صفحة الكاتب : عقيل العبود

الطبيعة التكوينية للنفس الانسانية: الخصائص، والسلوك، والأبعاد بحسب سورة لقمان
عقيل العبود

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 قال الله في محكم آياته 
الم تروا ان الله سخر لكم ما في السماوات وما في الارض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير واذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا اولو كان الشيطان يدعوهم الى عذاب السعير[1].
 
الآية فيها ثلاثة متعلقات اوابعاد:
 
الاول، المتعلق البرهاني الخاص بحقيقة القدرة الإلهية، والتي تتمثل بوصف المظهر اوالصورة  التسخيرية لما في السماوات، وما في الارض، والتسخير يشير الى النعم الظاهرة، والنعم الباطنة وهذه النعم ترتبط بالاستعداد الحسية والعقلية لاستكشاف مفردات الكون.  
 
الثاني، المتعلق بالجدل الافتقاري، وفيه غياب الحجة والبرهان.   
 
الثالث، المتعلق الإنكاري وهو النتيجة الناجمة عن عدم استعداد هذه النفس لتقبل الجديد، وهذا واضح في الشطر الأخير من الآية.
 
ولعل من اهم الخصائص النفسية للانسان هو قابليتها للتفاعل مع المؤثر، والانفعال والفعل فيه، والسؤال ما هو منشأ هذا الانفعال، هل هو بسبب علاقة الداخل بالخارج؛ علاقة الحس والعقل مع الظواهر والمشاهد المرئية؟
 
مما لا شك فيه ان هنالك خاصية بايولوجية متعلقة بالهرمونات الخلقية للنفس، فالنفس الانسانية تضطرب اثناء المفاجئات والأهوال، وفيزيائية وجودية متعلقة بالارتباط الخلقي اوالوجودي، فالنفس تسعى للتعايش مع مفردات مكوناتها عبر هذا النوع من الارتباط، وخاصية أزلية تكوينية فطرية المنشأ متعلقة بنفس الخالق كونها مأمورة بإذن الخالق، حيث فيها من طبيعة الذات الخالقية، لذلك تراها تبحث دائماً عن تعزيز الصلة بالخالق من خلال الفطرة. 
 
لذلك بفعل هذه الخصائص، النفس، بايولوجيا وفيزيائيا، وفطريا تسعى لردم الثغرة اوالفجوة بينها وبين العقل لترتبط بقانونه، هذا الارتباط به تتخذ هذه النفس طريقها الى المسعى؛ به تنفتح لغتها  على لغة العقل فيسودها الاطمئنان. 
 
والمدرسة السلوكية اهتمت بهذا النوع من الخصائص، باعتبار ان السلوك يعد عاملا من العوامل المؤثرة في الاستقرار التكويني للنفس، ومن خلاله يتاح التحكم بالنزعة الاستعدادية لهذه النفس لبلوغ الهدف. 
 
ان مهمة النفس ترتبط مع العقل لتحليل الظواهر،  فنحن نعيش في عالم الوجود. وهذا العالم  به يتحد عالم السماء مع عالم الارض، ووفقا لهذا الاتحاد يبلغ التفاعل ذروته. 
 
وتحقيق اطمئنان النفس يتطلب بذل اقصى الجهود وصولا الى اقصى درجات المعرفة  ومنه اقصى درجات الارتباط مع الخالق، والتسليم باليقين المطلق، ومنه الشكر والتسبيح عرفانا لعظمة الذات الإلهية.  
 
وهنالك نعمتان ظاهرية وباطنية، اما الحواس الخمس فهي نعم باطنية، بينما صلاحية  استخدام  هذه الحواس لتفسير الظواهر والتعايش معها يعد نعم ظاهرية.
 
لذلك تجد ان البعد الدعوي وهو المحور الثاني من محاور البحث يعلل كيف ان المجادلة بغير علم معناها عدم الإمكانية على التفكر، وعدم الصبر على التفكر، والنتيجة هو الإنكار والرفض.
 
وبهذا الرفض ينشأ النفور، لذلك قول علي بن ابي طالب عليه السلام يرتبط بذلك "الناس أعداء ما جهلوا" لان العقل اذا كان عاجزا عن فك الألغاز الخاضعة لهذه المعارف؛ اذا كان غير قادر للتعايش مع الظواهر، تصبح هنالك فجوة بينه وبين النفس، ويكون الانسان في صراع دائم مع نفسه اولا، ومع الاخر ثانيا،  وهذا يقود الى الهوة بين انا النفس، وانا العقل والاضطراب، ومنه الإنكار. 
 
والإنكار هو نتيجة لعدم تقبل فهم الاشياء والموضوعات.
 
والحل بحسب المدرسة السلوكية يعتمد على تحليل عوامل التكوين النفسي وإعادة صياغتها بطريقة ثانية، عن طريق إيجاد تركيبة تفاعلية جديدة مع العقل. 
 
ومن الضروري الاشارة الى ان هنالك تفاعلان للنفس: ألأول تفاعل مثابر يسعى لتحليل الغاز الظواهر  وحل رموزها، والثاني تفاعل غير مثابر وهذا التفاعل يفتقر الى الاستعداد والتعايش مع الموضوعات بطريقة سليمة.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عقيل العبود
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/31



كتابة تعليق لموضوع : الطبيعة التكوينية للنفس الانسانية: الخصائص، والسلوك، والأبعاد بحسب سورة لقمان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net