صفحة الكاتب : ادريس هاني

تاريخ مزيف ولا يزال
ادريس هاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 هذا تاريخكم يا عرب..لم يكتب بأمانة..تاريخ معرور..غير مقنع..تاريخ كتب للسيلسة بالسياسة وفي السياسة..تاريخ رهن عقلا سياسيا وفنونا وثقافة للعناد والباطل..تاريخ سفيه، محرّف، متناقض...في العادة الغالب هو من يكتب التاريخ لكن كذلك لا ننسى أنّ أنذالا ضعفاء كتبوا التاريخ أيضا..
تحوّل التاريخ إلى دين، وإلى وجبة للتحشيش..ارتهن العرب للتاريخ من دون منهاج به يفهمون أو يعيدون كتابة ما لم يكتب أو ما كتب ولكنه غير مقنع أو ما لم يكتب إن كتب كيف كان سيكتب..وحتى اليوم لا يزال العرب يكتبون حاضرهم مثلما كتبوا تاريخهم..بالتأكيد كتب التاريخ العربي بلغة بليغة..لغة تضارع الشعر..ولكنه مضمون يخلط بين الواقع والأسطورة..تأسطرت أسطريوغرافيتنا..وعزّ ان يتتورخ تاريخنا..لأنّ الماضي بات حكاية دينامية مفصولة عن النقد..هي تؤثّر في الحاضر بينما الحاضر بكل ما شهده من ثورات (تتريخية) لا يؤثر في ماضي صلب كأنه جلمود صخر..
التخاطب بالحقيقة عند العرب اليوم يعيدنا إلى عصر تحريف التاريخ نفسه..الحقيقة تتكرس في التاريخ من دون إعمال نظر أو تحقيق..تتدحرج الحقيقة من أفواه المافيا والنّور وشذّاذ الآفاق والقوّادين والعملاء الطويل منهم والقصير..كم من حقيقة دستها قحيباء في جيب مكبوت متحرّق ليتقدّس بها في عجر التفاهة وبجرها..تاريخ كتب ولا زال يكتب في أوكار التآمر والجهل البسيط والمركّب...
ارتهن تاريخ ماضينا وتاريخ حاضرنا للقراصنة والحقراء وأهل الحسد والكراهية والدجّالين والعواهر، وكل قحبة وقحب عربي يتواطؤون على نبل القيم العربية ومروءة الحقيقة ونقائها..إنّ تاريخنا هو نزوات وتخاريف وعصبيات..ولازال لكل زاوية من تاريخنا كاهن يحرس المعبد..
من يا ترى له الحق أن يكتب تاريخ الأمم؟ من له الحق أن ينطق عن الماضي أو يستنطق الحاضر؟ هل التاريخ يكتبه الدّراري والآبقين؟ أم الجبناء والدخلاء على التّاريخ نفسه؟ لكي تكتب تاريخا يجب أن تكون شجاعا..شاهدا وشهيدا..فيا ما كان في تاريخنا من سقط سهوا في المشهد ليكتب تاريخا مترنّحا تلعنه الحقيقة..
إنّ الأذن العربية اليوم هشّة وضعيفة ولا تحسن الإنصات إلاّ إلى الشّاذّ والناذر..القابلية لسماع تاريخ مزيّف جزء من انحراف الخطاب التاريخي العربي..نحتاج إلى مؤرّخ الكذب..من يحصي أكاذيب المؤرخين المزيفين..مؤرخ المؤرخ..أو حتى أولاد الشوارع الذين باتوا يؤرّخون للحقيقة..
إنّني أتعلم كتابة التاريخ مما أعيشه اليوم.. ومما أتأمّله اليوم..ومما يصدمني اليوم..ومما يضحكني اليوم..ومما يزعجني ويبكيني اليوم..كيف يصبح الزيف حقيقة والحقيقة زيفا .. مهمّة المؤرخ النبيل شاقة ومضنية..لأنّ الوفاء للحقيقة أمر ناذر جدّا..ففي كل مجال هناك حقيقة وباطل..في كل مستوى من مستويات التقطيع السوسيوثقافي والسياسي توجد الحقيقة ونقيضها..لا تتعجّب إن كان حول الصالحين منافقون احترفوا تمثّل شعارات القدّيسين بينما هم قردة خاسئين......فلا تزعجكم بلايا الزمان المرّ ومفارقات الحياة، اعتبروها وجبة بيداغوجية لفهم أمثل للتاريخ..أكاد أجزم بأن الحاضر كان مدرسة لفهم الماضي..فالتاريخ ليس هو الماضي فحسب بل هو الحاضر أيضا..
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ادريس هاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/05



كتابة تعليق لموضوع : تاريخ مزيف ولا يزال
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net