صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

خطاب مع عبيد الله بن الحر الجعفي
علي حسين الخباز
 لِمَ جئت؟ ألم تكن تعلم يا عبيد الله بن الحر، أن كل الأرض ستصير بقاع هذي الطفوف؟ هذا النور الذي يطل على نخلٍ باسق يكره لصوص الليل، في فيافي الطف النبت الكاذب لا يزهر، واعلم أن بعض الصمت أعمى، والعطش الذي يعتري المذبوح قراب نصرة..
 لا مكان في الزيارة لمن يختبئ عند مهب الريح، ويندف المواقف فيافي تهدهد المصير.. أي لقاء هذا الذي يجمع الذابح بالذبيح، أوتستغرب أن يقال لك: أنت من قتل الحسين (عليه السلام)، أنت لوح جثة يقبع خلف اللهاث، أنت أدمنت القساوة حد ألفتها.. وعناوين النصرة سطوع لا يأفل، رسائل صبر موقعة بالشموخ.. قلوب فتت من الظمأ، أجساد قطعت إرباً إرباً دون ذنب، رؤوس اعتلت رماحها من أجل قداسة هذا الوجود... من اجل ان لا تقع.. 
 في ندم عاجز لا حول له، جاءت كبرياء من أجل رفعة شأن الإنسان، فلابد أن تتطأطأ الرؤوس بحومتها شعوراً بعار الخذلان، ما فائدة أن تدرك بعد فوات الأوان، ما نفع أن تأتيه وأنت رفضته حين جاءك يسعى، أتيت الوقت من دبر... جئت لتعلن عن مثواك، قلوب القتلة لا تدرك اليقين إلا بضجيج هواجس وأنين يشغل القلب.. تنام على ظنون وتصحو على ظنون...
 الندم الخامل موت والصمت بليد، وأنت أشرس لصوص الكوفة، وأدهى عتاتها القساة، كنت تسطو عند خفقة كل جوع، ولك عرش جور، وتيجان لذة، ومرابع أنس لا تنام، تستمتع بأنين كل فاجعة تقايض دمع المظلومين بضحكات بلهاء حتى أمطرت الكوفة تلالاً من دم..
سلب ونهب وقتل ودمار.. فأين الإنسان من الإنسان؟ أين سيفك الذي سيدك صوتاً، عجز أن يمدك بالشجاعة لنصرة الحق.. ولم يقدر أن يدافع عنك عندما هب الندم، ليكتسح كل وجودك، فجعله ضعيفاً لا يطيق الصبر..
تسير تحت خيلك الصحراء بقلب واه، تفرست في متاريس الصحراء، علّ شبراً يأويك بعيداً عن ركب الحسين (عليه السلام)، فكرت أن تقبع بعيداً عن عيون التأريخ.. 
حملت القرار وهاداً من السفر؛ كي لا تقابل أطراف هذا الوجع الضرير، ولهذا قررت أن لا تنصر ابن بنت رسول الله، وأنت تعرف انه حبيب الرسول ومحتواه... 
 بالتأكيد، هناك تفاوت كبير بين عطر الشهادة وبين نتانة خذلانك.. كانت النبوءة صادقة كصدق إمام.. لذلك جاءت كربلاء الزهو مراشف عطرة, وتحمل على شفافها الشذى الزاكي.. بل لعنة الخذلان.. لابد من يقظة يرتقيها الانسان؛ كي لا يخذل حسينه.. ولهذا تصب اللعنة المستحقة على من خذل الحسين.. اللهم العن من خذل الحسين ولم ينصره.. وما نفع ندم يأتي بعد فوات الأوان.. 
ملاحظة: 
1- (عبيد الله بن الحر الجعفي هو مقاتل كوفي خذل الحسين (عليه السلام) ولم ينصره، وجاء بعد مقتله نادماً يبكي على قبره).

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/03/21



كتابة تعليق لموضوع : خطاب مع عبيد الله بن الحر الجعفي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net