صفحة الكاتب : باسم اللهيبي

أدلة كون الحُسن والقُبح عقليين لا شرعيين
باسم اللهيبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 ذكرنا ان الشيعة ذهبوا الى ان العقل يمكنه ادراك الحُسن والقُبح ، وأن الخالق تعالى لا يفعل القبيح الذي مكّن العقل من ادراكه ولا يترك الحسن كذلك ، وهذا ما خالفنا به الاشاعرة ، حيث قالوا بان العقل عاجز عن ادراك حُسن وقُبح الافعال ، والمعرّف الوحيد في ذلك هو الشرع ، وعليه فإذا أدخل الله الصالح الى النار وادخل الطالح الى الجنة واعتبر ذلك حَسَنا كان ذلك عدلا .. بينما الشيعة يقولون هذا قبيح اكتشفه العقل ويستحيل ان يفعله الله ذو العدل العظيم ..
ولنقيم الدليل على ان الحُسن والقُبح عقليان لا شرعيان ، وهو مانذهب اليه :
الدليل الاول :
إن كل إنسان - مهما كان دينه ومسلكه ، واينما حل من بقاع الارض - يدرك بنفسه حسن العدل وقبح الظلم ، وكذلك يدرك حسن الوفاء بالعهد وقبح نقضه ، وحسن مقابلة الإحسان بالإحسان وقبح مقابلة الإحسان بالإساءة .
ودراسة التأريخ البشري تشهد بهذه الحقيقة وتؤكدها ، ولم يُرَ حتى اليوم عاقلٌ ينكرها قط .
انتظرونا في الحلقة القادمة لنطرح الدليل الآخر بإذن الله تعالى ..
 
[معنى العدل الإلهي]
العدل : هو تنزيه الباري تعالى عن فعل القبيح والاخلال بالواجب . (النافع يوم الحشر ٦٨)
والقبيح المنزه عنه الباري تعالى هو كالظلم والكذب وتكليف البشر بما لا يطيقون وغير ذلك .
والواجب الذي لايتركه الخالق تعالى هو كبعث الانبياء وتنصيب الحجة وانصاف المظلوم وغير ذلك .
ومعنى الواجب بالنسبة لله تعالى هو ما تقتضيه حكمته وكماله المطلق ، فلس هناك من يوجب عليه شيئا . 
والعدل هو صفة من صفات الله تعالى الثبوتية الكمالية ..
 
[الدليل العقلي على العدل]
العقل يحكم بأن الله تعالى عادل لا يفعل القبيح ويفعل ما ينبغي فعله .
وذلك : ان الظلم له عوامل تقتضيه ، فإن الظالم لا يقدم على الظلم بكل انواعه الا اذا توفر احد هذه العوامل ، وهي :
١- العبث ، فان العابث غير الحكيم قد يرتكب القبيح تشهيا ولهوا وعبثا .
٢- الاحتياج ، فإن المحتاج قد يرتكب القبيح لجلب مصلحة او لدفع مفسدة .
٣- العجز والجبر ، فإن العاجز والمجبور قد يرتكب الظلم والقبيح اضطرارا ، ومن دون اختيار منه ..
٤- الجهل ، فإن الجاهل قد يرتكب الفعل القبيح ويترك الحسن لجهله وعدم معرفته بقبح القبيح وحُسن الحسن .
فكل ظلم لابد ان يصدر عن عامل من هذه العوامل ..
ولو طبقنا ذلك على الله تعالى لوجدنا انه تعالى منزه عن كل هذه العوامل التي تقتضي الظلم وفعل القبيح وترك الحسن .
لما ثبت في محله في حديثنا عن الصفات في مباحث التوحيد .
اذن ثبت انه تعالى منزه عن الظلم لتنزهه عن كل ما يستدعي الظلم ..
 
[النصوص القرآنية التي تناولت العدل الإلهي]
وهذا الدليل يخاطب المسلمين باعتبارهم يؤمنون بحجية القرآن الكريم ..
الايات القرآنية الكريمة هي الاخرى تؤكد وتنبه على ان الله تعالى عادل لا يصدر عنه ظلم ، كما في قوله تعالى :
(شهد الله انه لا إله الا هو والملائكة والو العلم قائما بالقسط) آل عمران ١٨ . 
وقوله :(إن الله لا يظلم الناس شيئا) يونس ٤٤ .
وقوله تعالى :(إن الله لا يظلم مثقال ذرة) النساء ٤٠ .
وقوله :(وما الله يريد ظلما للعباد) المؤمن ٤١ .
وغير هذه الآيات التي تنبه على ان الله تعالى لايظلم احدا .
 
[الحُسن والقُبح العقليين]
رغم ان المذاهب الاسلامية قد اتفقت على انه تعالى عادل نظرا للآيات الواردة في ذلك التي ذكرنا بعضها في منشورنا السابق ، الا انهم اختلفوا في تفسيره .
بمعنى ، ان الله تعالى حين لا يفعل القبيح ولا يترك الحسن وما ينبغي فعله ، هل القبيح الذي لا يفعله ، والحسن الذي لا يتركه ، بمنظور العقل ؟ ام لا علاقة لتحديدات العقل ، بل المعوَّل عليه في تحديد الحُسن والقُبح هو الشرع والوحي ؟
ذهب (العدلية) وهم الشيعة والمعتزلة ، الى ان المقصود بالحَسَن الذي يفعله الله والقبيح الذي لا يفعله ، هما الحسن والقبيح الذي يكتشفهما العقل البشري ، فكل ماهو قبيح بنظر العقل ، يتنزه الله عن فعله ، وكل ماهو حَسَنٌ بنظر العقل ولا ينبغي تركه ، يفعله الله تعالى ، فالكذب والجور وكل قبيح بنظر العقل يتنزه الخالق عن فعله ، وانصاف الخلق واثابة المحسن وكل حسن لا ينبغي تركه بنظر العقل يفعله الله .
وقد ذهب غيرهم ومنهم (الاشاعرة) الى ان تحديد الحسن والقبيح هو بمنظور الوحي والشرع ولا علاقة للعقل بذلك .
فالكذب قبيح اذا قبّحه الوحي ، وقد يكون حسناً اذا حسّنه الوحي ، والانصاف حسَنٌ اذا حسّنه الوحي ، وقد يكون قبيحاً اذا قبّحه الوحي ، فقد يثيب الله العاصي ويعتبر هذا الفعل حسن ، ويعذب المطيع . وليست هناك اي قواعد عقلية وفطرية تميّز القبيح من الحسن .
فرأي العدلية يسمى (الحسن والقبح العقليين) .
ورأي غيرهم يسمى (الحسن والقبح الشرعيين) .
 
 
انتظرونا ..
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باسم اللهيبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/24



كتابة تعليق لموضوع : أدلة كون الحُسن والقُبح عقليين لا شرعيين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net