صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

بابيلون ح30
حيدر الحد راوي

اسرع الثوار نحو الوحوش المتدحرجة التي قد علقت في الجرف , رموهم بالحجر , حتى يفتح الوحش فتحته ليخلص نفسه , فيجد ان سيوف الثوار في انتظاره ! . 

امر ينامي الحكيم الثوار ان يحفروا حفرا كبيرة خلف الدنكاليون , لكن في جهة مختلفة , فما ان يشن المتدحرجون هجومهم عليها بعد ان اكتشفوا وجود الجرف الترابي في تلك الناحية , سيبتعد الدنكاليون ليفسحوا المجال للمتدحرجين ان يقعوا فيها , فيسرع الثوار ليسكبوا عليهم الزيت ثم يحرقونهم . 

تناقص عدد الوحوش المتدحرجة بشكل واضح , لكن الوزير خنياس قرر استمرارهم في القتال حتى اخر وحش منهم , وعلى هذا المنوال استمر القتال حتى ابيدت الوحوش المتدحرجة عن بكرة ابيها! . 

تقدم القائد دنكاليون من ينامي الحكيم معربا عن شكره لتقديم المساعدة : 

- لقد ساعدتنا ... فساعدناك ... انتم الان اصدقاء لنا ! .  

في خضم القتال الدائر بين وحوش الدنكاليون والزناكل , تقدم الضابط سيساميرون من القائد خنكيل ليطلب منه الاذن في القتال , أذن له , هيأ سريته المكونة من مئتا خنكلي , بينما هو كذلك تقدم نحوه المزيد من حوش الخناكل طالبين منه ان يسمح لهم بالقتال معه , لم يك يملك الامر , فرمق القائد خنكيل بنظرة , لاحظ الاخير اندفاع الخناكل وحماسهم , فأومأ له اشارة القبول , رحبوا فرحين , وانطلقوا الى الميدان بهمة ونشاط  , وعزم منقطع النضير , احتدموا بقتال حامي الوطيس , استمر حتى الليل .   

- قد حلّ الظلام والقتال لا يزال مستمرا بين الدنكاليون والزناكل ! . 

- ذلك لانهما قادرين على القتال ليلا . 

- لا زالت جيوش خنياس مرابطة في اماكنها لم تنسحب ! . 

- سيشنون هجوما بعد قليل ... يجب ان نكون مستعدين ! .

اشعل مشاعل النار في جيوش الوحوش , الوفا مؤلفة , ألتفت ينامي الحكيم الى قادة الثوار قائلا : 

- سيهجمون الان ... خذوا مواقعكم ! .  

تحركت المشاعل نحوهم , تتدفق كما الماء , يتموجون كأمواج البحر , لكنهم ما ان وصلوا الى معسكر الثوار لم يجدوا احدا , لقد اختفى الجميع , فقط وحوش الدنكاليون وبعضا من الخناكل لا زالوا يقاتلون في الميدان الواسع , شرعوا يحرقون الخيام , كما ولاحظوا ان لا احد قرب قاذفات اللهب , استغربوا الامر , اندهشوا لذلك , شعروا انهم في كمين , لكن ليس هناك من خطر , لم يتعرض احدهم لهجوم من اي نوع كان , ففكر بعض الضباط ان يستولوا على قاذفات اللهب , ليعطبوها , او يحرقوها , لكنهم بمجرد ان اقتربوا منها , تدفقت عليهم النبال والرماح , والحمم النارية من كل مكان , حلّ بهم الذعر , تدافعوا متراجعين لكن عددهم الضخم منعهم , او عرقلهم , لم يفلحوا في الانسحاب , في محنتهم هذه , اندفع الثوار من سفوح الجبال ومن فوق الاشجار ومن اماكنهم الاخرى التي كانوا يختبئون فيها , مما زادهم ذعرا واضطرابا , حلت بهم نازلة مروعة !.  

استمروا حتى الصباح التالي , حلقت ألوفا من الوحوش الطائرة لتنتشل جيوش الوحوش من ورطتهم تلك , فتصدت لها قاذفات اللهب , وتصدى لها وحوش الدنكاليون بسهامهم الفتاكة , وايضا وحوش الدنكاليون الطائرة , فكان هذه المرة اشتباكا جويا بينها وبين وحوش الامبراطورية , تبادل راكبيها التناوش بالسهام والرماح والسيوف في بعض الاحيان .  

غصت الارض بالدم وامتلأت بالأشلاء , حتى لم يخلو موضع قدم  منها , بدت وكأنها معركة مصيرية , او انها الملحمة الاخيرة لهذا القتال المقيت . 

وصلت تعزيزات كثيرة لوحوش الدنكاليون , وكذلك وصلت تعزيزات كثيرة للثوار , وتعزيزات اخرى من الوحوش جاءت لتناصر القائد خنكيل يتقدمها البشري رديح المصارع , الذي كان قد ارسله ليجوب مدن الوحوش مبلغا عنه , فتمكنت اعدادا كبيرة منها من الهروب رغم الاجراءات الصارمة التي تفرضها جيوش الامبراطورية , اشتبكوا مباشرة , مما رجح كفة الثوار وانهزام جيوش وحوش الامبراطورية , لكن الوزير خنياس لم يستسلم بعد , بل بدا وكأنه ينتظر امرا ما , يحدق في ساحات المعارك من على سفح احد الجبال , ثم امر بإطلاق ابواق الانسحاب التدريجي لجيوشه , فانسحبوا تدريجيا , وتقدم الثوار ومن معهم الى الميدان المكشوف , تقدم ازاء تراجع , حتى جاءت لحظة الحسم , حيث جيوش وحوش الامبراطورية تحصنت بالجبال والاشجار وصخور الوديان في الطرف الاخر من الميدان , عندها امر الوزير خنياس بإطلاق الوحوش العملاقة , كأنها الديناصورات تخطو بخطى ثقيلة , مما يتيح لراكبيها تسديد نبالهم ورماحهم لمن تحتهم من الثوار , كانت الوحوش العملاقة مترسة بدروع من الحديد , فلم تنفع حيل الثوار وسيوفهم في التصويب الى قوائمها , ولم تعمل فيها نبالهم ورماحهم كذلك , ثم انهم كانوا في ميدان مكشوف , حيث لا اشجار ولا صخور يمكنهم الاختباء فيها , بعد ذاك امر الوزير خنياس بإطلاق قاذفات الحجارة , فاطلقت المئات من الصخور الملتهبة وغير الملتهبة , تلتها ألوفا من الوحوش الطيارة ترميهم بوابل من الحجارة والسهام والرماح من طواقمها , تحول النصر المؤقت الى يوم اسود .       

بدا الوزير خنياس فرحا بهذا النصر , وهو يرى تشرذم فلول اعداءه هنا وهناك , من غير وعي ولا هدى , يحدق في قادتهم والضباط يحاولون اعادة تنظيمهم ورص صفوفهم لكن من غير جدوى , ضغط الهجوم كان شديدا .

بينما هم كذلك , برق بريق في السماء , خطف الابصار سناه , ارتعبت الوحوش من شدته , بل ذعرت وكأنها تعرفه او تعرف مصدره , ألتفت ينامي الحكيم هنا وهناك , كأنه يبحث عن شيء , او ربما مصدر لمعان ذلك الوهج , الى ان وقعت انظاره على القائد خنكيل الذي كان يحدق مبهوتا في احدى الجهات , كان يريد ان يتكلم .. لكنه لم يقو على النطق , على الفور حدق ينامي الحكيم في تلك الجهة , فسره ما شاهد , اراد ان يصرخ مبشرا الثوار , لكن لسانه تلعثم كأن الطير قد اكلته , حتى سمع الثوار يصرخون فرحا : 

- لقد جاء ( هو ) ! . 

- هناك ... هناك ! . 

- لم يأت لوحده ... بل جلب معه ثلاثون فارسا ! . 

انزعج الوزير خنياس لذلك الضوء , كأن ضوء الشمس ينعكس في مرآة على عينيه , بهت لرؤيته , وبهتت الوحوش العملاقة , بل واصيب بعضها بالذعر والاضطراب , فأفلتت ازمتها , وتساقط راكبيها .  

في الشاشة الصغيرة لدى الوزير خنياس ظهرت صورة الامبراطور , بدا مضطربا , صارخا قال : 

- الان يا خنياس اقض عليه ! . 

- سوف اقضي عليه حتما ... لقد جاء الى حتفه ! . 

هرع ينامي الحكيم والقائد خنكيل يرافقهما قادة الثوار لاستقباله , حالما اقتربوا من موكبه ترجلوا , فتوقف ( هو ) ومن معه وترجلوا جميعا , تعانق الجميع عناقا مرا , بدا ( هو ) غير راض , فاستهل قائلا معاتبا : 

- ثلاثة اسابيع ولم تتمكنوا من اقتحام ايروس بكل هذا الجيش ! . 

- لديهم المزيد من الجيوش ! . 

التفت نحو مكان تجمع فيه الجثث , وقال : 

- لماذا كل هذا العدد يموت ... الم تكن لديكم خططا افضل من ذلك ؟ ! . 

- أعيتنا الحيل سيدي الكريم .  

ثم التفت للقائد خنكيل قائلا : 

- لا اعني بكلامي كثرة الموتى من البشريين ... بل واعني كثرة الموتى من ابناء قومك ايضا ! . 

- لقد بذلنا قصارى جهودنا لننهي القتال باقل الخسائر ... لكننا لم نفلح ! . 

- لا بأس عليكم ... اليوم سنرى وسائل جديدة ... اكثر حفظا للدماء ! .  

انسحب الثوار ومن معهم من ارض الميدان الى المعسكرات , وكذلك غادرت جيوش الوحوش الى ثكناتها , فامر ( هو ) بحفر خنادق صغيرة امام خط جيش الثوار , ملئوها بالزيت , حالما ارخى الليل سدوله اضرموا النار فيها , فارتفعت سحابة كبيرة من الدخان , حملتها الرياح الخفيفة الى معسكر الوحوش , ابتلعت المعسكر على كبر حجمه . 

*** يتبع


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/09/09



كتابة تعليق لموضوع : بابيلون ح30
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net