صفحة الكاتب : محمد علي مزهر شعبان

إقتلوا زينب
محمد علي مزهر شعبان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 يقول المستشرق الاوربي، إدوارد مونتاغيوا : اقتلوا زينب .
علام ايها السيد هذه الدعوة الى القتل ؟ 
حين قرأت تبريرك، وتركت عواطفي وميولي، وجدتك محقا، حين يرعبك خطاب امراءة منذ الف سنة، لتؤسس الى تهديم عروش الطغاة، في تنظير قل نظيره، حين انبرت تلك الشامخه ونظرت الجموع ، تفرست في وجوه احست بالمهانة ، ورجولة اخذها الانهيار ، وارجل واهنه تحمل اجساد ارعدها معيار الشرف والعهد المنقوض ، بقايا من الحياء وقد قصف الرؤوس بالوهن والخجل من نكث بيعة وتراجع مهين، فكانت شخوصهم برمتها تريد ان تسمع ما يؤنبهم على خذلان . وقفت ابنة علي ابن ابي طالب ، مسترسلة مدركة واعية ، ثاقبة الرؤى ، تعرف ما تريد ، وتنتخب المفردة التي لا يؤجل لها قرار ، كانوا ينظرون اليها ، أبية ضيم ، كتلة من صبر تعجز عنه الصم الصياخيد ، بيرغ رسالة لا يطويه ابن سميه، ذاك لقيط بوابات البصره، وشموخ لا يحنيه عظم مصيبة الاحبة المضرجين على رمضاء كربلاء، وتواصل لا يفك اواصره سقوط الرجال، لتحمل النساء مشوار التبشير والتنوير لرسالة جدها محمد ص . رغم جو الإرهاب والإرعاب ، وانتشار الآلاف من الشرطة والجواسيس ، وهم في حالة التأهب والإستعداد، خوفاً من هياج الناس، وخنقاً لكل صوت يرتفع ضد السلطة،إنها فارسة العصور. 
محقا فيما تدعي ايها السيد المستشرق، بعد ان اضرمت النار في القلوب ، وهزت المشاعر وايقظت النفوس المتخدرة ، فأفاقت على الحقيقة التي اوضحتها العقلية في خطبتها التي اعجزت البلغاء ، ودقت أجراس الثورة والفداء ضد الظلم والفساد، ومن هنا يتجسد قولك بعد ان امتدت زينب عبر العصور اذ يبعث فيك الرعب لتقول : من هي هذه المرأة!!? 
إن أقوالها تفلق الحجر لقوتها وهي امرأة، إنها تهدد عرشاً عظيماً، عرش يزيد بن معاوية . يزيد و حسب ما تعرفنا على سيرته هو من أشباهنا نحن الغربيين ....نحن في أوروبا نتعاطى الخمور، و نتسلى بالمراقص الليلية، و نتسامر عبر العلاقات الجنسية و غيره الكثير.
أما زينب فهي شبيهة بالسيدة العذراء . حقيقة نعترف فيما بيننا أن هذه المرأة تشكل خطراً كبيراً يهدد ليس فقط عرش يزيد بل كل عرش مثل عرش يزيد .
إذن زينب تهددنا نحن أيضاً، من أين قطعت أن يزيد لن يكون بإمكانه محو ذكرها هي و عائلتها . إن هذا التحدي يجب أن يوضع على طاولة البحث و التحليل، و من أين قطعت أن رأيه سيكون بدداً و أن عرشه سيسقط . إن السيدة العذراء عندنا لم تتحدى الأمبراطور الكبير، و لا زعيم كهنة الكنيسة. 
إذن زينب أخطر من العذراء بكثير.
تلك هي زينب الخطر الذي يداهم الامبراطوريات، واستعماريات الشعوب، وحكم الطغاة، وقطع نحور الاحرار . هكذا لم تمر عابرة، بل أسست للارادة المواصلة والمثابرة، فأقلقت القريب والبعيد. ان تفسيرك فيه من الابعاد، من الضرورة ان يكترث به امثالك لما للخطاب من قوة تاثير عبر الازمان، وللارادة الديمومة في تواصل لم تنفك عراه، حين يكون القوة الدافقة لكل الاحرار. وليس من الغرابة قولك : لكن ما هي القوة التي كانت تهدد بها مملكة يزيد ؟
هذا ما يدفعنا للتأمل و التخوف ،إن زينب هذه يجب أن تموت ، و يجب أن لا تأتي زينبات أخريات ، وإلا هلكت عروشنا .يجب أن نقتل كل زينب. و لذا يتحتم علينا معرفة كل ما تحمل من زينب من مبدأ أو قيم أو خلق ام فكرأو سياسة فنضع لها كمينا نسحقها حتى نقلل من شأنها، علينا أن نؤسس ثقافة تطارد زينب و تحطمها فلا تجد لها من يقتدي بها فيموت أثرها شيئا فشيئا فتخلو لنا عروشنا. 
أعزائي نحن نقدس السيدة العذراء و لكن لم نحسب لها اي حساب سياسي، أما هذه الزينب فحسابنا السياسي لها يفوق كل حساب آخر.
هنا قوة زينب، في شخصية نادرة الوجود، لم تبك الا في خلوتها في اناء الليل، ولم تتهاوى او تهن، شامخة وهي تعصف بالرؤوس الخاوية والخائنه، ولم ينل منها الخوف قيد انمله . تناولت القضية كتسليم من قائد لقائده، ومن خطاب الاحرار الثوار في ساحة الوغى، الى من اقلقت الارض وهزت العروش . صلبة وهي تضع الحقائق السماوية وشريعة الاحرار اذ تخاطب بكل ازدراء طاغية عصره : لقد جئتم بها صَلعاء عَنقاء سَوداء فَقماء ، خَرقاء شَوهاء ، كطِلاع الأرض وملء السماء. أفعجبتم أن مطرت السماء دماً ، ولعذاب الآخرة أخزى ، وأنتم لا تُنصَرون . فلا يَستَخفّنكم المُهَل ، فإنّه لا يَحفِزُه البِدار ، ولا يَخافُ فَوتَ الثار ، وإنّ ربّكم لبالمرصاد . 
أي شخصية تلك السيدة، وهي تسقط الاعمدة واركان الحكم على رؤوس الادعياء، حين تنبري بكل كبرياء، في مجلس كهربت اوصاله وتجمدت اوداجه اذ ضربت خياشيم وعنفوان القتلة اذ تقول : مع اني والله يا عدو الله وابن عدوه استصغر قدرك واستعظم تقريعك ، غير ان العيون عبرى والصدور حرى وما يجزى ذلك او يغني وقد قتل الحسين عليه‌السلام ، وحزب الشيطان يقربنا الى حزب السفهاء ليعطوهم اموال الله ، على انتهاك محارم الله. فهذي الأيدي تنطف من دمائنا ، وهذه الأفواه تتحلب من لحومنا ، وتلك الجثث الزواكي يعتامها عسلان الفلوات.فلئن اتخذتنا مغنماً ، لتجدنا مغرماً حين لا تجد إلا ما قدمت يداك.
اذن فعقيلة الهاشمين ليست تلك البكاءة النواحة المنهارة .نعم الحزن لهيب يعتمر في صدرها، نعم الاسى مزق نياط جنانها، وهي تنتقل بين جثة اخ حبيب واخر كفيل وابن اخ في عز الفتوة وفتية في غرة الكينونة . نعم كل هذا قائم ومتحرك في خوالج صدرها، ولكن القيادة تحتاج ارادة صلبة يختفي بين ثناياها حزن عميق في لوح الذات.امراءة فاقت قدرات الصبر، حين تنهال المصائب، فأدت المهمة وحفظت النساء والاطفال، وانتصر شموخها على كبرياء الطغاة .فثارت الكوفة بتوابيها الوفا ، واهتزت الكنانة غضبا ، واعلنت الحجاز ثورة ، وتواصل التاريخ عنوانه اللعنة على الطغاة . فزينب ليس مجلس عزاء ورثاء فحسب بل هي مفخرة الثوار وطريق الاحرار وسيدة العصور قصاد الظلم . وعز القائل :
ولو ان النساء كمثل هذي ...... لفضلت النساء على الرجال

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد علي مزهر شعبان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/10/09



كتابة تعليق لموضوع : إقتلوا زينب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : معتز عبد ، في 2021/08/20 .

السلام عليكم
بحثت فلم احد اسم مستشرق اوروبي بهذا الاسم
هل بالامكان ان تدلنا على مصدر المقالة الاصلي
تحياتي




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net