صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

إنحدار الديمقراطية إلى حضيض الديكتاتورية!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يبدو أن المجتمع البشري يخطو بإتجاه تجاوز الديمقراطية ويستعد لقراءة الفاتحة على روحها الطاهرة , ذلك أن السلوك الديمقراطي يؤخذ من قبل الأنظمة على أنه عدوان عليها , عندما يتنافى وإرادة الكراسي الفاعلة في المجتمع.

ففي الدول المدّعية بالديمقراطية أو الحديثة العهد بها , أي إحتجاج أو تظاهر ضدها يُحسب على المندسين وغيرهم , أما في بعض الدول الديمقراطية العريقة فأن الإحتجاجات صارت تحسب على أنها نشاطات لمشاغبين محترفين يستلمون أموالا مقابل سلوكهم الإحتجاجي.

وبهذا الإقتراب العدواني تكون الديمقراطية مجرد لفظة للخداع والتضليل والإمتهان ومصادرة حقوق الناس , بل ووسيلة لدفعهم إلى إفناء بعضهم البعض.

فالواقع البشري يؤكد أن الدنيا ومنذ الأزل تمضي على إيقاع الإستبداد والتسلط الفردي والعائلي والديني , وما عرفت التفاعل الديمقراطي في تأريخها إلا نادرا , ولا يمكن إثبات فترات حكم ديمقراطي في العصور القديمة , إلا في الزمن الذي بدأ بهجرة المسلمين إلى المدينة وإنتهى بمقتل عمر بن الخطاب.

وبعد ذلك حاول علي بن أبي طالب أن يستعيد تلك الروح التفاعلية اِلإنسانية السامية لكنه إنتهى إلى ما إنتهى إليه.

وقبل ذلك وبعده لا يوجد غير اِلإستبداد والإستعباد والظلم ومصادرة حرية التفكير والتعبير عن الرأي والتظاهر واِلإحتجاج , فالناس عليها أن تسمع وتتبع ولا تُسمع أبدا.

واليوم نتحدث عن سماع رأي الناس وتلبية حاجاتهم , وهذا أمر لا تزال البشرية في بعدٍ عنه , وإن مارسته لعدة عقود لكن الإنتكاسات عاصفة والتحولات زاحفة , وبين فترة وأخرى تنتصر الديكتاتورية وتتحكم بمصير البشر والأوطان.

فالعديد من الذين أوصلتهم الديمقراطية إلى سدة الحكم قد تحوّلوا إلى مستبدين ومدمرين لشعوبهم وأوطانهم , وفي أوربا أمثلة وفي غيرها كذلك.

فالديمقراطية قد تبدو في أحيان كثيرة على أنها وسيلة لإمتطاء ظهر المجتمعات والشعوب وسوقها إلى حيث يريد المتحكم بمصيرها , وما عليها إلا أن تستسلم وتمضي مرغمة إلى حيث لا تريد.

وما يحصل في أمة ديمقراطية متقدمة من إجراءات , إنما هو محاولة لنسف الروح الديمقراطية والوصول إلى منبر الإستبداد والتفرد بالسلطة , لكن الدستور والنظام القضائي لا يسمح بذلك لرقابته الشديدة وحسه الدستوري النزيه.

وهكذا يمضي الصراع شديدا بين الديمقراطية والإستبداد , ولن تستقر الديمقراطية , فالصولات الإستبدادية  عليها تتكرر , ولن تنتهي أبدا , وستبقى تنتهز الفرص المواتية , وقد تنتصر ذات يوم ما.

وفي زمن التواصل السريع بين البشر , فأن أعداء الديمقراطية سيتخذون من التوصيفات السلبية ذرائع للإنقضاض على الديمقراطية , وتسفيه التطلعات البشرية والإنتقام من المعارضين للسلطة بالرأي ولمنع التعبير عن الإرادة الإنسانية.

فأنت أما مشاغب محترف أو مندس بين المتظاهرين , وتلك لعبة من تأليف الشياطين!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/26



كتابة تعليق لموضوع : إنحدار الديمقراطية إلى حضيض الديكتاتورية!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net