صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الإستهلاكية الفكرية!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الغرب ينظر للعرب على أنهم مجتمعات مستهلكة , فالذي لا يصنع يستهلك ما يُصنع , ومَن لا يبدع يعيش عالة على الإبداع.

هذه حقائق مصيرية تقف شاهدا على العجز العربي الشامل , فلا يوجد عجز مختصر على جانب دون غيره , لأن العجز ظاهرة حضارية كاملة , فالشخص العاجز لا يمكنه أن يأتي بشيئ ذي قيمة ومعنى ودور , ومثلما يتحقق العحز في الأفراد فأنه يتحقق في الجماعات والشعوب والأمم.

فالأمة التي عجزت أن تطعم نفسها وتصنع حاجاتها الأساسية التي تعاصر بها , إنما هي بلا قدرة على إنتاج فكر , لأن الفكر أساس إنتاج كل شيئ في الأمة.

والشعوب التي لا تقدر على إنتاج فكر تفشل في جميع ميادين الإنتاج الحضاري , لأن الفكر هو طاقة الإنتاج وإرادة الصيرورة والإقتدار.

وبما أننا أمة تستهلك أفكار الآخرين فأننا نعبّر عن سلوك إستهلاكي في كافة الميادين الحياتية المعاصرة.

فماذا أنتجنا في القرن العشرين؟

ما هو الفكر العربي الأصيل الذي أسهم في إنطلاق القدرات وبناء الحياة؟

لو فتشنا في مسيرة أكثر من قرن , لا نجد إلا مواقف إستهلاكية , وشعارات مستوردة فشلنا في إدراك جوهرها وإطلاق محتواها القادر على صناعة القوة والتواصل والنماء.

فرواد النهضة العربية ومنذ منتصف القرن التاسع عشر وهم يمثلون أصداء فارغة لمنتجات فكرية أجنبية , لم يتمكنوا من تجسيد نسبة ضئيلة منها بإيجابية في الواقع العربي , وإنما إنطلقوا بأساليب المبهورين المندهشين والمصدومين بما وصلت إليه الحضارات الأخرى , وما آلت إليه حضارتهم , وما هم فيه من الضلال والبهتان وسوء الرؤى والتقدير.

فالعرب لم يقدموا فكرا أصيلا مؤهلا لبناء دولتهم وقوتهم المعاصرة , وبسبب فقدان قدرات الإنتاج الفكري النابت في تربة الوعي الجمعي , فأن الحال يتداعى والمآل في غيبوبة سقرية الطباع والملامح.

ولا يوجد مفكر عربي واحد إلا وإستند على الآخرين الأجانب في الرأي والنظر , وكأنه يشعر بالنقص والضعف وعليه أن يعتمد على غيره لكي يبدو مصيبا وصحيحا , وما هو إلا غارق في الخطأ والإنحراف والتشويه , لأنه لا يقرأ الواقع العربي بعيونه وبصيرته وإنما بعيون الآخرين وبصائرهم.

وهذا الأسلوب الذي إنتهجه المفكرون العرب قد أسهم في صياغة آليات التداعيات والخسران , وأدخل الأمة في ناعور يدور ولا يتعب من الإسقاط والتنكيل والتضئيل والتدمير المروّع , الذي نعيش أوج ويلاته وصيروراته المتوحشة الغاشمة , التي تؤسس لسلوك الإنتحار الحضاري العربي المحّاق.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/03/15



كتابة تعليق لموضوع : الإستهلاكية الفكرية!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net