صفحة الكاتب : عباس لفته حمودي

فلسفة العيد في الاسلام
عباس لفته حمودي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  تمر علينا هذه الايام مناسبة عيد الفطر المبارك الذي نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يعيده على المسلمين بصورة عامة والعراقيين بصورة خاصة وهم أكثر إيماناً وإسلاماً ووعياً وتماسكا وهم أكثر قدرة على أكتشاف كلّ مواضع القوة التي يمتلكونها ليزدادوا منها، والتخلص من كلِّ نقاط الضعف التي يعيشونها ليتخلصوا منها.
لقد وردت كلمة العيد في القرآن الكريم في الحوار بين النبي عيسى(ع) وأصحابه حول المائدة التي يمنحها الله لهم عندما طلبوا منه أن ينـزّل الله عليهم مائدة من السماء وقالوا: {تكون لنا عيداً لأوّلنا وآخرنا}، أي أن تكون عيداً يحتفل به أوّلنا الذين عاشوا الكرامة، ويحتفل به آخرنا الذين يعيشون من بركة هذه الكرامة.
وفي الإسلام عيدان هما : عيد الفطر وعيد الأضحى.
وهناك قصة تروى حول بداية الاحتفال بالعيد في الإسلام ، ذلك أن رسول الله (ص) لما هاجر إلى المدينة المنورة وجد الأنصار (سكان المدينة) يحتفلون بيومين فلما سألهم عنهما قالوا: إن آباءهم كانوا يحتفلون بهما في الجاهلية. فقال: (إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما : يوم الفطر ويوم الأضحى). 
فأذا وقفنا عند عيد الفطر فأن أفضل كلمة قيلت في معنى العيد هي كلمة الإمام علي بن أبي طالب(ع): (إنما هو عيد لمن قبل الله صيامه وقيامه).
وبذلك يرتفع معنى العيد في وجداننا ليكون العيد طاعة الله ولتكون مناسبة العيد مناسبة طاعة، وعند ذلك تكون كلّ أيامنا أعياداً عندما نطيع الله في صلاتنا وعندما نطيع الله في علاقاتنا و سياستنا واقتصادنا وأمننا  وعندما نطيع الله في كل معاملاتنا، عند ذلك يمكن أن نعيش العيد على امتداد الزمن. وهكذا لا يبقى العيد يوماً في السنة ولكنه يمتد ليكون العمر كله.
وهذا ما ينبغي لنا أن نعيشه وأن نفهم أن العيد ليس لعباً ولا لهواً.
 وقد ورد في حديث مروي عن الإمام الحسين بن علي (ع) (نظر إلى قوم يلعبون في يوم عيد الفطر، فقال: إن الله جعل رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى رضوانه فسبق قوم ففازوا وقصّر قوم فخابوا فالعجب كل العجب من الضاحك اللاهي في يوم يثاب فيه المحسنون ويخسر فيه المسيئون).
فعيد الفطر وارتباطه بانتهاء صيام رمضان فيه تذكير بنعمة البداية المنقذة لهذه الأمة، لأن شهر رمضان هو الذي أنزل فيه القرآن، والقرآن هو المنهج الإلهي الذي حدد الله فيه معالم الطريق السوي لقيام هذه الأمة، وهو بذلك يذكرنا بيوم البناء فوافق أن يكون الشهر الذي نزل فيه القرآن شهر صوم يشكل أحد أركان الإسلام ، ليكون المسلمون على ذكر من نعم الله عليهم في ذلك الشهر، ووافق أن يتخذ اليوم الذي يلي ذلك الشهر يوم عيد تعبيرا عن الشكر له (سبحانه وتعالى) على ما أنعم به علينا من إنزال القرآن الكريم في ذلك الشهر، وشكرا له سبحانه على توفيقه لنا أن التزمنا بأوامره واجتنبنا نواهيه، وتزكية لنفوسنا وتذكيرا لها بنعم الله عليها.
ومن المعاني الإنسانية ذات الأبعاد السامية في السلوك الإنساني أن الله شرع زكاة الفطر بين يدي العيد، وهي حق للفقراء في أموال الأغنياء، تؤدى إليهم قبل يوم العيد أو صبيحة ذلك اليوم قبل صلاة العيد، لتكون عونا للفقير كي يشارك بقية أفراد المجتمع في الإحساس بمعنى العيد، فلا يشعر بحرمان الحاجة، وقلة ذات اليد في ذلك اليوم الذي تغمر البهجة والسرور فيه قلوب الأغنياء، ولذلك يقول النبي (ص): (اغنوهم عن السؤال في ذلك اليوم).
ولا شك أن هذه إحدى اللمسات الإنسانية في التشريع الإسلامي تحقق للمجتمع استقراره وأمنه وأمانه، ويربطه برباط المودة والتعاطف بين الأغنياء والفقراء حتى يتحقق لهم الإحساس بالانتماء لأسرة واحدة، والشعور المشترك بين الجميع في السراء والضراء تحقيقا لقول النبي الكريم (ص) : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
ولهذه القيم وسواها كان عيد الفطر موسما من مواسم الخير العميم الذي تزف فيه الملائكة البشرى إلى المؤمنين، كما روي عن النبي (ص) : (إذا كان يوم عيد الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطرق فتنادي: اغدوا يا معشر المسلمين إلى رب كريم يمن بالخير ثم يثيب عليه الجزيل، لقد أُمرتم بقيام الليل فقمتم، وأُمرتم بصيام النهار فصمتم، وأطعتم ربكم فاقبضوا جوائزكم، فإذا صلوا نادى منادٍ: ألا إن ربكم قد غفر لكم فارجعوا راشدين إلى رحالكم ، فهو يوم الجائزة، ويُسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة).
كل عام والعراقيين بألف خير ومحبة وأمن وسلام.
abass_lafta@yahoo.com 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس لفته حمودي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/08/30



كتابة تعليق لموضوع : فلسفة العيد في الاسلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net