صفحة الكاتب : اسعد كمال الشبلي

القاتل المجهول وحسرات اليتيمة..!
اسعد كمال الشبلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في وحشة المساء ونحو باب الدار الكئيبة، هرولت قدماها الدقيقتان، يسيرهما الهم والذكريات ،بعدما سمعت أصوات الحزن والمأساة قادمة من فوهة البندقية، معلنة بداية همجية لعرس أحد الشباب.. ومع كل خطوة آه عميقة تشق جدران الصبر،حتى وصلت تلك الطفلة الصغيرة وفتحت الباب قليلا وتألمت وتأملت..
هل أنها مناسبة لموت أب جديد بعد أبي ؟!
مع كل اطلاقة تسيل منها دمعتان بريئتان؛ دمعة لفقد اﻷب، وأخرى لفقد أب جديد سيزهق التخلف روحه! فما أحن قلبها الصغير النقي من قلوبهم السوداء !
وبصوت خافت نادت: هل تعلمون أن رصاصاتكم تخترق قلبي العليل قبل أن تخترق صدور اﻷبرياء ؟! هل تقبلون أن تيتم بناتكم برصاصات غيركم؟ أم أنكم تخشون عليهن من شيئين كما تخشون على أنفسكم؛ تخشون على أعمارهن التي لا تطيق ألم فراق اﻷب، وتخشون أيضا من حسراتهن اللواتي يقطعن أفئدتهن ﻷن قاتل اﻷب غير معلوم حتى يتم القصاص منه !
هكذا أنا مررت بماتخشون منه ؛ فقبل شهر وفي يوم صادف فيه فوز لمنتخب بلدي الجريح في مباراة كروية، عبر قاتل أبي المجهول عن فرحه بالرمي العشوائي، كان نصيب والدي من رميه رصاصة اخترقت صدره الضمي بعد أن عاد من العمل ظهيرة صيفنا الملتهب،فسقط والدي ضحية عادة جاهلية، لا.. بل حتى الجاهلية كانوا يفرحون بسلام إلا نحن ! ومن ذلك الحين، أصبح جسمي الرقيق ممرا لتقاطع شهقات الفراق مع حسرات مجهولية قاتل أبي المظلوم.
من هو قاتل أبي ؟! من المستبعد أنه يعرف بأنه قاتل لنفس بريئة، وهنا سالت دموعها مرة أخرى ، وهذه الدموع ليست لفقد أبيها ولا لفقد اﻷب الجديد، وانما كانت حزنا على قاتل أبيها! ﻷنه ظلم نفسه وأبعدها عن رحمة ربه وقطع طريق الغفران، كذلك فإنه لايعرف من القتيل فكيف يتراضى مع ذويه ويدفع لهم الدية لتكون سببا ربما للمغفرة أوتخفيف العقوبة اﻹلهية ! يا لها من مظلومية كبيرة جناها بنفسه على نفسه!
بكت مرة أخرى، ولكن بدمع أحمر مصدره الحرقة على شباب نزفت دماؤهم بعد أن أصابهم العدو بغتة في سوح القتال مع الارهاب، وهم في حالة يرثى لها من قلة الذخيرة الحربية! فنادت بصوت عال لماذا تتناثر هذه الاطلاقات فوق مدننا الآمنة لتحصد أرواح اﻷبرياء وهناك من هو بأحوج مايكون لها في مدن القتال !
وهنا لم تتمالك الطفلة نفسها، وسقطت فوق الارض ثم اتكأت على الحائط الذي لا زال أثر حمرة دم أبيها المظلوم طاليا مساحة صغيرة منه، وشمت ذلك اﻷثر، وقالت منكسرة يائسة : رحلت يا أبي ضحية لهمجية فئة من المجتمع تعبر عن فرحها بالقتل !.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسعد كمال الشبلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/09/18



كتابة تعليق لموضوع : القاتل المجهول وحسرات اليتيمة..!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net