صفحة الكاتب : رفعت نافع الكناني

لا تلهيكم تجارتهم  !
رفعت نافع الكناني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

اخترت هذا العنوان لان السياسة في بلد كالعراق هي ( تجارة ) وان المسؤول قد اختزل الوطن بتلبية مصالحه ومصالح ابناءه واقاربه واعوانه . هذا المنهج ادى الى دخول العراق في ازمات متعددة وخطيرة في ظل تلك الشخصيات التي تمثل احزابها وتياراتها ومرجعيتها ، من المسؤول عن الاخفاق والفشل الذريع في تنفيذ البرامج والوعود الانتخابيه التي سوقتها لنا تلك الاحزاب والتيارات والحركات السياسية على الساحة العراقية عندما دخلت الانتخابات ووعدت الجماهير بتنفيذها وتلبية احتياجاتها واستحقاقاتها . خمسة عشر عاما والبلد يغرق بالفساد والتخلف وفقدان الامن والخدمات وتغييب الهوية الوطنية وانتشار آفة الطائفية والارهاب ، ولم تستطيع هذه الطبقة من تلمس الطريق الامثل نحو برامج التنمية الاقتصادية والبشرية ، فكان الاخفاق والفشل في معركة البناء والتنمية والهدر الكبير في الثروات والموارد والامكانات يرافقها التشرذم والفرقة والانقسام بين ابناء الوطن الواحد وانتشار ظاهرة الجهل والفقر والتيتم والترمل الصفة المميزة لهذه الفترة من عمر العراق . 

اذن هناك نموذج في العراق اتصفت به طبقتنا السياسية والتي شكلت السلطة ومصادر القرار بكل جوانبه بعد عملية الانتخابات وهي احدى وسائل الديمقراطية ، من امتلاك السلطة وحدها  والتفرد بالحكم والقرار بعيدا عن مفهوم  الديمقراطية وجوهرها ورمزيتها . صحيح ان الانتخابات هي الوسيلة للوصول الى السلطة ولكن يجب ان لاننسى بان الوطن يمر بمرحلة انتقالية صعبة من نظام الحزب الواحد الى نظام حكم مختلف  تختاره الجماهير وفق قيم المرحلة وافرازاتها وما لحق بهذه الجماهير من حيف خلال العقود الماضية فكان اختيار البديل هو ما موجود على الساحة بعد 2003 من دون تجرية  بل الرغبة في التغيير ! فكانت النتائج ان تلك الاحزاب لاتؤمن بقيم الديمقراطية الحقيقية والتي لها شروط والتزامات تجاه الوطن والمواطن بل انها عملت وفق برنامج نحو الادلجة الفكرية للناس حسب ما تعتقد وتريد ، الغاية منها  الوصول لاهدافها  نحو مجتمع يسير وفق نهج فكري ديني بقوالب معدة مسبقا تساعدها في ذلك امتلاك السلطة والمال ورزق المواطن . 

والسؤال الذي يطرح نفسه ، هل ان احزاب الاسلام السياسي  بشقيه اثبتت انها عاجزة او قاصرة عن فهم وادراك العمل في المجال السياسي والاداري ؟ وهل ان هذه الاحزاب تستمد قوتها وشرعيتها كونها احزابا تتكأ على الهوية الطائفية وتعتمد الخطاب الديني المثير والمحرك للغرائز قبل العقول ؟ وهل ان الفساد اصبح الصفة الغالبة التي تميز  كثير من كوادر هذه الاحزاب نتيجة التغاضي عن مسائلتهم ومعاقبتهم وتقديمهم للقضاء من خلال التمترس باحزابهم وقوة حصاناتهم ؟ الجواب ان هذه الاحزاب فشلت فشلا ذريعا في ادارة دفة السياسة والادارة ولم يلمس المواطن تغييرا نحو الافضل خلال عقد ونصف من الزمان بالرغم من الامكانات المادية التي تقدر بمئات المليارات المهدورة بل ساءت حالتة نحو الاتعس وتفشى الفساد بكل صوره واشكالة وفي كافة المجالات بل تغول واصبح لايمكن من محاسبته وتحجيمه ، وتضخمت ارصدة السياسيين بطريقة لايمكن تصورها على حساب قوت المواطن وميزانية الدولة من خلال المشاريع الوهمية والكسب غير المشروع .

بعد كل هذا الخراب الذي اصاب الوطن والدمار الذي لحق بكل قطاعات الاقتصاد ومرافق الحياه المختلفة من جراء السياسات الخاطئة لهذه الاحزاب وما لحق بنا من كوارث نتيجة تفشي ظاهرة الارهاب والعصابات المنظمة ومافيات بأشكال عديدة ووجوه مختلفة تستمد شرعيتها وديمومتها من هذا الطرف او ذاك ، ونمو وتفشي  آفة الطائفية المقيتة ومرض القومية العنصرية ، وازدهار ظاهرة العمالة للاجنبي والاستقواء بدول تدفع المليارات لبث الفرقة والتشرذم والتدخل بشؤونه وتشجيع الاقتتال بين ابناء الوطن الواحد ، نرى ان هناك اصوات ظهرت على الساحة بثوب جديد مع اقتراب موعد الانتخابات تبشر بعهد جديد وسياسة جديدة وخط فكري مختلف وهي لاتعدو ان تكون نسخة مكررة من تلك الاحزاب والتيارات الفاشلة ، فنراها البارحة ترفع راية الاسلام والمذهب واليوم ترفع شعار الدولة المدنية وحرية المواطن وراية الاستقلال وعدم التبعية . المواطن بدأ يميز بين الغث والسمين ، وختاما نقول لاتلهيكم تجارتهم !  
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رفعت نافع الكناني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/29



كتابة تعليق لموضوع : لا تلهيكم تجارتهم  !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net