صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

قراءة في كتاب  (عوالم الحكومة المهدوية - للأستاذ صالح الطائي)
علي حسين الخباز

 لكل قراءة معرفية أفق مفهومي يهذب شوائب المدون الموروثي، ويعزز النتائج الموضوعة كحاصل فكري يرصد تقاطعات كل مؤثر، ويعكس روح العصر الحداثوي بمستويات اجرائية تعبر عن مرجعية فكرية تكمل الهوية المذهبية، والتي بدورها تكون الجانب الجمالي وتمنحه صفة حضارية تنبثق من التصور المعنوي.
 وكتاب (عوالم الحكومة المهدوية) للأستاذ صالح الطائي يرى في مقدمة الكتاب الأستاذ الدكتور عبد الزهرة زبون بأنه كتاب يبحث عن انبلاجات الحقيقة بأدلة كتب الحديث المتفق عليه ليصل إلى نتيجة أن البشرية جميعاً تنتظر منقذها وليس هذا فحسب، بل سكان السماوات وعمارها ينتظرون أيضاً، وهذا يعني أنه يرى كل وجود بشري أو غير بشري وفي جميع الأكوان والأجرام السماوية ينتظر منقذه.
 ويثير مثل هذا الاستدلال سؤال جوهري، هل هناك عوالم أخرى غيرنا؟ ليصل عبره الى العوالم الكونية الأخرى، ليقيم في الكون كله دولة العدل الإلهي، قراءة تمتلك محاور معرفية موجهة قادرة على خلق التفاعل بين التصور والقيم المعروضة في المدون الموروثي، والتي وقفت عند حدود الأرضية فقط، قيمة الخرق الابداعي باجتياز الخارطة الأرضية الى معالم كونية أخرى، وهذا الخرق سيكشف لنا البعض من مفاهيم المسلمين الى المراجعة والتصحيح عن المهدوية فكراً وعقيدة، وتكمن المفارقة في كيفية الاقناع والتي تحتاج الى المعايير عن جوهر اقناعي قادر على زحزحة المفاهيم الببغائية عند الناس والتي شكلت محاور اعتقادية في ذهنية متقولبة، تعتقد بأن العقيدة المهدوية ليست من العقائد الاسلامية وتعتبرها دخيلة على الفكر الاسلامي.. المفارقة تكمن في كيفية اقناع من يجاهد لتسقيطها، وهذا يعطينا فكرة واضحة عن سعي البحث بجواذب الفعل القرائي وامتلاك قدرة المواجهة، بجرأة معرفية وشجاعة فكرية لمحاكمة بعض النصوص وامتحانها بنزاهة ويقين، والوقوف بوجه التشهير القائم بدافع الأحقاد السياسية الموروثة على المذهب، وعلى القضية المهدوية، وعلى صعيد كل المجالات الاعلامية سعياً لزرع التناحر والفرقة بين المسلمين، يحتم علينا التصور الذي انطلقنا به لاستقراء مفهوم الرفض.
 يسأل الباحث الطائي: هل كان الرفض يمس شخصية الحجة (عج) أو هو يختص برفض الخوارق لخرقها الناموس الطبيعي، وركز بعد هذا على ما يملكه المخالفون في تراثهم الفكري والنقلي لمجموعة ضخمة من الروايات التي تدل على خرق القدرات لهذا الرجل أو ذاك تحت مسميات الكرامات والفضائل والمناقب مثل ادعاء قوة طيّ الأرض او السير على الماء لبعض المشايخ وخلق استغراب ذهني مصطنع أمام قدرات إمام وهبه الله تعالى امكانيات الخرق الناموسي، وما حفل به الموروث يدل على الكيل بمكيالين، ووجود مؤامرة كبيرة تسعى لإضعاف الوشائج بين الأمة وقائدها المنتظر (عج).
 وبهذا الحضور البهي، حاور الباحث الطائي العديد من التجارب التي خاضت حملة تشهير واسعة ضد المسلمين الشيعة، وضد معتقدهم المهدوي المبارك، فأغلبهم يعتبر وجود القائم (عج) هو خرافة شيعية التقت فيها العقيدة اليهودية والنصرانية، ويرفض المسلمون المتشددون أي تقارب مع العقيدة المهدوية ويحملون عقائد مستهلكة يلبسون البعض منها حلة اسلوبية جديدة، عبر منفذين: الأول انكار جميع الأحاديث المهدوية، وهذه دعوة ابن خلدون، والمنفذ الثاني باعتبارها مخلفات عقائد اليهود والنصارى مع الوجود الكثير من التناقضات التي يسقطون بها.
 وبعد انتقالها الى المرحلة العالمية، نلاحظ أن الطرف غير المسلم يؤمن بعالمية الحرب المهدوية، ويبني دفاعات متينة استعداداً لخوض معركة (هرمجيدون) المعركة الحاسمة مع الاسلام الذي يقوده المهدي (عج)، قال الرئيس الامريكي الأسبق رونالد ريغان: قد نكون الجيل الذي سيشهد هرمجيدون، والعديد من التجارب الاخرى طرحت موضوعة الكونية، وهناك تجارب سبقت هذه التجربة، لكنها لم تقف عند تلك الكونيات موقفاً يقينياً وإنما رؤى مطروقة عرضياً أو لم تكتمل بشموليتها الكونية. 
والمعنى الخصب في هذا البحث هو بقاء الكثير من أحلام الأنبياء مؤجلة بانتظار المنقذ (عج)، ونجد في كثير من الظاهر المناخية والاقتصادية والسلوكية ومصاديق الجانب الروحي معدة لنصرة الامام ومعه مدخرات الأنبياء من سلاح وراية وعمامة مع وجود مدخرات الانبياء ومعجزاتهم مع الامام المنتظر.
 وكملخص لما يريده هذا البحث الفاعل، هو ان امتداد الاشعاع المهدوي يشع الى خارج حدود مداركنا مع قدرات خارقة كركوب السحاب، وخارقة طيّ الارض، والانفتاح على حضارات كونية، إذ يعتبر صالح الطائي أن الكتابة في الآثار المهدوية ومصاديق نهضتها هو تكليف وطني اخلاقي، ويجب انشاء المراكز البحثية ومواقع الانترنت؛ لكي نقرب العقيدة المهدوية الى الفكر الجماعي.. لقد قرأنا كتاباً مهماً وهو في غاية الروعة والأهمية والجمال.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/05/23



كتابة تعليق لموضوع : قراءة في كتاب  (عوالم الحكومة المهدوية - للأستاذ صالح الطائي)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net