صفحة الكاتب : مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

آفاق الاقتصاد العراقي بعدسات صندوق النقد الدولي
مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د. حيدر حسين آل طعمة/باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية
 
لا يزال تدهور اسعار النفط يشكل تهديدا لمستقبل العراق لا يقل خطورة عن التحديات الامنية والسياسية التي تفاقمت منذ سنوات. اخفاق الحكومة في تسخير موارد اضافية لتمويل الموازنة واتساع دائرة الفساد المالي والاداري وضعف الرقابة والقانون زاد من محنة الحكومة في تمويل الاحتياجات الانسانية والعسكرية المترتبة على عمليات تحرير البلد من الاحتلال الداعشي.
 في سياق ذلك عُقدت مجموعة من الاجتماعات والمشاورات الفنية بين صناع القرار الاقتصادي (وزارة المالية ووزارة التخطيط والبنك المركزي) مع المؤسسات الاقتصادية الدولية رغبة في الحصول على مساعدات مالية عاجلة وتصحيح المسار الاقتصادي واصلاح النظام المالي والنقدي في البلد. 
وحول ذلك صدر مؤخرا تقريرا لصندوق النقد الدولي يرصد فيه واقع وافاق الاقتصاد العراقي وأبرز التوصيات اللازمة لتجاوز الازمة الاقتصادية والمالية في البلد. ويشير التقرير الى تضرر الاقتصاد العراقي بشدة من جراء الصدمة المزدوجة الناشئة عن هجمات داعش والانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية. حيث أسفر استمرار الصراع المسلح الدائر مع عصابات داعش عن موجات جديدة من النازحين داخليا، وصلت لغاية الآن الى أكثر من 4 ملايين مهجر، بالإضافة الى قرابة 10 ملايين مواطن (27% من حجم السكان) بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية.
 من جانب اخر تسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط الى احداث صدمة خارجية كبيرة لميزان المدفوعات وإيرادات الموازنة، والتي تعتمد في الغالب على إيرادات تصدير النفط. كما انكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.4% في العام 2015 على الرغم من زيادة إنتاج النفط بنسبة 13% خلال نفس العام. وشهد الاقتصاد غير النفطي ايضا انكماشا اقتصاديا على نطاق واسع لينخفض بمقدار (19%) نتيجة استمرار العمليات العسكرية والتقشف المالي الحكومي.
لأجل ذلك قام صندوق النقد الدولي برسم برنامج للإصلاح الاقتصادي في العراق من اجل تحقيق التوازن السريع للمدفوعات الحكومية وجعل الإنفاق متماشيا مع انخفاض أسعار النفط العالمية وضمان القدرة على تحمل الديون. ويتضمن البرنامج الجديد تدابير جديدة لحماية الفقراء وتحسين الإدارة المالية وتعزيز استقرار القطاع المالي والحد من الفساد. كما وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي مؤخرا على منح العراق مبلغ 5.34 مليار دولار من حقوق السحب الخاص لمدة ثلاث سنوات لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي للحكومة. 
ويشير صندوق النقد الدولي الى ان السياسات التي وضعتها الحكومة العراقية للتعامل مع صدمة اسعار النفط مناسبة جزئيا. ففي المجال المالي، فإن الحكومة العراقية تنفذ تعديلات مالية لا بأس بها عبر خفض النفقات الرأسمالية متدنية الكفاءة مع حماية الإنفاق الاجتماعي وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة. فضلا على الحفاظ على ربط العملة المحلية بالدولار الأمريكي لتوفير ركيزة استقرار لمستويات الاسعار.
كما يناسب التصحيح المالي في موازنة العراق العسر المالي الناجم عن ضغط انخفاض عائدات النفط وارتفاع النفقات الإنسانية والأمنية. ويتوقع ان تتحسن سياسات التصحيح المالي مع مرور الوقت، لإفساح المجال لإنفاق استثماري أكثر كفاءة. ويعد إصلاح نظام الإدارة المالية في العراق ضرورة ملحة لتحسين الانضباط المالي ورفع جودة الإنفاق العام. بالإضافة لذلك فان العراق بحاجة ماسة الى اتفاق جديد لتقاسم ايرادات الموازنة العامة مع حكومة إقليم كردستان لأجل وضع الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان في موقع أفضل لمواجهة داعش وصدمة أسعار النفط.
من جانب اخر، يرى صندوق النقد الدولي بان تراكم المتأخرات المالية الكبيرة لشركات النفط الدولية والمتأخرات المحلية خلال العام 2015 يزيد الوضع تعقيدا، وينبغي على الحكومة الاسراع في تصفية الديون المتراكمة وتنفيذ ضوابط جديدة لمنع مزيد من تراكم متأخرات شركات النفط الدولية والموردين المحليين. حيث إن الوقاية من المتأخرات الخارجية المستقبلية مهم جدا لاستدامة إيرادات النفط اللازمة لتمويل الإنفاق العام ودعم الاقتصاد والنمو. 
وقد صمم صندوق النقد الدولي بالتعاون مع الحكومة العراقية برنامجا يتناغم مع الوضع الاقتصادي والمالي الراهن، ويهدف الى اخراج البلد من محنته الاقتصادية والمالية، ويتمحور البرنامج المذكور حول أربع ركائز اساسية:
الركيزة الاولى// إدارة الضغوط الخارجية
 وتشمل التدابير الرئيسة في سياق ذلك الحفاظ على ربط سعر الصرف باعتباره ركيزة اسمية رئيسة لتحقيق الاستقرار في مستويات الاسعار. بالإضافة الى إزالة قيود الصرف المتبقية تدريجيا وتعزيز مكافحة غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب لوقف الطلب غير القانوني والمضاربة على العملات الأجنبية.
الركيزة الثانية// تصحيح المسار المالي مع حماية الفقراء 
 تواصل الحكومة العراقية تنفيذ سياسات ضبط أوضاع المالية العامة، ومعظمها من خلال تخفيض النفقات الرأسمالية غير الكفوءة، مع حماية الإنفاق الاجتماعي. ويساعد ذلك على دفع الإنفاق العام إلى مستوى مستدام يتلاءم مع عائدات النفط. وبالتالي ينبغي على الحكومة تصميم وتنفيذ سياسات جديدة للإيرادات والنفقات قادرة على تحقيق التوازن غير النفطي وتحقيق القدرة على تحمل الديون. 
الركيزة الثالثة// تعزيز إدارة المالية العامة والحد من الفساد 
 لتحسين الانضباط المالي ورفع جودة الإنفاق تسعى وزارة المالية الى اصدار تشريعات جديدة لإدارة المالية العامة واصدار تقارير الجداول المالية وفقا للمعايير الدولية وتعزيز ضوابط الالتزام وإدارة النقد وإجراء دراسات استقصائية منتظمة للتدقيق والمراقبة للحد من المتأخرات وتحسين إدارة الديون بمساعدة الجهات الدولية.
الركيزة الرابعة// مراقبة المخاطر المالية للحفاظ على استقرار القطاع المالي
يجري اتخاذ خطوات مهمة لتعزيز الإطار القانوني للبنك المركزي العراقي وكذلك إعادة هيكلة البنوك المملوكة للدولة وتعزيز المعايير الاحترازية والرقابة المصرفية بدعم من مستشارين دوليين. بالإضافة إلى ذلك فان البنك المركزي العراقي بحاجة الى سياسات جديدة للحد من عمليات غسيل الأموال واحكام السيطرة على مزاد العملة الاجنبية ومكافحة تمويل الإرهاب وتعزيز تشريعات مكافحة الفساد للمساعدة في تحسين تكامل النظام المالي في العراق.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/24



كتابة تعليق لموضوع : آفاق الاقتصاد العراقي بعدسات صندوق النقد الدولي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net