صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَدَوَاتُ الدَّوْلَة المَدَنِيَّة! [٩]
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   لم يشهد أَيُّ بلدٍ في العالم عمليَّات تهجير وإِبعاد قسريَّة بشَكلٍ متكرِّر ومتواصل كما شهدها الْعِراقِ! وذلك بسبب السِّياسات التَّمييزيَّة والعُنصريَّة والطّائفيَّة التي ظلَّت تحكمهُ مع تعاقب الأَنظمة السِّياسيَّة!.

   لقد ظلَّ قانون الجنسيَّة كالسَّيف المُسلَّط على رؤوس الأَكثريَّة تحديداً [الشِّيعة] فكُلّما شكَّلت حركاتها وانتفاضاتها وثوراتها ومطاليبها خطراً على النِّظام السِّياسي الطَّائفي! فعَّل النِّظام قانون الجنسيَّة ليُبادر الى إِبعاد وتهجير أَعدادٍ كبيرةٍ منهم، وفيهم مراجع الدِّين العُلماء والفُقهاء والتجَّار وأَصحاب الكفاءات وكذلك الطَّلبة والكسبة وغيرهم! ولقد شهِد الْعِراقِ أَكبر عمليَّة تهجير قسري في العام ١٩٨٠ عندما أَسقط الجنسيَّة وصادر الأَموال المنقولة وغَير المنقولة لمئات الآلاف من العوائل العراقيَّة بحجَّة التبعيَّة كما أَسلفنا! وقد شمِل القرار آلاف مؤلَّفة من الكُرد الفيليَّة! وقبل تهجيرهم عمد نِظامُ الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين الى حجزِ شبابهِم ويُقدَّر عددهُم بعشرات الآلاف لتتمَّ تصفيتهم جسديّاً فيما بعد وبطرُقٍ شتَّى منها زجِّهم في ساحات الأَلغام إِبان الحَرْبِ العراقيَّة الإيرانيَّة ليتمَّ فتحها وتطهيرَها بأَجسادهِم!.

   وإِذا أَمعنَّا النَّظر جيِّداً فسنلحظ أَنَّ العراق شهِد منذُ تأسيس الدَّولة الحديثة بداية القرن الماضي عمليَّات تهجير وإِبعاد قسريَّة لشرائحَ شتَّى كلَّ عقدٍ من الزَّمن! فالعراق هو البلد الوحيد مثلاً الذي شهِد عمليَّة إِبعاد قسريَّة لليهود من بين كلِّ دُوَل المنطقة! على الرَّغمِ من أَنَّ يهود الْعِراقِ هم من أَقدم مكوّناتهِ بَعْدَ الآشوريِّين والكلدان والصابئة المندائيِّين! بعد أَن أُسقطت مواطنيَّتهم واحتُجزت أَموالهم المنقولة وفُرهدت ممتلكاتهم! فيما لازالت كل دُول المنطقة الأُخرى تحتضن اليهود بما فيها الجمهوريَّة الاسلاميَّة في إِيران التي لهم فيها ممثِّل في مجلس الشُّورى الاسلامي [البرلمان]!. 

   واستمرَّت عمليَّات التَّهجير والنُّزوح القسري لتشمل هذه المرَّة المسيحيِّين على وجه التَّحديد وشرائح أُخرى بسبب الارهاب الذي تمدَّدت فقاعتهُ في عهدِ [القائد الضَّرورة] عندما كان مشغولاً بالحرب على جبهة [الثَّالثة] تحت شعار [بعد ما ننطيها]!.       

   لقد كان الأَملُ أَن يتغيَّر الواقع فيعود المواطنون كلُّهم من الدَّرجة الأُولى بعد سقوط نِظامُ الطَّاغية الذَّليل إِلّا أَنَّ الذي حصل هو أَنَّ الحُكم الجديد إِستمرَّ على نَفْسِ المنْهَجِ وكرَّس نَفْسِ السِّياسات ولكن هذه المرَّة رُبما ليس على أَساس الدِّين والمذهبِ والإثنيَّة وإِنَّما على أَساس الولاءات الشَّخصيَّة والحزبيَّة التي تعتمد بالدَّرجة الأُولى على مدى قربِ أَو بُعدِ المُواطن من القائد الضَّرورة وكذلك يعتمد على مدى طاعتهِ أَو عصيانهِ لعجلٍ سمينٍ أَو لصنمٍ مصنوعٍ من الخشبِ أَو التَّمر!.

   طبعاً السَّبب كما هو واضحٌ وقد أَقرَّهُ الواقع والمُمارسة وعلى مدى السَّنوات الـ (١٤) الماضية، أَلا وهو تخندُق الأَحزاب الحاكمة وتحديداً [العِصابة الحاكمة] بالطَّائفيَّة والعُنصريَّة إِذ تبيَّن أَنَّ إِنتماءهُم الوطني ضعيفٌ جدّاً إِن لم نقُل معدوماً بالأَساس عندما أَثبتوا بأَنَّ ولاءهُم لخارجِ الحدودِ أَكثر من ولائهِم لوطنهِم!.

   أَقولُ هذا وهو يشملُ زُعماء كلِّ المكوِّنات وليسَ مكوِّنٌ دونَ آخر! إِلّا من خرجَ بدليلٍ {وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ}!.   

   *يتبع

   ١٣ نيسان ٢٠١٧

                       لِلتّواصُل؛

‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/04/14



كتابة تعليق لموضوع : أَدَوَاتُ الدَّوْلَة المَدَنِيَّة! [٩]
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net