صفحة الكاتب : محمد السمناوي

أثار الذنوب والمعاصي
محمد السمناوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قال تعالى ((كلا بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون))سورة المطففين اية14

                                     
                                        بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الرسول الأمين محمد وعل اله الطيبين الطاهرين سيما بقية الله في الأرضين الحجة بن الحسن الماء المعين.
من الواضح إن بين الأمراض الصحية التي يعانيها الإنسان وبين الذنوب والمعاصي التي يقترفها شبه قوي في نشأتهما.
فكما تنشأ اغلب الأمراض عن مخالفة الدساتير الصحية التي وضعها الأطباء وقاية وعلاجا للأبدان كذلك تنشأ الذنوب عن مخالفة القوانين الإلهية والنظم السماوية التي شرعها الله تبارك وتعالى لإصلاح البشر وإسعادهم.
 وكما يختص كل مرض بأضرار خاصة وأثار سيئة تنعكس على المريض في صور من الاختلاطات والمضاعفات المرضية كذلك الذنوب والمعاصي فأن لكل نوع منها ضررا سيئا فادحا وأثارا خطيرة تسبب للإنسان الوان الماسي والشقاء.
ولئن اشتركت الأمراض والذنوب في  الإساءة والأذى فأن الذنوب أشد نكاية وأسوأ أثرا من الأمراض لماذا ؟لان الأمراض المرتبطة بالجسد سهلة العلاج وبخلافها الأمراض المتعلقة في النفوس التي يصعب علاجها.
لذلك كانت الذنوب سموما مهلكة وجراثيم فاتكة في الإنسان وتعرضه لصنوف الأخطار والمهالك.
الذنوب :جمع ذنب وهو الإثم وعرف بأنه مايحجب العبد عن الله وجمع الذنب باعتبار تنوعه.
وللذنوب والمعاصي أثارا شتى  وهي أثار سلبية فردية واجتماعية ودنيوية وأخروية واليك جملة من هذه الاثارالسيئة منها
1- تأثيرها على روح الإنسان وقلبه:()كلا بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون))سورة المطففين اية14
الرين: هو الطبع على القلب والمراد من الآية الكريمة هو الذنب على الذنب حتى يسود القلب وقد ورد في الحديث:((مامن عبد مؤمن الاوفي قلبه نكتة بيضاء فأن أذنب خرج تلك النكتة نكتة سوداء فأن تاب انمحت وان تمادى في الذنوب اتسع ذلك السواد حتى يغطي البياض فإذا غطى البياض لم يرجع إلى خير أبدا))إرشاد القلوب46/1اصول الكافي 2/273 وقال المولى أمير المؤمنين (عليه السلام ):((ماجفت الدموع إلا لقسوة القلوب وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب))انظر علل الشرائع81 وسائل الشيعة 11/337  وقال (ع):((لا وجع أوجع للقلوب من الذنوب))انظر الكافي 2/275 وكذلك بحار الانوار73/242
2- تأثيرها على عبادة الإنسان ودعائه: إن كثرة الذنوب تسلب توفيق الطاعة والعبادة والتلذذ بالدعاء والمناجاة مع قاضي الحاجات كما أنها تمنع الإجابة.
عن الصادق عليه السلام:((إن أدنى مااصنع بعبد اثر شهوته على  طاعتي أن احرمه لذيذ مناجاتي)) انظر إحياء علوم الدين 4/52 وجاء رجل إلى حضرة علي عليه السلام وشكا له عدم قيام الليل فأجابه الإمام عليه السلام أنت رجل قيدتك ذنوبك.
وعن الصادق عليه السلام :((إن الرجل ليذنب الذنب فيحرم صلاة الليل وان العمل السيئ أسرع في صاحبه من السكين في اللحم))أصول الكافي 2/272  وعنه عليه السلام : إن الرجل ليكذب فيحرم بها صلاة الليل فإذا حرم صلاة الليل حرم الرزق ))انظر التهذيب2/122  وقد ورد في دعاء كميل :((اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء .......فأسألك بعزتك أن لا يحجب عنك دعائي سوء عملي وفعالي)) ولا يفوتنا الانتفاع بذكر مقطع من دعاء الإمام السجاد عليه السلام الذي علمه  لصاحبه أبي حمزة الثما لي حيث قال فيه:((اللهم إني كلما قلت قد تهيأت وتعبأت وقمت للصلاة بين يديك وناجيتك ألقيت علي نعاسا إذا أنا صليت وسلبتني مناجاتك إذا أنا ناجيت مالي كلما قلت قد صلحت سريرتي وقرب من مجالس التوابين مجلسي عرضت لي بلية أزالت قدمي وحالت بيني وبين خدمتك سيدي لعلك عن بابك طرتني وعن خدمتك نحيتني........))
3- زوال النعم الإلهية بسبب الذنوب والمعاصي: ((ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون))الأعراف الآية 96  وقد ورد في دعاء كميل ((اللهم اغفر لي الذنوب التى تغير النعم))
             
                      إذا كنت في نعمة فرعها                     فان المعاصي تزيل النعم

عن الصادق عليه السلام:(( ماانعم الله عبد نعمة قط فسلبها إياه حتى يذنب ذنبا يستحق بذلك السلب))انظر بحار الانوار73/377 عنه أيضا عليه السلام:(( إن العبد ليذنب الذنب فينسى به العلم الذي كان يعلمه))بحار الانوار73/377

                  شكوت إلى حكيم سوء حفظي        فأرشدني   إلى ترك المعاصي
                 وقال   اعلم   بأن   العلم   نور        ونور الله  لا  يؤتاه    عاصي


4- حلول النقمة وجلب المصائب
  قال تعالى:((وما إصابتكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير))الشورىالاية30 وعن الصادق عليه السلام :((مامن بلية ولا نقص رزق ولا عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولامرض حتى الخدش إلا بذنب))الكافي 2/269 وعن النبي الخاتم (ص واله) :((مااختلج عرق ولا عثرت قدم إلا بما قدمت أيديكم))بحار الانوار81/194  وعنه صلى الله عليه واله وسلم:((إذا غضب الله عزوجل على امة ولم ينزل العذاب غلت أسعارها وقصرت أعمارها ولم يربح تجارها ولم تزك ثمارها ولم تغن أنهارها وحبس عنها الأمطار وسلط عليها أشرارها))انظر الوافي 3/173
5- عذاب الآخرة وعقابها قال تعالى :((ومن يعص الله ورسوله فأن له نار جهنم)) الجن 23  وروي :(( من أذنب وهو ضاحك دخل النار وهو باك))انظر ثواب العمال 246 وسائل الشيعة 11/240
5- تلويث النفس فالذنب يحدث فيها قسوة وظلمة والقسوة والظلمة تؤديان إلى الجرأة والوحشية والذي يطلع على تـأريخ بني إسرائيل يجد  أنهم في ليلة واحدة قتلوا أربعمائة نبي وفي اليوم الثاني ذهبوا إلى أسواقهم وتجارتهم وكأنهم لم يرتكبوا هذه الجرائم البشعة.
إن جميع الأمراض القلبية ليس أمرا تكوينيا أي أن الإنسان لم يخلق قاسي القلب بل هو أمر كسبي أي يبتلى به الإنسان من جراء أقواله وفعاله القبيحة.
6- نزول البلاء قال تعالى :((فأهلكناهم بذنوبهم )) فالباء سببية أي بسبب الذنوب والمعاصي تحقق نزول البلاء الإلهي وقد ورد في الحديث من يموت بالذنوب أكثر ممن يموت بالآجال.
7- تسبب الذنوب حجابا بين العبد وخالقه قال تعالى :((كلا بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون ثم انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون)) حجابا بين العبد وربه وبينه وبين صاحب العصر والزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء.
 وفي قصة ذهاب علي بن مهزيار الاهوازي إلى مدينة سامراء للتشرف بلقاء الإمام الحسن العسكري وولده المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف حيث سأله الإمام العسكري عليه السلام ما الذي جاء بك يابن مهزيار ؟ قال جئت أسألك عن الإمام المحجوب أي المهدي عليه السلام , فقال له الإمام عليه السلام والله ليس بمحجوب عنكم إنما حجبه سوء أعمالكم وأفعالكم.
8- ثقل الأوزار التي يحملها العاصي على ظهره  ورد في الخبر: (( وان ظهوركم ثقيلة بأوزاركم فخففوا عنها بطول سجودكم)) وهذا الثقل يرافقه إلى العالم الأخر وقد بين الإمام زين العابدين ذلك بشكل واضح وصريح بقوله بالدعاء:((ابكي لخروجي من قبري عريانا ذليلا حاملا ثقلي على ظهري)) دعاء أبي حمزة الثما لي.
سمي الذنب وزرا لثقله وسمي الوزير وزيرا لأنه يحمل أعباء الدولة وثقلها .
ملاحظة : الوزير الذي يحمل أعباء الدولة بكل إخلاص قد انقضى وانصرمت أيامه هذا العصر عصر العقود الوهمية المزورة مع شركات النصب والاحتيال  بمبالغ طائلة وضخمة  بمليارات الدولارات كما  نشاهد بعض الوزارات الخدمية  كوزارة الكهرباء مع شديد الأسف على هؤلاء الذين يعيشون في أجواء الغفلة والانغماس بالذنوب وأي ذنوب هي أعظم من سلب حقوق المحرومين  من أبناء هذه الأمة.
 إن هذه الدنيا لاتستحق أن يكون الإنسان فيها سارقا فاشلا يملأ بطنه بأموال ثم تكون عاقبته جهنم وبئس المصير والله إن الشراب من ماء ساقية واكل الخبز اليابس لهو اشرف من عيشة السراق
 
يقول الشاعر:    رغيف خبز يابس تأكله في زاوية          وكف   ماء  بارد  تشربه  من   ساقية
                     وغرفة  ضيقة  نفسك  فيها  خالية          أو مسجد بمعزل عن الردى في ناحية
                     تتلوا به صحيفة  مستدثرا  ببارية          خير من التيجان وقصور ودار  عالية
9-تؤجج النار على الظهر ورد في الحديث ينادي ملك في أوقات الصلاة:(( قوموا إلى النيران التي أوقتموها على ظهوركم فأطفؤها بصلاتكم))
10- قساوة القلب هي الناتجة من الذنوب والمعاصي ورد في الحديث (ماقست القلوب الالكثرة الذنوب).

                         هذا والحمد لله اولا واخرا وظاهرا وباطنا
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد السمناوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/08/09



كتابة تعليق لموضوع : أثار الذنوب والمعاصي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net