صفحة الكاتب : نجاح بيعي

لماذا الوسط والجنوب ..ألأنّه معقل الشيعة ؟!.
نجاح بيعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 كانت تطرق سمعي بين الفينة والفينة , أخبارا ً وأحداثا ً محليّة وإقليمية ودولية متفرقة وبعناوين شتى من هنا وهناك , سواء من إعلام محلي أو إقليمي أو دولي , وكانت تذيّل بالأعمّ الأغلب بمقولة ( سيتأثر بها الوسط والجنوب ) من العراق ؟. وكنت أحسب أن الخبر من هذا النوع عادي وغير ملفت للنظر . ولأني ربما أتمتع ( بحاسة ) أو موهبة حفظ الخبر بالإجمال واسترجاعه وربطه بالآتي , وكأني أقرأ بين ثنايا الخبرين ما خبأه الآخرون عبر الأيام والسنين . فاستوقفتني جملة ( سيتأثر بها الوسط والجنوب ) وسألت نفسي لماذا تكررت هذه الجملة وتتكرر بإعلامنا وإعلامهم ؟.

كانوا قد أذاعوا أن الحصار الشامل من قبل , وعدم تقديم الخدمات اليوم بسبب الفشل والفساد إنما سيتأثر بها الوسط والجنوب وستزداد به معدلات الجهل والمرض والفقر . وقالوا : لذا فهو مُهيئ للإختراق الفكري والسياسي والديني والاجتماعي .. , وسيكون عرضة لحركات ارتدادية فكريّة واجتماعية وسياسية , تنظيميّة ذات طابع تخريبي ودموي . فأظهروا لنا حركة جند السماء المقموعة في الوسط والجنوب . وظهرت حركة الصّرخي التي قمعت بمهدها كذلك في الوسط والجنوب , وظهرت حركة اليماني أيضا ً في الوسط والجنوب . حتى صار كل مَن هبّ ودبّ وقد ( لبس العمامة المزيفة ) وراح ينفث سمومه عبر فضائيات مأجورة ( وكام يشمّر حجار على المرجعية وعلى الشيعة وعلى الشعائر ) في الوسط والجنوب . ومنهم الموسومون اليوم بالتشيع اللندني والأميركي والمحلي والإقليمي المجاور . وبانحراف العملية السياسية وجعلها ترتكز على المحاصصة السياسية , فكرّست الفساد وانعشته حتى ساد بفضلها على كل مفصل من مفاصل الدولة , فانعكس بعدم تقديم الخدمات بكل مرافق الحياة وخصوصا في الوسط والجنوب . فتغلغل فساد الأحزاب المبطن بالعقيدة والمذهب , والمغلف بالوطنية والشفافية وسيادة القانون , بكل مناحي الوسط والجنوب , فتمادت الأحزاب بطغيانها حتى اغتنت وترهلت بنهب المال العام , فانشق بعضها عن بعض , فتزاحمت فيما بينها حتى احتدم الصراع , فاقتتلوا وتدافنوا واغتالوا بعضهم بعضا ً , وتمت تصفية بعضهم بعضا ً , ونسفت مقار بعضهم بعضا ً , فحرّقوا وأحرقوا وفجّروا ونسفوا وقتلوا بعضهم بعضا ً على حساب الوسط والجنوب . وأذاعوا بعد عام 2003م ,أي  بعد سقوط الطاغية الصنم , الصنم الذي لعنه الجميع , ولكنه بقدرة قادر لملم شظاياه وما تبعثر منه نتيجة ضرب معاول الغضب والحنق والإنتقام من قبل أهل الوسط والجنوب تشفيّا ً لحريتهم وكرامتهم ودمهم المهدور على يديه اليهوديتين لأكثر من ثلاثة عقود , وأعاد الصنم بعضه بعضا ولاذ بنفسه مجددا ً ليجده أهل الوسط والجنوب مسؤولا ً حزبيا ً إسلاميا ً أو يجده مسؤولا بمنصب حكومي دمج ( يستغفر الله ) ويدعوه بيدين تختمت بالعقيق اليماني , وبلحية ( ملقوطة ) ناعمة ( محددة ) وهو يردّد ( يا ليتنا كنا معكم ) مشفوعا ً بجهاد وهمي ضد الطاغية يمتد ( الى الوراء ) بأثر رجعي الى اكثر من ثلاثين سنة , وهو يجلس وراء مكاتب حزبية إسلاميّة وحكومية وقضائية وتعليمية , تنفيذيّة وسياديّة في دولة هي بعرف الجميع والعالم يحكمها أهل الوسط والجنوب . واذاعوا أن من آثار الغزو الثقافي الغربي المنحرف والمتمثل الأنترنت وما حوى  للعراق , سيتأثر بها الوسط والجنوب , وأبرزوا ظاهرة ( الإيمو ) وعبدة الشيطان وكأنها غزت الوسط والجنوب . وألحقوا بأنّ معدلات التحرش الجنسي قد زادت في الوسط والجنوب . وأنّ العنف الأسري وقتل الشرف والطلاق وظاهرة هروب البنات من أسرهنّ والهجرة لكلا الجنسين وتشغيل الأطفال والقتل والإنتحار وغيرها قد زادت في الوسط والجنوب !. وأذاعوا بأن تركيا ستبني سدا ً مائيّا ً عملاقا ً , وقالوا سيموت الوسط والجنوب متأثرا ً بتقليل منسوب الماء . كما أذاعوا أن داعش سينسف سد الموصل وقالوا سيتأثر بها الوسط والجنوب . وتكرر الأمر مع سد حديثة  وقالوا سيتأثر بها الوسط والجنوب .وحينما احتدم الصراع المصاحب لقانون حظر الخمور قالوا سيتأثر بها الوسط والجنوب لأن هناك مزارع للخشخاش والمخدرات . وحينما تمت سرقة نفط الشمال بشكل ممنهج بالإتفاق مع الطبقة السياسية المتصديّة الفاسدة ووضع اليد على كل منافذ التجارة وتبادلها الحدودية , ونهبت ثروات الدولة العراقية كافة  من قبل حيتان الفساد السياسية وتوزعت فيما بينها , ولاحت بوادر تمزيق السلم الأهلي بدلق الطائفية بالساحة العراقية من دنان الفساد والأجندات الخارجية والحزبية والمناطقية والفئوية وزعامات وقيادات وأمراء الحرب , وظهر قرن الفتنة ( الحرب الطائفية ) فجاست حينها القاعدة في الديار قتلا وتقتيلا بالمفخخات والعبوات والتفجيرات , حتى نصبت خيام ومنصات الاعتصام وظهرت ( داعش ) التي ابتلعت ثلثي العراق , قالوا إنما الهدف هو الوسط والجنوب. لماذا دائما الوسط والجنوب ؟ وما يمكن أن يكون في الوسط والجنوب ؟. حتى أتهموا بالخيانة والعمالة والصفوية والشعوبية , ونالوا من المرجعية العليا و نالوا من الشعائر الحسينية , حتى غدا كل منحرف يلوك بحرف أو كلمة سوء إلا ( وزاعها ) وقذف بها نحو الوسط والجنوب !.
ولكني وما إن زحفت الليالي والأيام والساعات وصرنا وصار الوسط والجنوب يعيش ذكرى أربعينيّة الإمام الحسين ( ع ) وتسارعت قدماي لتحطّ على طريق ( يا حسين ) وما إن لاحت لعينيّ رايات ( المشّايه ) المليونيّة , تتقدم ذلك الإفعوان الذي لفّ الوسط والجنوب وباقي مدن العراق , وهو يتجه كالطوفان نحو كربلاء الشهادة , لزيارة أربعينيّة سيد الشهداء الإمام الحسين ( ع ) , حتى جالت بخاطري ما حيك ويحاك من مؤامرات , وصالت بذهني تلك الأخبار المتناثرة بين ثنايا الذاكرة الحيّة !. فحثثت الخطى بلا شعور مني نحو ( المشّايه ) يسوقني بشكل غريب شوقا ً بلا قرار , ويحدوني حبا ً مفعما ً نحوهم , فاستقبلتهم بعينين دامعتين , احتضنت بعضهم واحتضنوني مبتسمين , كانوا شعثا ً غبرا ً تتراقص الشمس على وجوههم الملفوحة بأشعتها , إثر رفرفة الرايات المحمولة وهم يرددون ( لبيك يا حسين ) , فوقع عليّ شيئا ً من غبارهم فشدّني اليهم أكثر , طاطأت رأسي صاغراً لأقبّل أقدامهم التعبى , حتى جاءت قُبلتي نديّة بدمع الشوق وأنا أطبعها على يبوسة قدم قد لفحتها الشمس والريح .  ولكني وفي الأثناء خلت سمعت شيئا ً وطرق أذني , وأنا أنظر الى خفق احذيتهم وهي تطرق الأرض , أصخت السمع ونظرت وكأن الأرض راحت تتكشف عن خفق أقدام بشر في زمن سالف مضى بذات الإتجاه نحو الحسين .. ونظرت وكأني رحت أسبر غور الماضي  , فأرخت العنان لنفسي , فلم يمضي وقت طويل حتى انكشفت لعينيّ طف كربلاء  بمكان ما في الوسط والجنوب , وإذا بي أسمع أحد أبطالها بوضوح ملفت , إنه سعيد بن عبدالله الحنفي يصرخ بصوت اختزل الزمان وزوى التاريخ وهو يخاطب الحسين .. « والله لو علمت أني أقتل فيك ثم أحيى ثم أحرق حيا ثم أذرى في الهواء يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك » .
فعرفت أن هدفهم من وراء مقولة ( سيتأثر بها الوسط والجنوب ) هم تدمير الوسط والجنوب لأنه معقل الشيعة .. فهيهات !.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نجاح بيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/20



كتابة تعليق لموضوع : لماذا الوسط والجنوب ..ألأنّه معقل الشيعة ؟!.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net