صفحة الكاتب : رحيم الخالدي

الحكيم وأول حشد في تاريخ العراق ...
رحيم الخالدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يذكرنا التاريخ بشخوص يتفاوتون بالعمل، فمنهم من تمر الحياة عليه ولا يترك أيّ أثر، ومنهم من يذكره التاريخ لواقعة أو مأثر، ولا يمكن للتاريخ أن يغفل أحداً، مالم يكن خلف كاتب التاريخ مغرض، كما حصل مع عليّ بن ابي طالب، الذي غدره كتّاب التاريخ كثيراً، فكتبوا لمن لم يكن له شأناً، وأهملوا من كان يقول سلوني قبل أن تفقدوني، ومن الرجال من دخل وأحدث دوياً كبيراً كالرسول الأكرم، الذي أسلم على يديه كثير ممن كانوا ضد الإسلام في بداية دعوته، ولا زال الإسلام فاتح ذراعيه لمن يدخله . 

السيّد محمد باقر الحكيم نشأ في كنف والده، الذي يعتبر في وقته زعيم الطائفة، مما هيأ له الأرضية المناسبة، لتسلق العلم الديني والسياسي معاً، وفق مفهوم الدين هو السياسة، ولذلك كان المتصدر عندما تغرب عن بلده واستقراره في إيران، وإنشاء أول حشد عقائدي للوقوف بوجه أكبر طاغوت في العصر الحديث، فكان الساعد الأيمن والمقرب من السيذد الخميني رضوان ربي عليهم، إضافة للعمل الديني، فكان يمزج بين العمل الجهادي والتدريسي والمحاضرات، ولا ينفك عن الإستمرار بهما، لينال رضا الخالق ويؤدي الدور الذي سار به .

أول حشد عقائدي في تاريخ العراق، كان على يد شهيد المحراب، الذي حاربه نظام البعث بكل الوسائل، وأعطت عائلة السيّد الحكيم ثلاثة وسبعون شهيداً، خلال حكم البعث، وتتفاوت شهادتهم وبحسب توجيهات القائد الضرورة، وصل لملاحقتهم خارج العراق، فكان إستشهاد السيد مهدي الحكيم في دولة السودان، بعد أن جنّد الطاغية أحد ضباطه ليغتالهُ هُناك، لتكون عائلة الحكيم عائلة الشهداء بحق، وتتصدر العدد! لهذا كان لابد من تصدر القرار، ومحاربة النظام آنذاك بكل السبل، ولولا الإتفاقيات الدولية لشارك المجاهدون علناً في الحرب العراقية الإيرانية، لكنها إقتصرت على الداخل، من خلال التنظيمات السرية وإستطاعت خرق المنظومة الأمنية آنذاك .

حياة شهيد المحراب لا يمكن اختصارها بمقالة، لا تتعدى حروفها ألف كلمة أو اقل، حتى وإن كثرت، لكن يمكن ذكر بعض لمحات عاشها وهو مغترب، لحين رجوعه للعراق بعد هزيمة الطاغية، ولا يمكن أن ننسى الثورة الشعبانية المباركة، التي أقضت مضجع صدام أيامها، وإنتهى الأمر، لكن ذلك لم يرق لا لدول الخليج ولا أمريكا! التي أرجعته وساندته، إلا إقليم كردستان دعمته بكل ما تستطيع من جهود، وصلت لتحديد خطوط جوية ممنوع تجاوزها، بالوقت نفسه أباحت له بإبادة أهل الجنوب، وأجازت له مجازر ومقابر جماعية، لازالت آثارها شاخصة، فاقت مجازر الأرمن واليهود، التي تلوح بها تلك الأمم بين الحين والآخر .

فقدان السيد محمد باقر الحكيم، بذلك التفجير المدبر المفجع، وخسارتنا لعلم من الأعلام، كان غير متوقع! والظاهر من ذلك القضاء على مشروع الدولة العصرية العادلة، والتمنيات ببناء عراق ديمقراطي، يكفل حقوق كل العراقيين، ويحاسب كل من تلطخت يديه بدماء الأبرياء، ولو كان باقياً ليومنا هذا، لما تجرأ صغار القوم اليوم، الذين يتصورون انهم صقور! لكنهم واهمين، لان بناء الدولة لا يأتي من خلال المحاصصة والسرقات والفساد وضياع الأموال، بل يأتي من خلال برنامج معد سلفاً، مدروس من قبل لجان إختصاص وخبراء، واضعين أمامهم التضحيات ودماء الشهداء والمغيبين والمغتربين، الذين هاجروا وسكنوا الغربة من جور ذلك النظام الاستبدادي، وكان هذا البرنامج لدى شهيد المحراب .     


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رحيم الخالدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/03/09



كتابة تعليق لموضوع : الحكيم وأول حشد في تاريخ العراق ...
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net