صفحة الكاتب : الشيخ عباس الطيب

الفصل الأول : السيد الحيدري .. و مصادره العِلّمَانِـيَّـة !!! .
الشيخ عباس الطيب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 بسم الله الرحمن الرحيم , و الحمد لله رب العالمين , و الصلاة و السلام على نبينا محمد , و على آلهِ الطيبين الطاهرين .
 
صدر عن دار المدار الإسلامي سنة 2007م كتاب (الاختلاف في الثقافة العربية الإسلامية) لمؤلفتهِ آمال قرامي , في حوالي الألف صفحة ، و هو عبارة عن أطروحة دكتوراه الدولة , أعدّت في كلية آداب منوبة تحت إشراف عبد المجيد الشرفي و هو يُشيد بها و بكتابها[1] , و لكن العجيب كُل العَجَب في الأمر هو أننا نرى السيد كمال الحيدري في أحدى دروسهِ يُشيد بهذا الكتاب و بمؤلفتهِ , و أثناء أسترسالهِ في الكلام عن المرأة و أحكامها في الإسلام , يقول : (( ... أكو كتاب مولانا شهادة دكتوراه آمال قرامي ... , أسم الكتاب الأختلاف , يقع في حدود ألف صفحة مولانا , من خيرة ما كُتِبَ في هذا المجال , أثبَتتْ هذه المرأة آمال قرامي و هي من مدرسة تونس المغربية هناك ... إلخ ))[2] , و يستشهد الحيدري و هو مُتفاخر جداً بهذه الكاتبة و بأطروحاتها ــ و هي علمانية المذهب ــ , و يعتمد على هذا الكتاب بأطروحاتهِ التي تُخالف أحكام القرآن الكريم في بعض أحكام المرأة !! .
و سوف ننشر بياناً توضيحياً و ننشره على شكل فصولاً متتالية , واحداً تلو الأخر , و نذكر في بداية هذه الفصول نبذة مختصرة عن هذا الكتاب , و نُبين فيهِ مواطن الخلل من الناحية العلمية و الفنية , كما هو المتعارف عنه في الجامعات العلمية في مناقشة رسالة الدكتوراه , ليتضح للقارئ الكريم مدى تخبط و ضُعف الكاتبة من الناحية العلمية التي يعتمد عليها السيد الحيدري في بعض أطروحاتها , و بعد ذلكَ سوف نُبين من نفس الكتاب فساد أفكار و عقيدة هذه الكاتبة و نناقشها , حتى يطلع القارئ الكريم على بعض المصادر التي يعتمد عليها السيد كمال الحيدري في أستنباطاتهِ الفقهية .
و أترك الحكم لكم أخوتي و أخواتي الكرام , و كلي أمل على أن يُبدو رأيهم الأساتذة الجامعيون الكرام , الذين قد حظيتُ بشرف صداقتهم في الفيسبك .
::: عــنـــــوان الــفــصـــــل الأول :
(الضعف العلمي و الفني لدى الكاتبة العلمانية آمال قرامي في وضع و تنظيم كتابها)
@ الباب الأول : الخلل و التلبس في عنوان الكتاب , و يطرح عدداً من التساؤلات :
ـــ أولاً : لماذا استعملت الكاتبة لفظ الأختلاف بإطلاقهِ , و دون تحديد لمجالاته أو مضامينه أو مظاهره ، فهل قصدها الأختلاف بين المذكر و المؤنث , أو الذكر و الأنثى , أو بين القراءات , أو بين المدارس الفقهية , أو بين الفرق الإسلامية , أو بين المذاهب الصوفية .....؟ , ذلك أن الأطاريح الجامعية الجادّة تلتزم حدوداً معينة لا تخرج عنها , فكلما كان الموضوع ضيّقاً كلما أستطاع الباحث الإلمام بأطرافه , و الإحاطة بمصادره , و من ثم تتأتى الجدّة في الدرس و القدرة على الإضافة , و العكس صحيح , إذ كلما كان الموضوع منفلتاً من أيّ عقال كلما كانت المعالجة سطحيّة و عبثيّة لا غناء فيها .
ـــ ثانياً : لماذا لم تُحدّد الكاتبة الفترة الزمنية المدروسة , و الحال أن كلّ الأطاريح الجامعية تلتزم بفترات زمنية مضبوطة , لا تتجاوز بأيّ حال من الأحوال مائة سنة , و غالباً ما تكون أقلّ من ذلك بكثير , حتى يتمكن الباحث من الوصول إلى نتائج أدق وأعمق بدراسة الجزئيات و التفاصيل , و وضعها ضمن سياقها التاريخي ، أمّا الإصرار على تعويم الزمن و فتح السنوات و القرون على بعضها البعض لمدّة تفوق 15 قرناً كما هو الحال في أطروحة آمال قرامي فلن يؤدي إلا إلى التلخيص و الاقتباس و التعميم , و هو ما سنفصِّل فيه القول لاحقاً .
ـــ ثالثاً : لماذا لم تُحدّد آمال قرامي مجالاً جغرافياً مُعَـيَّـنا لدراستها , كأن يكون مدينة أو بلداً , أو منطقة ما ، خصوصاً إذا وضعنا في الاعتبار أن الثقافة و مظاهرها تختلف من بيئة إلى أخرى , حتى و إن أستندت إلى أصل عقدي واحد , فعادات الزواج في وسط إفريقيا هي غيرها في الشمال , و التربية الناشئة في الحضر هي غيرها في البادية , و المعاملات المالية في الموانئ هي غيرها في المناطق الداخلية , و هكذا .
و لا يخفى أن هَمّ الطالب عند وضع عنوان لبحثه هو الدقة , و الوضوح , و الضبط , ممّا يُؤشر على عقلية نقدية , قادرة على التمحيص و الفرز بين ما هو من صلب الموضوع فتأخذ به , و بين ما هو من أطرافه و حواشيه فتدعه , أو تتناوله بمقدار ما يخدم موضوع الدراسة ، أما العناوين التي تحتمل الزيادة و النقصان فلا تدلّ إلا على اللهاث وراء السهولة و السعي إلى إثارة عموم القراء بما هو هذيان و هذر .
و نورد ــ على سبيل المثال ــ جملة من عناوين الأطاريح الجامعية الجادّة التي أعِدَّ بعضها منذ منتصف القرن الماضي دون ترتيب معيَّن حتى يتبيَّن للقارئ الفرق بين عنوان يحمل دلالة علميّة زاخر بالإيحاءات و الضوابط , وآخر لا لون و لا رائحة و لا طعم له :
1 - (تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري) , للدكتور عبد العزيز الدوري .
2 - (التنظيمات الاجتماعية و الاقتصادية في البصرة في القرن الأوّل الهجري) , للدكتور صالح أحمد العلي ، علماً بأن الدكتور هشام جعيط , تناول نفس الموضوع و لكن في الكوفة .
3 - (الحركة الطالبية التونسية ، 1927ـ 1939) , للدكتور محمد ضيف الله .
:::
@ الباب الثاني : الخلل في مصادر الكتاب و تنظيمها .
من المعلوم أن أي دراسة علمية جادّة تستند إلى جملة من المصادر و المراجع التي ينتقيها الباحث وفق مقاييس علميّة متعارف عليها , و من ثم يُمَهِّد لدراسته بمقدمة يَعْرض فيها تقييمه و مبرِّراته في أختياره مصادر مُعـيَّـنة دون غيرها , و ذلك بعد ترتيبها زمنياً , و أنتقاء أفضل الطبعات و أدقها وأكثرها أرتباطاً بموضوعه .
ففي مقدمة كتابها لم تتناول آمال قرامي أي مصدر من مصادرها بالتعيير أو التقويم , بل أكتفت بإعادة صياغة بعض الأفكار التي لم تمَلَّ إعادتها و تكرارها عشرات المرّات , فانحرفت بالمقدمة عن دورها , وحَرَمَتنا من أكتشاف قدراتها النقدية , و مدى توفقها في أختيار الأدقّ و الأصوب و الأصحّ , ممّا هو متوفر بين يديها ، و المتأمل في القائمة التي أعدتها آمال قرامي يكتشف بوضوح أنها أكتفت بجمع كل ما هبّ و دبّ , من قريب أو من بعيد , و حشرت الكلّ دون فرز أو ضبط , و دليلنا على ذلك ما يلي :
1 - جرت العادة من الناحية العلمية و الـفـنـيـة أن تُوضع الكتب المقدّسة و المعاجم و الموسوعات لوحدها , إلا أن آمال خصَّت الكتب المقدسة بتعامل لم نشهد له مثيلاً فيما أطلعنا عليه من فهارس كتابها , فـبدل أن تضع في رأس القائمة لخصوصيّة التعامل معها أدرجتها ضمن المُسرد الذي نشرته ، ففي ص955 وضعتْ القرآن الكريم ضمن المصادر فيما بين أبن قُدامة و ثابت بن قرة , و وضعت بين قوسين هلالين رواية حفص بن سليمان ، و هو أمر عجيب ! , فالقراءات لا علاقة لها بالمعاني الواردة بين دفتي المصحف , لأنها لا تتناول إلا كيفية نطق بعض الألفاظ , و لا تحمل أيَّ تغيير في مضامينها ، و كأني بها تشير إلى أن القرآن ليس قرآناً واحداً بل هو متعدّد و أختارت منه ما ذكرت بين قوسين ! ، و في ص956 وضعتْ الكتاب المقدس فيما بين الكاساني و أبن كثير ، و هذا الأسلوب الملتوي في التعامل مع الكتب المقدسة مقصود للقدح في صحّة نسبتها إلى الله , و هو أسلوب لم تستعمله مع غيرها , و دليلنا على ذلك أنها جمعت الموسوعات , و وضعتها في ذيل فهرسها في ص979 .
2 - في ص960 ذكرتْ آمال قرامي أنها أستندت في بعض ما ذهبت إليه إلى كتاب (الجنس في أعمال السيوطي) الذي أعدّه و نشره صاحب دار المعارف بسوسة ، و قد سبق و تناول الكاتب و الأستاذ أنس الشابي التونسي في كتابهِ (أهل التخليط) هذا الخليط العجيب من الأوراق التي رمى بها صاحبها في الأسواق , و لا مندوحة عن الإشارة إلى أن أعتماد آمال قرامي على هذا الكتاب المدلـَّس و المدلـِّس يُؤشر على جهل فاضح بأوليات البحث و أستهانة بالنصوص و بأصحابها , ذلك أن الكتاب المشار إليه لا يعدو أن يكون تجميعاً لأوراق لا رابط بينها سوى الجنس , محرّرة بأسلوب سوقي فضائحي صادم للحياء , نُسبت زوراً إلى الإمام جلال الدين السيوطي ، و غاب عن صاحب دار المعارف بسوسة , و تبعته في ذلك آمال قرامي , من أن نسبة أي نصٍّ لأيّ كاتب من الكتاب خصوصاً منهم الذين لهم قدم في سوق المعرفة و العلم يجب أن يستند إلى دراسة داخلية للنص من مختلف النواحي , كالأسلوب و المصادر المعتمدة , و المرحلة التاريخية التي كُتب فيها , و موقعه ضمن المسيرة الفكرية للرجل ...إلخ , فإن أهملنا ما صنع صاحب دار المعارف بسوسة لجهالته , و فرحه بانقطاعه عن التعليم منذ المرحلة الابتدائية , فكيف يستقيم الأمر و نحن إزاء أطروحة دكتوراه أشرف عليها و أجازها أساتذة , و صَرفت عليها الدولة آلاف الدنانير ؟! .[3]
:::
@ مـلاحـظـــــة : أرجوا من أحبتي الأفاضل , الفاضلات , على أن يستمعوا إلى درس السيد كمال الحيدري من خلال رابط الدرس في هامش رقم (2) بعد قرآءة المنشور , لتكتمل الصورة فِيما طرحناه و ما سوف نطرحه . و أيضاً نرجوا من الأخوة الأحبة الذين لا يروق لهم هذا المنشور فإن أرادوا أن يُعلقوا نأمل أن يكون تعليقهم بمستوى أخلاقهم , لأننا بحمد الله تعالى لم نتجاوز حدود الأدب و لو بكلمة واحدة , و إنما نُحاول بقدر الإمكان أن يكون طرحنا علمي .
( ( ( ( ( الـفـصـل الـثـانـي يـتـبـع ) ) ) ) )
الـهـوامـش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] راجع مقدمة كتاب (الأختلاف) لآمال قرامي .
[2] بحوث في طهارة الإنسان , السيد كمال الحيدري , درس / 21 . 
رابط الدرس : https://www.youtube.com/watch?v=ioAONVlXYlY
[3] للتفصيل راجع كتاب (أهل التخليط) للأستاذ أنس الشابي التونسي .
 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ عباس الطيب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/03/24



كتابة تعليق لموضوع : الفصل الأول : السيد الحيدري .. و مصادره العِلّمَانِـيَّـة !!! .
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net