صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الفهم الغائب والشرق الخائب!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 جوهر المشاكل الدائرة في الشرق الأوسط يمكن تلخيصه بعدم الفهم المتبادل ما بين الشرق والغرب , ما بين الدول الغربية ودول الشرق الأوسط وخصوصا العربية.

 
فهذه الدول بعيدة كل البعد عن فهم بعضها البعض , فلا الغرب يفهم ولا الشرق يفهم , ويتركز هذا الجهل في الدول العربية التي يجهلها الغرب تماما وتجهله بالكامل.
 
وقد أسهم في هذا التجهيل معظم العرب المدعين بالثقافة والفكر والمعرفة , من إختصاصيين ومفكرين وسياسيين , وحملة أقلام جاهلين منبهرين متوهمين يقرؤن بمنظار الآخرين , وقد دأبوا على ذات المنوال والنمطية منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى اليوم , فقدموا صورة مزيفة عن الحالتين.
 
والعلة أن الآخر يتصور ويرى والعرب يهللون لتصوراته ورؤاه , ويتمسكون بها ويحسبونها حقائق وتوصيفات صائبة , فيساهمون بتجهيل الآخرين في الدول الغربية وأمريكا.
 
فالعرب يستحضرون النظريات الأجنبية ويتوهمون بأنها الأصدق في تفسير أحوالهم , ومعظم النظريات التي يعتنقونها لا تمت بصلة لواقعهم وأحوالهم , لكنهم يؤكدونها فيساهمون في تجهيل الآخر بهم.
 
وعلى ضوء آليات التجهيل المتوالدة , يتحقق التفاعل المعوق والمدمر للأحوال والحياة , فالدول الأجنبية تتصور أنها تقوم بالعمل الصائب والصحيح , وفقا لما عززه عندها المُجهّلون لها من المفكرين والمثقفين والكتاب العرب , فتسعى في مسارت ومشاريع تساهم بتعقيد الأمور وصناعة الويلات الكبرى.
 
وبسبب هذا التجهيل المتبادل والفائق التأثير صار العرب بلا معنى ولا عنوان , وينطبق عليهم أي توصيف وترسيم وإتهام وتقدير , ويلحق بهم أي فعل وقرار , لأنهم يقدمون أنفسهم على أنهم أهل لما يحل بهم ويدور في ديارهم.
 
فعلى سبيل المثال , يقدم العرب أنفسهم للأجنبي من خلال أنظمتهم  , على أنهم مع أنظمتهم المدمرة لوجودهم , وأنهم سعيدون وراضون على إنتهاب ثرواتهم , ويستلطفون فقرهم وإستحواذ بعضهم على مصيرهم وثرواتهم.
 
كما أنهم يقدمون أنفسهم للآخرين على أن سلوك القتل لبعضهم مستساغ وغير مرفوض , وهو جزء من عاداتهم وتقاليدهم , وأنهم قد مضوا عليه لمئات السنين.
 
وبهذا فهم يغذون النزعة الخاطئة والرؤى الكاذبة عنهم , وكأنهم ليسوا للبشرية بصلة ولا للإنسانية بعلاقة وإنما هم خارج ذلك وضده.
 
وتمضي التفاعلات التجهيلية الخاطئة المبرمجة , لتحقق حالات قاسية في الواقع العربي , تطغى على وسائل الإعلام وتؤازر الرؤية المنحرفة عن العرب.
 
ولهذا فأن المشاكل العربية لا يمكنها أن تصل إلى حل , بسبب الإمعان السافر بالتجهيل المتبادل ما بين جميع الأطراف والقوى والفئات والأحزاب , والتي تصيب الدول الأجنبية في قراراتها ومشاريعها وبرامجها , ما دامت تمعن بجهل العرب وتفرض رؤيتها عليهم , وتجد الكثيرين من العرب المسوقين لرؤاها والمستعدين لتوظيفها في نشاطاتتهم وكتاباتهم وخطاباتهم , حتى ليُجبرون الناس على التوهم بغير طبائعهم!!
 
فهل سيعرف العرب أنفسهم ويؤكدون هويتهم ودورهم الإنساني بإرادتهم؟!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/01/26



كتابة تعليق لموضوع : الفهم الغائب والشرق الخائب!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net