صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

التقارب الشيعي التركي ومرحلة تهدئة الصراع
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  يمكن التمييز بين موقفين للشيعة من تركيا، ومن قضايا المنطقة والعالم ومن الأحداث في البلدان العربية، الأول، وجداني إنفعالي مرتبط بالعقيدة الشيعية، ونوع الصراع السائد والخلاف العميق في المبتنيات الفكرية لدى المسلمين الذين توزعوا على مذاهب مختلفة، وهو المألوف في النظرة الى العلاقة بين السنة والشيعة على مدى العصور الماضية، والذي تأطر أكثر بالحراك الديني في العراق، وقيام الثورة الإسلامية في إيران، وبروز القوة الشيعية على المستويين الفكري والعسكري في البحرين والسعودية واليمن وسوريا ولبنان ومصر، وإمتدادات ذلك الى البلدان العربية كافة، وتحوله الى حراك فكري ثقافي في بلدان من أفريقيا وآسيا وأوربا، مع إنتشار الحوزات الدينية والمراكز الثقافية، وماقامت به إيران خلال السنوات الثلاثين الماضية حيث رسخت الكيان الشيعي كوجود مستقل بديناميكية عالية.

 
الموقف الثاني إستراتيجي يخضع لمعادلات الصراع في المنطقة والعالم، لايشارك فيه عامة الشيعة، وقد يرفضونه ولايفهمونه في الغالب، ولكنه معتمد لدى الدوائر العليا في منظومة القرار الشيعية، واللاعب الأكبر فيه هو طهران التي تكاد تكون عاصمة المنظومة الشيعية في العالم، والتي تتبنى حاليا إتخاذ القرارات ذات الصلة بالمواقف الإستراتيجية.. عامة الشيعة لايفقهون كثيرا في لماذا تدعم طهران حركة حماس والمجموعات السنية الفاعلة في الأراضي المحتلة، ولماذا تدعم حركة الإخوان المسلمين في تركيا الأوردوغانية وفي مصر والخليج وبلاد الشام مع إن الإخوان المسلمين مجموعة أصولية سنية متشددة، وتتخذ في الغالب مواقف حادة من الأوضاع السائدة خلاف مايراه الشيعة الذين ينتقدونها بقسوة، ويعبرون عن خشية من قوتها ووجودها وتأثيرها، ففي حين فرح عامة الشيعة بسقوط الحركة في مصر، وصعود الجنرال السيسي وبما فيهم شيعة مصر، كان موقف طهران مختلفا حيث رمت بثقلها وراء الحركة، وماتزال تدعمها.
 
في تركيا سارعت طهران لحماية نظام الرئيس رجب طيب أوردوغان، ونشرت قوات عسكرية على الحدود التركية ليلة الإعلان عن الإنقلاب العسكري في إستنبول وأنقرة منتصف تموز 2016 وقد ظهر جليا الموقف الإيراني الرسمي الرافض للإنقلاب والمناقض لموقف مصر والسعودية والإمارات ودول في أوربا كانت قلقة من الدور التركي المضطرب والداعم لحراك لاتريده الرياض والقاهرة وهو الموقف المرتبط بنوع التحالف الإخواني الممتد من إستنبول حتى شمال أفريقيا مرورا بالخليج. وبينما كان الشيعة في العراق وفي دول الخليج ومصر يعبرون عن سعادتهم للأحداث التي كادت أن تودي بحكم الإخوان المسلمين في تركيا، كانت إيران تتصرف، وتتخذ مواقف رسمية تبتعد تماما عن موقف الشارع الشيعي.
 
إستراتيجيا وهو ماتعيه طهران فإن من مصلحة الشيعة أن تتقوى حركة الإخوان المسلمين الأصولية، وأن يترسخ نظام الإخوان في تركيا وبعض الدول العربية، فالأصولية الدينية تحتمي ببعضها البعض، وتديم حضورها من خلال قوة الآخر الحليف، ولهذا فمن الطبيعي أن يكون موقف الشيعة في العراق متباينا ويتخذ شكلين، الأول. وجداني إنفعالي ليس مهما، والآخر. إستراتيجي مرتبط بالموقف الذي تتخذه إيران سواء من تركيا، أو من الأحداث في بقية البلدان العربية والعالم، وهو ماسيحدد طبيعة الوجود الشيعي الذي يدار عبر الدهاء الإيراني وليس الوجدان الشيعي.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/09/21



كتابة تعليق لموضوع : التقارب الشيعي التركي ومرحلة تهدئة الصراع
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net