك
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat