صفحة الكاتب : علي علي

أتكفي الإقالة والإحالة؟
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   بين أحداث تمر مرور الكرام، وأخرى تحز في النفوس وتدمي القلوب وتخدش الخواطر، وثالثة تثير الاستهجان والامتعاض، ورابعة تدعو الى الانتفاض والتمرد، وخامسة وعاشرة... حتى تعجز الأصابع عن عدها، ويضيق بها قوسان إن أردنا حصرها بينهما، يقضي العراقيون أعمارهم، ويشطبون سنوات من حياتهم، ويعدون العدة لأخريات وهم متيقنون أن القادم أسوأ، لا لقنوط تسرب الى نفوسهم، ولا لتشاؤم تطبعوا به من جراء ماصادفهم، بل لأن أسلوب إدارة بلدهم والنهج الذي يسير عليه من يدعون القيادة والرياسة والكياسة في الحكم، باتت نتائجه واضحة دون الحاجة الى محلل او خبير أو منظّر او قارئة فنجان.
  فالبلد تتسع فيه رقعة الخلافات ومساحة الاختلافات يوما بعد يوم، وتتتالى النزاعات وتتوالى الاحتدامات بتصعيد لايخبو أواره يوما، إلا ليضطرم أياما وشهورا وسنوات، وتتنوع المكائد والمصائد التي ينصبها ساسة البلد بعضهم لبعض، وهي باتت معلومة بين موروثة ومفبركة، وبين مصطنعة ومتعمدة، وبين مستوردة ومحلية، وبين همزة لمزة. كذلك هي أحداث منها لايتشرف مؤرخ بتدوينها، ولاتستحق من الأجيال استذكارها فيما بعد، ومنها تطبع في سجل الذكريات وتنقش يومياتها بالتفصيل الدقيق، وكلها بمجملها محزنة حدا يتجاوز البكاء والنحيب والعويل، ومع هذا فإننا نلدغ من الجحور ذاتها مرات تلو المرات، فلطالما تجتر الأحداث نفسها بحيثيات مستنسخة من أحداث سبقتها، وكأنها (Copy Paste) وأولها الخروقات الأمنية، إذ مازالت رغم تغيير القيادات أكثر من مرة، تتكرر أينما وجدت ثغرات -وهي كثيرة- بسبب إهمال وتقاعس لاشبيه ولامثيل لهما، من قبل أفراد مكلفين بحماية أمن العراق والعراقيين، وهم ليسوا مستأجرين من بلدان أخرى او مرتزقة أو تابعين لشركات أمنية، بل هم منتسبون الى وزارات عراقية، أو أجهزة خاصة تابعة لمجلس رئاسة الوزراء. ومن اللافت للنظر والغريب حقا، أن أولى فقرات شروط قبولهم فيها؛ "أن يكون من أب وأم عراقيين". ولو اطلعنا على باقي الشروط، لوجدنا أنها غربال يصطفي النقي من الرجال، وينتقي من المقومات والخصال أنفعها لمهمة حساسة، تشغل ركنا هو في الحقيقة أهم أركان البلاد، ذاك هو الجانب الأمني.
  فهم إذن، ابناء عشائر عراقية أصيلة، وقد علمهم أهلوهم من بديهيات الأمثال الشعبية: (تحزّم للواوي بحزام سبع). فهل أعدّوا العدة للـ (واوي) بما يضمن رده وردعه عن نيته في الإجرام، فيكونون إذاك قد نفذوا واجبهم الوطني والمهني والأخلاقي؟ أم أن (أبو رغال الثقفي) مثلهم الأعلى في بيع وطنهم ومهنيتهم و (أشياء أخرى)! كما حدث في مقامات سابقة يطول فيها المقال ويضيق بها المقام. وبعد أن (يوگع الفاس بالراس) وتحلق النسور والغربان في ساحة الجريمة، تكون الـ (كليشة) التي يصرّح بها ناطق مسؤول او جهة مخولة، هي نفسها التي أذيعت سابقا، فالتبريرات والحجج جاهزة ولاتتطلـّب أي مجهود لإعدادها، حيث تقرأ وتذاع في الفضائيات والوكالات من جديد على مسامع العراقيين، لتملأ أوقات فراغ من هو متفرغ من المواطنين، او لتكون مادة إعلامية (دسمة) يتناولها ناقد، او يكتبها كتاب، وهم جادون في طرح مشكلة خطيرة، إلا انهم يفاجأون انها من غير حلول، ودون جدوى تذكر. 
    الأمر ياقائد ركب العراق بات يتطلب اتخاذ قرار أشد من إقالة مدير او ضابط مسؤول، فمن غير المعقول ان يكافأ المهمل بواجبه او الخائن بإحالته على التقاعد، ليقضي بقية حياته مرفها مع أهله، فيما هو متسبب بإزهاق أرواح العشرات من العراقيين. فالرحمة في موضع كهذا تفتح باب النقمة على من يريدون العيش بسلام بعيدا عمن لاتعرف الرحمة قلوبهم.
aliali6212g@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/06/16



كتابة تعليق لموضوع : أتكفي الإقالة والإحالة؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net